الأربعاء، 27 مايو 2020

3 ملاحظات تخص رواية تمر الأصابع / أمين دهماص


ثلاث ملاحظات تخص رواية (تمر الأصابع)
أمين دهماص
ـــ الجزائر ـــ
التمر في تمر الأصابع
يرد ذكر التمر في رواية (تمر الأصابع) للكاتب العراقي (محسن الرملي) ثلاثين 30 مرة، إذ يتكرر مرة كل سبع 7 صفحات، فمنه يأخذ الكاتب عنوان النص.
يمثل التمر دواء، إذ أعطاه الملا عبد الحميد في حفنة إلى الجد مطلق بعد أن عضه كلب، صفحة 10، ولكن إذا زاد عن حدّه قد يتسبب في العلّة، فسبب نحافة الجد كونه قد أصيب بمرض السكري لهوسه بالتهام الحلوى والتمر، صفحة 28، ويمثل التمر الحنين فقد تشهى بطل النص سليم التمر المقلي بالزيت في الزنزانة، صفحة 13، ويمثل أيضا عادة شخصية فقد كانت ابنة عمه عالية تدهن نهديها بالتمر، صفحة 25، ونتيجة لهذا يتولّد الحنين من التمر بتذكّر سليم لنهدي عالية المطليين بالتمر، صفحة 47.
والتمر مرادف لكل بيت عراقي، فلم يكن يخلو بيت سليم أبدا من كيس تمر يتكئ في إحدى زواياه، صفحة 28، وحتى في المسجد كيس التمر، صفحة 92، والتمر غذاء العراقيين وهم في المهجر، إذ اكتفى سليم بأكل تمرتين وعلبة لبن صغيرة وهو يعيش في إسبانيا، صفحة 43، وتناول سليم تمرتين بعد الاغتسال، صفحة 76، وخارج العراق يأخذ العراقيون معهم التمر، روسا وتمر والد سليم، صفحة 147
كما يستعمل السارد في الوصف، فرأس إصبع زوجة الجد الأولى نازف بحجم تمرة، صفحة 29، وعن حبيبته عالية لشفتيها طعم التمر والإنسان، صفحة 68، والزغب على شاربها يراه سليم مؤخرا للمحافظة على عسل التمر، صفحة 70.
أما عنوان النص (تمر الأصابع) فقد استلهمه من عادة مصّ الأصابع والشفاه المطلية بالتمر، صفحة 61، بعد أن وجد سليم له مخدعا مع حبيبته ابنة عمه عالية، كان سليم يجلب معه إلى مخدع لقائه بعالية حفنة تمر، صفحة 68، وكانت عالية تحبّ التمر كثيرا، صفحة68، ودبق التمر الذي بقي في أصابعهما مصّاه لهذا أعجبهما كثيرا، صفحة 68.
وبهذا علاوة على كون التمر عنصرا رئيسا في العنوان، وفي السرد فإنه مرادف لتيمة الحب. تحتفظ عالية بأكثر التمرات طراوة، وتمرر التمرة الخاوية من النواة على أصابعها مثل خاتم ثم تمنحه الأصابع إلى سليم ليمصّها صفحة 69+ 70 أحيانا تترك عالية التمرة في الخاتم ليأكلها سليم قبل مصّ الأصابع، صفحة 70، وأحيانا تطلي شفتيها بالتمر، صفحة 70، ولاحقا صارت عالية تطلي نهديها بعصير التمر، صفحة 71.
كما أن التمر يمثل عنصرا مشتركا بين شخوص النص، عالية مثلي ومثل جدّي في عشق التمر، صفحة 71، مثل عائلتنا المهووسة بالتمر، صفحة 93، سليم وفاطمة وطلي الشفاه بالأصابع بالتمر، صفحة 150، والده وروسا والتمر، صفحة 150.
ويمثل التمر أيضا الأسى والحزن فبعد غرق عالية لم يجد سليم أي رسالة منها وتذكر صدرها المطلي بالتمر، صفحة 75، أنيسي مع التمر، صفحة 75.  
في النص يعيد السارد ذكر التمر كل 15 صفحة، الذي هو مرادف للحنين، وللتذكّر، ولتقنية الارتداد. خلاصة القول إن السارد حين وضع التمر في عتبته النصية (العنوان)، استخرج منه داخل النص جلّ معانيه، وسماته الظاهرة والباطنية، فليس النص بمعزل عن العنوان.
    وإن كنا نقرأ نصا وحكاية، فإننا أيضا في (تمر الأصابع) للكاتب العراقي (محسن الرملي) نأخذ التمر كعنصر أساسي داخله، ويفتح لنا مجال القراءة والتأويل.


