أوراق بعيدة عن دجلة
هدية حسين
ما بين موت وموت، وخلاص وموت، على أرض الوطن أو في المنافي القصية، يكتب محسن الرملي أوجاعنا.. يحرث في رؤوسنا فتخرج الذكريات التي حاولنا نسيانها أو تناسيها لعلنا نجد حياة أخرى لما تبقى من أعمارنا.
يكتب في الوقت الذي يعترف فيه بأن الكتابة هي القشة التي أوهمت الغريق بالإنقاذ.. ولكن لا بأس، فلعل الموج العاتي يقذف القشة فنمضي الى بر الأمان.
لقصص محسن الرملي طعم الأوجاع، أو بالأحرى هي الأوجاع ذاتها، تلك التي لم يتسع لها صدر البحر، قصص عاشها القاص ودوّن في أوراقه وداخل رأسه كل تفاصيلها لتعود إلينا من بريد غربته وهي تقطر حنيناً وتجيء باحثة عن وجوهنا الباحثة بدورها عن أجوبة لأسئلة الحنين.
من بغداد الى أربيل ، الى الموصل، والبصرة، الثكنات العسكرية وشوارع الخوف.. إعدام الأخ، وموت الأم كمداً وحسرة، غربة الروح وفقدان الأصدقاء، وحكايات الحب المضاع.. هكذا جاءت تلك الأوراق فلنقرأها معاً ونستعيد بعض ما سقط من ذاكرتنا بفعل البحث عن أوطان بديلة.
القصة الأولى مهداة الى روح القاص محمود جنداري، حيث الصمت الذي له مذاق الفراق، وحركة اللغة الهامسة حين تتحول الى صراخ .. القصة بعنوان(ضيم صميت وأهله) يبدؤها محسن الرملي من خبر انتحار الشاعر يسينين بأحد فنادق لينينغراد، وكان قد ترك قبل انتحاره أبياتاً من الشعر كتبها بدمه.. وبين موت يسينين وموت الكثير من أبناء العراق بطرق مختلفة يكون الصمت طرفاً فيها، يروي لنا محسن الرملي أكثر من حكاية صامتة.. حكاية زوج الأخت الذي طرد من جهاز الأمن السري(لأسباب صامتة) وهو الرجل الذي يغلب عليه الصمت.. وحكاية الأب الذي كان يعمل حفاراً في فرق التنقيب عن الآثار تحت إمرة رجل انكليزي، ومن هنا،من مواقع التنقيب ندخل في صمت الحجر في قطع الآثار، وندخل كذلك الى عمق القصة.. فالأب الصامت طيلة الوقت يواصل تدخين سيجارته أثناء الاستراحة، وعندما همّ العمال بمواصلة العمل كان هو مغلفاً بسحابة شرود، أرادوا إيقاظه فمنعهم الانكليزي وراح يراقبه حتى انتهت السيجارة ولسعت أصابعه، فانتبه وأراد اللحاق بعمله في الكهف إلا أن الانكليزي أوقفه وأراد معرفة ما يفكر فيه هذا الرجل.
- بماذا تفكر؟
- بلا شيء.
لم يقتنع الانكليزى... فيما يذهب بنا القاص الى عمق التاريخ ليفسر لنا على لسان (أبو بكر الرازي) و(الخليل بن أحمد) ماذا تعني كلمة الصمت،والأفعال، والمعاني التي جاءت منها، ليصل الى حكمة الراوي حفيد الصامتين، إذ يرى (أن صمتنا هو تعبير عن عجزنا أمام فهم لغز الحياة).
قصة(رحّال ومهرتي جرحي) مهداة الى القاص عبد الهادي السعدون)رفيق الترحال في بغداد وعمّان ومدريد.. إنها استذكارات لما بعد السفر وذكريات وتوجسات ومشاهد كثيرة ظلت عالقة في رأس القاص الذي هو محور القصص جميعها، أخذها معه وهو يغادر بغداد.. ولبغداد خوف أبنائها،دموعهم، خراب بيوتهم، حرق مكتباتهم وتجفيف أنهارهم، وفيها أيضاً هولاكو العصر الذي دمّر هو وأبناؤه كل شيء، تراث الأجداد والأبناء والأحفاد.. لكن الرؤوس التي يقطعها هولاكو ما تلبث أن تينع وتعيد بدموعها نهر دجلة.. وها هو المسافر يستذكر كل تلك العذابات ويحط في بغداد، بين أصحابه، فيسألونه عن مدريد، ويحكي لهم عن الحرية هناك وعن الحب المباح في الشوارع، تجحظ عيونهم ويلفهم الخوف فيتلفتون.
