الأربعاء، 15 نوفمبر 2017

محسن الرملي: الترجمة امتحان للكتاب / الناشر الأسبوعي


محسن الرملي: الترجمة امتحان للكِتاب

مجلة (الناشر الأسبوعي) العدد الأول 2017 الشارقة


http://www.sibf.com/Content/Uploads/Downloads/1_e3a9d4bbe26c4ddaa2ff8ecbab1620.pdf

محسن الرملي:
لقد استفدت كثيرا من ترجمة أعمالي إلى لغات أخرى، معنويا وماديا، وتعلمت الكثير لما فيه المزيد من تحسين كتابتي وإنضاجها، ابتداء بمعرفة سبب اهتمام الناشر الأجنبي بعملك ومن ثم بملاحظاته واقتراحاته على العمل قبل نشره، ومن خلال النقاشات المطولة والتفصيلية مع المحررين الأدبيين المحترفين في دور النشر الأجنبية، ومن ثم من خلال ما سيأتي لاحقا بعد نشر الكتاب من مقالات في صحف ومجلات رصينة وواسعة الانتشار عالميا، ومن خلال آراء القراء التي يقولونها لي مباشرة في حفلات التقديم وفي المؤتمرات ومعارض الكتب ومن خلال رسائلهم وما يكتبونه من تعليقات في مدوناتهم وصفحات القراءة ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، والجيد في الأمر أن ليس هناك أية مجاملة من قبلهم لأنهم لا يعرفونك شخصيا، وكل هؤلاء يشيرون لك إلى ما أعجبهم وما لم يعجبهم وإلى نقاط الضعف والقوة في عملك مما يجعلك لاحقا أكثر إدراكا لها والأخذ بنظر الاعتبار ما أقتنعت به منها.
كذلك شعورك بالاطمئنان على حقوقك المعنوية والمادية مع الناشر الأجنبي أكثر مما هو مع الناشر العربي، وأن العقود بين الكاتب والناشر حقيقية وقانونية وملزمة، وأن الناشر بشكل عام يتبنى عملك باعتباره عمله هو أيضاً فيسعى بكل السبل للترويج له والتعريف به بعد العناية الدقيقة بإعداده وإخراجه وطباعته على أفضل ما يمكن، إضافة إلى عمله على توزيعه بطرق أخرى غير الورقية، مثل بيعه للقارئ اللأكتروني وبصيغة (كتاب مسموع) وغيرها، كما يوافيك بشكل متواصل بأرقام دقيقة عن عدد النسخ المباعة وحصتك من حقوقك المادية، ويتابع لك كل ما يُكتب عن عملك في الصحافة ويزودك بنسخة منها، بل وإذا كان العمل ناجحاً يحثك على المزيد من الكتابة، كما فعل معي ناشري الانكليزي لرواية (حدائق الرئيس) الذي أقنعني بكتابة جزء ثاني لها، وهو أمر لم يكن في حسباني، ودفع لي نصف حقوقي المادية لكتابته مقدماً.
الأمر الآخر، هو أن  الترجمة بشكل عام تعد امتحانا جادا لجودة عملك، فبعد نشر العمل بلغة أخرى وتقديمه لمتلقي أخر من ثقافة مختلفة لها رؤيتها وهمومها، ستدرك كم بقي في عملك مما هو إنساني فعلا وليس شأنا محليا أو شخصياً عابرا، مما يعني أنك لامست جوهرا لا يفرق بين إنسان وآخر وربما حتى ما بين زمن وآخر، وهذا يطمئنك على أن عملك ربما يكون قد أضاف شيئاً ولو بسيطا جداً ضمن النتاجات التي تخدم الانسانية، وكل ذلك وغيره سيعينك على فهم عملك أفضل وعلى تطويره إضافة إلى أنه سيتيح لك مساحة أكبر لإيصال صوت أهلك وبلدك وقضايا أمتك وهمومها إلى أمم أخرى. وهذا أمر مهم ونوع من الشعور بأداء مسؤوليتك تجاه ثقافتك الأولى وتقديمها والتعريف بها أفضل، وكذلك من مهمتك كمساهم في مواصلة بناء الجسور الثقافية التي تقرب بين الشعوب والأمم وبين الناس في عالمنا بشتى اختلافاتهم الثقافية، لما فيه خدمة الإنسان والإنسانية بشكل وقدر ما.
د.محسن الرملي: كاتب وشاعر وأكاديمي ومترجم عراقي، ولد في شمال العراق عام 1967 ويقيم في إسبانيا منذ 1995، حاصل على الدكتوراه بامتياز في الفلسفة والآداب من جامعة مدريد، مع درجة الشرف. يكتب باللغتين العربية والإسبانية، عمل في الصحافة كاتباً ومحرراً ثقافياً منذ 1985 وله عشرات المواد المنشورة في الصحافة العربية والإسبانية والأمريكولاتينية. تَرجم العديد من الأعمال الأدبية بين اللغتين العربية والإسبانية، وله ما يزيد على العشرين إصداراً تنوعت بين القصة والشعر والمسرحية والترجمات والرواية، كرواياته: (الفَتيت المبعثَر) التي فازت ترجمتها الإنكليزية بجائزة أركنساس 2002 و(تمر الأصابع) و(حدائق الرئيس) اللتان تَرشحتا ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2010 و2013، ونالت الترجمة الإنكليزية لـ(حدائق الرئيس) جائزة القلم الدولي 2016. ورواية (ذئبة الحُب والكُتب) التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2015.
تُرجمت أغلب أعماله لأكثر من لغة كالإنكليزية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية والكردية والفرنسية وغيرها، وشارك في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الدولية. وهو شريك في تأسيس وإدارة دار نشر ومجلة "ألواح" الثقافية الفكرية في إسبانيا منذ 1997. له ثلاثة دوواين شعرية بثلاث لغات وهو عضو في هيئة تحرير مجلة (آركيترابا) الكولومبية المعروفة المتخصصة بالشعر. يعمل حالياً أستاذ في جامعة سانت لويس الأمريكية في مدريد.
http://www.sibf.com/Content/Uploads/Downloads/1_e3a9d4bbe26c4ddaa2ff8ecbab1620.pdf