من تقنيات الانتقال السردي
الكاتب العراقي (محسن الرملي) في روايته (تمر الأصابع) ينتقل بنا بين مكانين مختلفين ثقافيا وحضاريا، من العراق بلاد الرافدين إلى إسبانيا في أوروبا، عبر لقاء سليم بوالده نوح في مرقص بإسبانيا بعد عشر سنوات، لا تحسّ كقارئ بالرتابة تلك من تأشيرة، وسفر في الطائرة. يترك الكاتب لنفسه حرية انتقال بطل نصه (سليم) بين الحنين إلى العراق وبين العيش في إسبانيا. بين اضطهاد النظام لعائلته القشامر في العراق، وبين الحرية في إسبانيا، بين حبّه لعالية وهلاكها في النهر هناك في العراق وبين حبّه وزواجه من المغربية فاطمة في إسبانيا.
السارد لا يتوقف في المطار معجبا بطائرة فقد قرأت نصا قبل سنوات لكاتب يصف لنا عملية الركوب في الطائرة، وتوجيهات المضيفة عن ربط حزام الأمن، أمر كهذا لا يهم القارئ في شيء، لأنه يركب الطائرة دائما، ولكن لا يتسنى له العيش في العراق، وهذا ما يطلبه من الكاتب أن ينقله إلى العراق عبر نصه، كما قرأت نصا قبل أشهر يتحدث فيه السارد عن التأشيرة والأوراق الشخصية، أمر زائد لا يخدم أحداث النص، ويستهلك من مساحة الرواية ما يستهلك، بأسلوب ركيك وممل.
وحدها القراءة، قراءة النصوص الجيدة، يكون السارد فيها قادرا على التأثير في القارئ، عن طريق جذور نصه الاجتماعية، والإيديولوجية، والثقافية، والحضارية. يكون القارئ متلذذا أيضا عن طريق الحكي والتشويق وباقي عناصر السرد، فترتسم في ذهنه أحداث النص، وشخوصه.


عنوان رواية الرملي، في رواية (زرايب العبيد) لنجوى بن شتوان
   (تمر الأصابع) فصل من رواية (زرايب العبيد) للكاتبة الليبية (نجوى بن شتوان) والتي صدرت في سنة 2016، وفيه تتحدث عن عادة يتم فيها علاج التحكم في البول عند الفتيات بوضع نواة تمر محماة في النار بين إصبعي قدميها، وتحديدا عند إصبعها الكبير (الإبهام) والذي يليه، وبهذا تقدم لنا الكاتبة موروثا شعبيا مهما في روايتها.
وحين قرأت هذا الفصل تذكرتُ مباشرة رواية تحمل نفس العنوان، وهي (تمر الأصابع) للكاتب العراقي (محسن الرملي) الصادرة سنة 2009 وترشحت ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية 2010، وكنت قد قرأتها قبل سنوات، فنسيت أحداثها وتفاصيلها، وكان عليّ أن أستعين بآراء النقاد في فهم سيميائية العنوان، لعلّ هناك تشابها بين الفصل الذي قدمته الكاتبة الليبية نجوى بن شتوان، ورواية محسن الرملي، على أن معظم تفسيراتهم وجدتها سطحية، لا تعدو أن تشير إلى أن عنوان تمر الأصابع يوحي إلى العراق، لأنه يشتهر بالتمر، وأن الأصابع دلالة على التهديد.
وما كان عليّ إلا إعادة قراءة الرواية مرة ثانية، وفي ذلك لذّة أكبر، وإجابة عن تساؤلي: هل هناك تشابه بين النص الروائي والفصل من الرواية؟ على أنّه لا تشابه بينهما إلا في التسمية، فإذا كانت الكاتبة الليبية تقدم جزء من الموروث الشعبي، فإن محسن الرملي في روايته تمر الأصابع، يأخذها من عادة سليم وحبيبته عالية في مصّ الأصابع والشفاه المطلية بالتمر، وذلك بعد أن وجد سليم له مخدعا مع حبيبته ابنة عمه عالية.
كان سليم يجلب معه إلى مخدع لقائه بعالية حفنة تمر، وكانت عالية تحبّ التمر كثيرا، وحدث أن دبق التمر الذي بقي في أصابعهما مصّاه لهذا أعجبهما كثيرا.
وتلك هي حكاية عنوان تمر الأصابع التي تأخذ طابعا رمزيا وشعريا، في رواية يكون فيها الانتقام للشرف، وحكاية عهد سياسي بائد. موضوعا رئيسا، ورحلة تمتد من العراق إلى إسبانيا.
ولست أدري إن كانت الكاتبة الليبية قد اطلعت على الرواية، أم أن الموروث الشعبي الذي قدمته لا ينبغي تغيير تسميته، حتى لا يتم تحوير الحكاية. ولكنها لو كانت قد قرأت رواية محسن الرملي لوضعت هامشا تعلم فيه أن لا علاقة بين عنوان الفصل ورواية (تمر الأصابع).
      وما بين الروايتين تعدد ثقافي، وإرث مهم، وسرد بديع في رواية محسن الرملي.
-------------------------
* تمر الأصابع، محسن الرملي، دار المدى، الطبعة الرابعة 2015م.
**أمين دهماص: كاتب وباحث من الجزائر. 