يأتي المسافر بشوق الى بغداد فيأخذونه فوراً ليخدم الضباط بحجة خدمة العلم.. ومن حرب الى حرب الى قهر، الى قتل، الى محرقة، الى خراب متواصل، فيهرب الى عمّان ومنها الى مدريد ثانية ليحكي لرفيقه عن بغداد التي تتغير كل يوم وتنزع جلدها مثل أفعى أحرقوا جحرها لتغادره فاحترق جلدها ولم تعد تغادر مكانها.
وما تزال الذاكرة تنزف.. ففي قصة(لبن أربيل) مرّ الجندي بأربيل، ربما كانت ثكنته العسكرية هناك، لم يشأ إطلاق رصاصة على معلم من معالمها وتحديداً قلعة أربيل التاريخية، ولا يريد تخريب شارع من شوارعها، أحب هذا الجندي فتاة كردية تدعى شيرين، وبرغم أنه الآن في منفاه فإن شيرين تأتي من غيابها وتتوهج في رأسه وتعيده الى أربيل.
هي قصة حب غير مكتملة، تنشأ في المسافة الممتدة بين باب الدار التي تسكنها شيرين والدبابة الرابضة أمام تلك الدار.. إنها قصة بوح ونجوى تستدعي مجسات القلب والجسد وتتجول في سوق القلعة، وعين كاوة، وصلاح الدين، وشقلاوة، وكويسنجق، ورانية، وحقول عباد الشمس، بين الحب والأمل والمستحيل، تمضي القصة أيضاً الى دوائر الاستخبارات وصمت الجثث في كردستان، تلك الجنة التي تجري من تحتها أنهار الدم،حلبجة، وحصاروست، قصائد كوران، شهرزور، الشلالات والأصوات الجنوبية التي تحط على أرض أربيل، داخل حسن بصوته الموجوع بالحنين، وزهور حسين وهي تصدح بالمقامات والبستات، ويحط الرصاص أيضاً على الأسطح وفي الأزقة ونوافذ القلعة.
قصة يكتبها محسن الرملي وهو في منفاه فتمتد حروفها بين سان سباستيان وأربيل.. هنك رقص، وهنا ينهمر الرصاص.. وقد يأتي الرصاص أحياناً من منظمة إيتا فيخلخل أمان السياح، ثم تلمع عيون شيرين بين رصاصة وأخرى.
ويستمر الوجع العراقي في قصة(إحديدابات) وجع الشباب المساقين الى الحروب الخاسرة، أو الفارين منها الى المنافي، وجع ممتد منذ أزمنة بعيدة.. من أيام السلاجقة والعثمانيين والفرنسيين والإنكليز و(الهولوكات) التي مرت على أرض نينوى، حتى مجيء(الرئيس) الذي صال وجال وقتل وأخذ ولم يعط إلا الخراب.
موت لا يشبه الموت، الهاربون منه أخذوا معهم ذكرياتهم وذاكراتهم النازفة، وبلادهم التي تحترق بين نهرين عظيمين، فكأنهم لم يغادروا وكأن أوجاعهم استقرت في الأرواح وأبت إلا أن تعيش وتتجدد في الغربة.
أخذوا كذلك الأمكنة.. بعشيقة، بعسانيا، النمرود، بئر الذهب، الشيخان،تلعفر، تلّسقف، السلامية، المشراق، الشرقاط، القيارة، وكل الأمكنة الحبيبة، جمعوا عدة سفرهم من زاد الطفولة وألعابها وزاد الحرائق التي سكنت الرأس واستوطنت الروح.