الاثنين، 18 مايو 2020

ملامح الشخصيات في رواية حدائق الرئيس / حمدي العطار


ملامح الشخصيات في الروايات العراقية (11)
في رواية: حدائق الرئيس
حمدي العطار
هوية السرد في بعض الروايات هي (الشخصيات) لتكون الرواية رواية شخصيات، نجيب محفوظ أكثر رواياته كانت روايات شخصيات مما يسهل عملية تحويلها الى أفلام سينمائية او دراما تلفزيونية (مسلسلات) وحتى الى مسرحيات. لذلك الشخصيات الروائية في ادب نجيب محفوظ تبقى اسماءها محفورة في مخيلة القارئ، فلا يمكن ان ينسى (سي السيد وياسين وفهمي وكمال وامينة والراقصة زنوبا في الثلاثية، وكذلك حميدة في زقاق المدق ونفيسة في بداية ونهاية وزهرة في ميرامار وغيرها من الشخصيات المشهورة.
*الروائي محسن الرملي (في رواية حدائق الرئيس)
لدينا روائي يقدم شخصيات كنماذج أجتماعية غالبا ما تتعرض لضغوطات مختلفة تخرجها من النسق الاجتماعي، والمعاناة تلاحق الشخصيات التي ترتبط بالشحصيات الرئيسية! في رواية "حدائق الرئيس" يتحدث الرملي عن ثلاث شخصيات يعيشون في احدى قرى العراق النائية، (إبراهيم) المكنى (ابراهيم قسمة) لأنه مؤمن بإن الحياة قسمة ونصيب حتى ابنته يسميها (قسمة)! (عبد الله) ويكنى (عبد الله كافكا) لوجود شبه كبير بالشكل بينه وبين الكاتب العالمي كافكا، والشخصية الثالثة هي (طارق) ويكنى (طارق المدهش) لكثرة اندهاشه في اكتشاف الاشياء، هل يوجد أجمل من هذا الاستعراض لملامح شخصيات الرواية؟ التاريخ في الرواية يخدم الشخصيات فهو إطار تلك الشخصيات والضاغط على وجودها، (عبد الله) نصيبه من التاريخ هو الوقوع في الاسر عندما تندلع الحرب العبثية بين العراق وإيران، يلاحق السارد شخصيته الى حيث مكان الاسر وما يتعرض له ابراهيم من صنوف العذاب والحرمان وغسيل الدماغ حتى يضطر عبد الله ان يدعي بإنه (مسيحي) اغلب الروايات تكتفي بخبر الاسر دون الخوض في التفاصيل! لكن الرملي يسلط الضوء على تطور شخصيته بعد عودته من الاسر "كان يتوق للانعزال لوحده، لقد اعتاد الصمت والعزلة والوقت الميت، فلا وجود للوقت في داخله.. لا معنى لحركة الاشياء" لم يعد مفهوم القسمة والنصيب يخدم ابراهيم ليشعر بالرضا! فهو لم يحس بنفسه كما يقولون من (ضيوف الجمهورية الاسلامية)، يضاف الى معاناة وذكريات الاسر، تأتي حكاية نسبه، أبوه (جلال) يغتصب امه المتخلفة عقليا (زكية) ويسافر ومن ثم يعود مع قوات الاحتلال ليصبح من القيادات الامنية في النظام الديمقراطي، اليس من حقه ان يختار الانسحاب من النسق الاجتماعي وحتى من الحياة! خاصة وان أمه بعد مرور شهرين على ولادته تتعرض للعقوبة والقصاص في مشهد حزين جدا تقتل وتدفن لتلافي الفضيحة! (إبراهيم) يأخذ نصيبه من التاريخ المعقد المصيبة الثانية (عاصفة الصحراء) فهو قد رجع نتيجة هزيمة الجيش في الكويت بقدم واحدة الاعاقة تستوجب الانسحاب من نوع آخر! لينتهي حدقجي في قصور الرئيس ومن ثم حفار قبور لمعارضي الرئيس في تلك الحدائق ومن بعد سقوط انظام يكون شاهدا يرشد الناس عى ضحاياهم المفقودين والذين قد قام بدفنهم ووضع لهم ارشيف خاص للدلالة بما فيهم صهره الضابط، لينتهي أخيرا رأسا بدون جسد في أحد صنادق الموز! وهو انسحاب اخر (الموت)، الشخصية الثالثة (طارق) يقتنص الفرص مع أقرب الناس اليه، فهو يعرض الزواج على (قسمة) حينما تقصده للبحث عن جثة ابيها براهيم صديقه واحد (ابناء شق الارض) الثلاثة، تقبل قسمة بالزواج من طارق والسفر معه الى بغداد للعثور على جسد ابراهيم "وجدت قسمة في نفسها أن مبررات القبول أكثر من أسباب الرفض.. وان انتهاءها من هذه المسألة وفي هذه الظروف سيكون أفضل من التعويل على انتظار نموذج الشخص الذي لا تجده، الذي يتلائم مع وضعها كأرملة وأم نصفها في القرية والاخر في المدينة وزوجها السابق نصف بطل ونصف خائن" تظهر شخصية صدام وحدائقه ويخته وسهراته كشخصية ذهنية في الرواية، كذلك يستحضر حدائق للرؤساء في العراق الديمقراطي " تتحس رأس طفلها النائم في حجرها فتقرع الاسئلة في رأسها: ترى من أية نطفة هو؟ ترى مثل من يكون؟ مثل أبيه زوجها؟ مثل الرئيس المخلوع؟ لأن الطفل أسمه صدام! هل يكون مثلها؟ مثل أبيها؟ أم مثل طارق الي سيترعرع هذا الصغير في كنفه؟
----------------------------------------------------------------
*من كتاب (ملامح الشخصيات في الروايات العراقية) للكاتب والناقد العراقي حمدي العطار.