محسن الرملي الذي يرى أن الدنيا كلها سجون يهدي قصة(أنا الذي رأى.. وثائق) الى كل المسجونين، ويعني كل البشر، فهذه الأرض التي نعيش عليها ما هي إلا سجون، يبدأ السجن من الرحم، ثم.. الجسد، البيت، الحب،الوطن، اللغة، الأوراق، القبر، الجنة والنار.. ليبقى السؤال شاهراً وجعه في وجوهنا: لماذا كل هذه السجون؟
حين خرج محسن الرملي من بغداد الى مدريد لم تكن معه أوراق قانونية فوضعوه في سجن حتى يبتوا بأمره.. وهذه القصة تتناول ذلك الخوف من المجهول، هو الذي جاء من وطن تشتعل الحرائق فيه كل يوم، وتشتعل الذاكرة برغم السنين التي انقضت فتعيدنا الى سجون الوطن.. سجون الجيش حيث الدبابات التي تحاصر أجساد الجنود، سجون الحارثية، ونقرة السلمان، أبو غريب وغرائب أحكامه على ضحاياه.. ثم سجون الوطن العربي وسجون العالم.. أينما تمضي ثمة سجن بانتظارك حتى آخر يوم من عمرك ليستقبلك بعدها سجن القبر.
هذه القصة مرفقة بوثائق.. صورة غائب طعمة فرمان الذي غاب عن الوطن أعواماً طويلة ومات في الغربة.. صورة حسن مطلك الذي أعدمه النظام السابق.. صورة الجواهري.. مقاطع من عبارات شعبية، وشخصيات مشهورة في أعمال أدبية، أبيات من الشعر ومقتطفات من قصص أو روايات، أسئلة بلا أجوبة، صور قتلى وخرائط لوطن الحروب، نخيل وأشهر أبيات للجواهري... لتعود القصة بعد ذلك وتأخذ مسارها في الكلمات فتحكي عن(صُمبابا) الذي حوّل البلاد الى ضيعة له، وسجون لشعبه.
أوراق كثيرة كتبها محسن الرملي بعيداً عن دجلة، من منفاه تجيء إلينا مضمخة بأوجاعه ... وإبداعه الأصيل.
-------------------------------------------
*نشرت في صحيفة (الرأي) الأردنية، نيسان 2008.
يكتب في الوقت الذي يعترف فيه بأن الكتابة هي القشة التي أوهمت الغريق بالإنقاذ.. ولكن لا بأس، فلعل الموج العاتي يقذف القشة فنمضي الى بر الأمان.
لقصص محسن الرملي طعم الأوجاع، أو بالأحرى هي الأوجاع ذاتها، تلك التي لم يتسع لها صدر البحر، قصص عاشها القاص ودوّن في أوراقه وداخل رأسه كل تفاصيلها لتعود إلينا من بريد غربته وهي تقطر حنيناً وتجيء باحثة عن وجوهنا الباحثة بدورها عن أجوبة لأسئلة الحنين.
من بغداد الى أربيل ، الى الموصل، والبصرة، الثكنات العسكرية وشوارع الخوف.. إعدام الأخ، وموت الأم كمداً وحسرة، غربة الروح وفقدان الأصدقاء، وحكايات الحب المضاع.. هكذا جاءت تلك الأوراق فلنقرأها معاً ونستعيد بعض ما سقط من ذاكرتنا بفعل البحث عن أوطان بديلة.