الأحد، 17 مايو 2020

عن رواية: بنت دجلة / كرار صفاء


بنت دجلة.. الرواية الجميلة الحزينة 

كرار صفاء
"فأشعل سيجارة جديدة من عقب السابقة، كعادته، وقال: اسمعوا، في الأصل، ما هذه الحياة برمتها إلا عَبث في عَبث، وأن الجميع سيموت في النهاية، سواء أكان موته ضربة بسيف أو اختراقاً برصاصة أو في حادث سيارة أو برفسة من حمار أو ضرباً بالأحذية أو ببكتيريا لا تُرى بالعين أو بإهمال الزمن له، والدوس عليه في طريقه، المهم أنَّ النهاية معروفة، وهي الفناء، وكل ما قبلها مجرد أوهام، وعَبث وتمثيل بتمثيل، إلى أن تنتهي مسرحية هذا الكون يوماً ما، دون حتى أي وجود لجمهور يصفق لها."
أكملت قراءة رواية (بنت دجلة) للكاتب العراقي محسن الرملي.. إنها رواية جميلة جداً وحزينة جداً لا يمكنني البوح فيها أكثر، وهي تكملة لجزءها الأول (حدائق الرئيس) التي لا تقل قسوة وحزنا عن (بنت دجلة).. بل هي بداية حزن يمتد من حرب إيران إلى يومنا هذا.
محسن الرملي في روايته (بنت دجلة) أكمل الحزن الذي بدأه في مرحلة (حدائق الرئيس) واتبع منهج الكسر والجبر في الوقت نفسه، فمره يمدح بعض أهل الدين لمواقفهم الجميلة ومرة أخرى يذمهم، مثلما يمدح ويذم الطبقة المثقفة.. أي أنه لا يحب أن يحمل على أي بشر حقداً وغيضا، وللأسف هذا واقع صحيح، فالبعض منا لم يرضَ إلى الآن بتقبله.
ويطرح أيضا دور قسمة، التي تبحث عن بقية جسد والدها الذي لم تعثر سوى على رأسه في صندوق موز، تبحث عن جسد وسط آلاف الأجساد، إلا أن جسد أبيها له ما يميزه، كفقدانه قدمه اليسرى في حرب الكويت.
طرح لنا محسن الرملي عدة نقاط، ومن ضمنها: لماذا يتحمل الشخص الذي يفني حياته في هذا البلد الجوع والحرمان والقلق والاضطهاد الجسدي والنفسي؟ لماذا الشخص الذي بقي في العراق يذل ويعاني بينما من كان مترفاً منذ صغره وفي بلاد الغرب ينعم بالأماكن الجميلة لا يعرف معنى للتعب.. ينعم بخير هذا البلد؟ ويذكرنا هذا مثلاً بأحاديثنا عن قضية ما يسمون بأهل رفحاء.
طرح الرملي أيضا قصص حب عظيمة، قصص تبتدئ بحب فترات المراهقة بين عبد الله وسميحة، أخت طارق، وكيف حرمهما القدر من الزواج، ثم كيف جمعهما هذا القدر نفسه في أواخر العمر أو أواسط أواخره.
انتقد محسن الرملي من كان معارض لبلده العراق ويقاتل مع الغرباء الإيرانيين، وكيف يتعاملون بقسوة مع الأسرى في تلك البلاد التي مازالت تستنزف خيراتنا إلى يومنا هذا بسبب أتباعها ومناصريها الذين يدعون بعراقيتهم فيما ولاؤهم للغير واضح... كما بين لنا ما معنى مرارة الاغتصاب وما يخلفه من أثر بالغ في الطفل خاصة، وذلك من خلال شخصية زكية والدة عبد الله المسكينة، كيف قُتلت من قبل والد مغتصبها بحجة غسل العار.. الذي هو عارهم، مثلما قال الرملي في روايته. تناول الرملي أيضاً بعض العادات الجميلة والأخرى المتخلفة في مجتمعنا العراقي والتي، للأسف، مازال البعض يلتزم بها رغم علمه بفوات زمنها.
هذه بعض الاقتباسات الجميلة التي انتقيتها من الرواية:
*الحدس والحس يتفوق على الكلمات في فهم المقابل أحياناً.
*لا داعي للتعب والألم في الحياة، فيكفي الكائن تعبأ وألماً أنه موجود دون إرادته ودون أن يعرف لماذا، وألم معرفته منذ ولادته بأنه سيموت، وأننا ما ولدنا إلا لنموت.
*نعم يحز في نفسي أن أكثر مصائب الإنسان ومشكلاته ومعاناته يسببها له أخوه الإنسان... لماذا كل هذا؟ فالأرض تتسع للجميع وفيها من المراحيض ما يكفي الجميع أيضاً. وضحِكا: بصحتك يا صديقي.
*نعم لذا فحلم البسطاء والفقراء والمظلومين على مدى التاريخ هو العدالة، ولكن للأسف صرنا نفقد الأمل بتحقيق العدالة، وصار الحلم أن يتم توزيع الظُلم علينا بعدالة.
*إن السلام الذي لا يحتاج إلى فعل شيء، صار أبهظ الأشياء ثمنا.