القصة الأولى مهداة الى روح القاص محمود جنداري، حيث الصمت الذي له مذاق الفراق، وحركة اللغة الهامسة حين تتحول الى صراخ .. القصة بعنوان(ضيم صميت وأهله) يبدؤها محسن الرملي من خبر انتحار الشاعر يسينين بأحد فنادق لينينغراد، وكان قد ترك قبل انتحاره أبياتاً من الشعر كتبها بدمه.. وبين موت يسينين وموت الكثير من أبناء العراق بطرق مختلفة يكون الصمت طرفاً فيها، يروي لنا محسن الرملي أكثر من حكاية صامتة.. حكاية زوج الأخت الذي طرد من جهاز الأمن السري(لأسباب صامتة) وهو الرجل الذي يغلب عليه الصمت.. وحكاية الأب الذي كان يعمل حفاراً في فرق التنقيب عن الآثار تحت إمرة رجل انكليزي، ومن هنا،من مواقع التنقيب ندخل في صمت الحجر في قطع الآثار، وندخل كذلك الى عمق القصة.. فالأب الصامت طيلة الوقت يواصل تدخين سيجارته أثناء الاستراحة، وعندما همّ العمال بمواصلة العمل كان هو مغلفاً بسحابة شرود، أرادوا إيقاظه فمنعهم الانكليزي وراح يراقبه حتى انتهت السيجارة ولسعت أصابعه، فانتبه وأراد اللحاق بعمله في الكهف إلا أن الانكليزي أوقفه وأراد معرفة ما يفكر فيه هذا الرجل.
- بماذا تفكر؟
- بلا شيء.
لم يقتنع الانكليزى... فيما يذهب بنا القاص الى عمق التاريخ ليفسر لنا على لسان (أبو بكر الرازي) و(الخليل بن أحمد) ماذا تعني كلمة الصمت،والأفعال، والمعاني التي جاءت منها، ليصل الى حكمة الراوي حفيد الصامتين، إذ يرى (أن صمتنا هو تعبير عن عجزنا أمام فهم لغز الحياة).
قصة(رحّال ومهرتي جرحي) مهداة الى القاص عبد الهادي السعدون)رفيق الترحال في بغداد وعمّان ومدريد.. إنها استذكارات لما بعد السفر وذكريات وتوجسات ومشاهد كثيرة ظلت عالقة في رأس القاص الذي هو محور القصص جميعها، أخذها معه وهو يغادر بغداد.. ولبغداد خوف أبنائها،دموعهم، خراب بيوتهم، حرق مكتباتهم وتجفيف أنهارهم، وفيها أيضاً هولاكو العصر الذي دمّر هو وأبناؤه كل شيء، تراث الأجداد والأبناء والأحفاد.. لكن الرؤوس التي يقطعها هولاكو ما تلبث أن تينع وتعيد بدموعها نهر دجلة.. وها هو المسافر يستذكر كل تلك العذابات ويحط في بغداد، بين أصحابه، فيسألونه عن مدريد، ويحكي لهم عن الحرية هناك وعن الحب المباح في الشوارع، تجحظ عيونهم ويلفهم الخوف فيتلفتون.
يأتي المسافر بشوق الى بغداد فيأخذونه فوراً ليخدم الضباط بحجة خدمة العلم.. ومن حرب الى حرب الى قهر، الى قتل، الى محرقة، الى خراب متواصل، فيهرب الى عمّان ومنها الى مدريد ثانية ليحكي لرفيقه عن بغداد التي تتغير كل يوم وتنزع جلدها مثل أفعى أحرقوا جحرها لتغادره فاحترق جلدها ولم تعد تغادر مكانها.
وما تزال الذاكرة تنزف.. ففي قصة(لبن أربيل) مرّ الجندي بأربيل، ربما كانت ثكنته العسكرية هناك، لم يشأ إطلاق رصاصة على معلم من معالمها وتحديداً قلعة أربيل التاريخية، ولا يريد تخريب شارع من شوارعها، أحب هذا الجندي فتاة كردية تدعى شيرين، وبرغم أنه الآن في منفاه فإن شيرين تأتي من غيابها وتتوهج في رأسه وتعيده الى أربيل.
هي قصة حب غير مكتملة، تنشأ في المسافة الممتدة بين باب الدار التي تسكنها شيرين والدبابة الرابضة أمام تلك الدار.. إنها قصة بوح ونجوى تستدعي مجسات القلب والجسد وتتجول في سوق القلعة، وعين كاوة، وصلاح الدين، وشقلاوة، وكويسنجق، ورانية، وحقول عباد الشمس، بين الحب والأمل والمستحيل، تمضي القصة أيضاً الى دوائر الاستخبارات وصمت الجثث في كردستان، تلك الجنة التي تجري من تحتها أنهار الدم،حلبجة، وحصاروست، قصائد كوران، شهرزور، الشلالات والأصوات الجنوبية التي تحط على أرض أربيل، داخل حسن بصوته الموجوع بالحنين، وزهور حسين وهي تصدح بالمقامات والبستات، ويحط الرصاص أيضاً على الأسطح وفي الأزقة ونوافذ القلعة.
قصة يكتبها محسن الرملي وهو في منفاه فتمتد حروفها بين سان سباستيان وأربيل.. هنك رقص، وهنا ينهمر الرصاص.. وقد يأتي الرصاص أحياناً من منظمة إيتا فيخلخل أمان السياح، ثم تلمع عيون شيرين بين رصاصة وأخرى.
ويستمر الوجع العراقي في قصة(إحديدابات) وجع الشباب المساقين الى الحروب الخاسرة، أو الفارين منها الى المنافي، وجع ممتد منذ أزمنة بعيدة.. من أيام السلاجقة والعثمانيين والفرنسيين والإنكليز و(الهولوكات) التي مرت على أرض نينوى، حتى مجيء(الرئيس) الذي صال وجال وقتل وأخذ ولم يعط إلا الخراب.
موت لا يشبه الموت، الهاربون منه أخذوا معهم ذكرياتهم وذاكراتهم النازفة، وبلادهم التي تحترق بين نهرين عظيمين، فكأنهم لم يغادروا وكأن أوجاعهم استقرت في الأرواح وأبت إلا أن تعيش وتتجدد في الغربة.
أخذوا كذلك الأمكنة.. بعشيقة، بعسانيا، النمرود، بئر الذهب، الشيخان،تلعفر، تلّسقف، السلامية، المشراق، الشرقاط، القيارة، وكل الأمكنة الحبيبة، جمعوا عدة سفرهم من زاد الطفولة وألعابها وزاد الحرائق التي سكنت الرأس واستوطنت الروح.
محسن الرملي الذي يرى أن الدنيا كلها سجون يهدي قصة(أنا الذي رأى.. وثائق) الى كل المسجونين، ويعني كل البشر، فهذه الأرض التي نعيش عليها ما هي إلا سجون، يبدأ السجن من الرحم، ثم.. الجسد، البيت، الحب،الوطن، اللغة، الأوراق، القبر، الجنة والنار.. ليبقى السؤال شاهراً وجعه في وجوهنا: لماذا كل هذه السجون؟
حين خرج محسن الرملي من بغداد الى مدريد لم تكن معه أوراق قانونية فوضعوه في سجن حتى يبتوا بأمره.. وهذه القصة تتناول ذلك الخوف من المجهول، هو الذي جاء من وطن تشتعل الحرائق فيه كل يوم، وتشتعل الذاكرة برغم السنين التي انقضت فتعيدنا الى سجون الوطن.. سجون الجيش حيث الدبابات التي تحاصر أجساد الجنود، سجون الحارثية، ونقرة السلمان، أبو غريب وغرائب أحكامه على ضحاياه.. ثم سجون الوطن العربي وسجون العالم.. أينما تمضي ثمة سجن بانتظارك حتى آخر يوم من عمرك ليستقبلك بعدها سجن القبر.
هذه القصة مرفقة بوثائق.. صورة غائب طعمة فرمان الذي غاب عن الوطن أعواماً طويلة ومات في الغربة.. صورة حسن مطلك الذي أعدمه النظام السابق.. صورة الجواهري.. مقاطع من عبارات شعبية، وشخصيات مشهورة في أعمال أدبية، أبيات من الشعر ومقتطفات من قصص أو روايات، أسئلة بلا أجوبة، صور قتلى وخرائط لوطن الحروب، نخيل وأشهر أبيات للجواهري... لتعود القصة بعد ذلك وتأخذ مسارها في الكلمات فتحكي عن(صُمبابا) الذي حوّل البلاد الى ضيعة له، وسجون لشعبه.
أوراق كثيرة كتبها محسن الرملي بعيداً عن دجلة، من منفاه تجيء إلينا مضمخة بأوجاعه ... وإبداعه الأصيل.
-------------------------------------------
*نشرت في صحيفة (الرأي) الأردنية، نيسان 2008.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق