محسن الرملي: الرواية تَمنحني مساحة أكبر في التعبير
وأتهيّب كتابة الشِعر
حاوره: أمير النعيمي
إنه ذلك الكاتب الروائي العراقي المقيم في مدينة مدريد، كاتب في
اللغتين الاسبانية والعربية، وتَرجم العديد من الأعمال الأدبية بين هاتين اللغتين،
وله عشرات الإصدارات تنوعت بين القصة والشعر والمسرحية والترجمات والرواية. نُشرت
أعماله القصصية تحت عنوان (تُحفة السهران) 2017، وتُرجمت بعض أعماله لأكثر من لغة، وشارك
في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الدولية...
*حدثنا عن البدايات؟ وبمن
تاثرت في بدايتك؟
ـــ البدايات كانت مثل
بدايات الجميع، أي في البيت والمدرسة، وكان لأخي حسن مطلك الدور والتأثير الأكبر
في تشكيل وعيي وثقافتي وتشجيعي على الكتابة، حيث كان يقدم لي هدية معينة عن كل
كتاب أقرأه أو نص أكتبه، وكنا نتناقش طويلاً حول النصوص التي يكتبها كل منا، مما
علمني ذلك كثيراً حول تقنيات قراءة النصوص وكتابتها.
*ما هي العوامل التي تحفزك
لتكتب الشعر أو الرواية؟
ـــ القلق الوجودي،
الأسئلة، الألم، االتفكير، محاولة الفهم، البحث عن معنى، محاولة فعل شيء.. وبشكل
عام.. السعي للتعبير لأن الإنسان في الأصل كائن تعبيري، سواء بالحركة أو الكلام أو
الفعل أو الرقص أو الغناء وملايين الطرق، وأنا أعبر بواسطة الكتابة سواء أكانت
شعراً أو نثراً، فالمحتوى هو الذي يختار أو يفرض شكله.
*كتبت الرواية
والشعر...أي منهم أقرب إليك؟
ـــ الرواية تمنحني
مساحة وحرية أكبر في التعبير عن أفكاري ورؤيتي وذاكرتي، وإن كان الشعر هو الذي
يجذبني أكثر، فأنا شغوف بقراءته دائماً، ولا يمر يوم دون أن أقرأ فيه ولو قصيدة
واحدة على أقل تقدير، لكنني أهاب كتابته، لذا فإنني لا أنشر إلا القليل مما أكتبه
من قصائد، وما أنشره باللغة الإسبانية أكثر من العربية، وأكثر مشاركاتي الشعرية في
اسبانيا وغيرها من بلدان أمريكا اللاتينية هي بالاسبانية.
*هل هناك شخصية من
الشخصيات التي كتبت عنها، كانت تعبر عن شخصيتك؟
ـــ كل الشخصيات التي
كتبتها تعبر عني، فكما قال فلوبير "مدام بوفاري، هي أنا"، لأن الكاتب
يتقمص شخصياته ويمنحها من ذاته لتكون أكثر مصداقية وإقناعاً، وأنا أنطلق من تجربتي
الشخصية في أغلب أعمالي، وبالطبع تتفاوت النسبة بين شخصية وأخرى، فمثلاً، شخصية
سليم في رواية (تمر الأصابع) فيها الكثير مني، ثم وظفت شخصيتي مباشرة وباسمي
الصريح في روايتي (ذئبة الحب والكتب) دون أن يعني هذا بأن الشخصية الروائية هي
الشخص الواقعي، ففي نهاية الأمر، الأدب هو مزيج بين الواقع والخيال.
*هل باعتقادك ان
الرواية العراقية قادرة على منافسة الروايات العالمية؟
ـــ لا أحبذ توصيف منافسة في ميدان الأدب
والفنون، فهو ليس مسابقة رياضية، وإنما أفضل توصيف مساهمة أو مشاركة، ومن هذا
الباب، أعتقد بأنه نعم، ساهمت الرواية العراقية سابقاً في المشهد الروائي العربي،
وصارت تشارك مؤخراً في المشهدين العربي والعالمي، ولدينا تجارب روائية عديدة ناجحة
وترجمت لأكثر من لغة وحظيت باهتمام عالمي.
*كيف تنظر إلى
المستقبل الأدبي للوطن العربي بشكل عام والعراق بشكل خاص؟
ـــ أنا ممن يعتقدون
بأن الحاضر والمستقبل هما أفضل من الماضي دائماً، لذا أتوقع أن يقدم الأدب العراقي
والعربي الكثير من الأعمال الجميلة والمهمة، فثمة حراك إيجابي ومبشر في اتساع
ظاهرة القراءة والمتابعة والاهتمام بالثقافة وبالآداب، وخاصة من قبل الشباب اليوم،
وقد لمست ذلك مباشرة في مختلف البلدان العربية التي زرتها، ونشاط ظاهرة القراءة
سيزيد ويحسن حتماً من الإنتاج الإبداعي الأدبي.
*يتعرض الشخص الناجح
لكثير من النقد والصعوبات... حدثنا عن كيفية مواجهتك لمثل هكذا أمور؟
ـــ هذا أمر طبيعي
واعتدت على التعايش معه منذ صغري، حيث ينظر إليك محيطك الاجتماعي بغرابة واستهجان،
وعلى أي شخص يشتغل في ميدان عام، أن يتوقع شتى أنواع الآراء وردود الفعل، وشخصيا
أعتبر النقد إيجابي مهما كان ضد العمل، إلا أنه يضايقني نقل ميدان النقد والتجريح
إلى الجانب الشخصي، أما إذا كان موجهاً ضد العمل، فلا بأس، وهذا من حق الناس، فبعد
أن يخرج العمل من بين يدي وينتشر، يصبح ليس لدي عليه أي سلطان ومن حق من يشاء أن
يقول أو يفعل به ما يشاء. وأنا ممن يحترمون كل الآراء، بغض النظر عن اتفاقي معها
أم لا، وليس من عادتي الرد على من ينتقدني، فلا أريد تبديد المزيد من وقتي والذي
أحرص على استثماره إنجاز مشاريع أخرى تنتظر دورها.
*كلمة أخيرة تحب قولها؟
ـــ ربما هي كلمة
للطلبة والشباب، الذين أحبهم ولي صداقات كثيرة معهم، وهي أن تمسكوا بأحلامكم مهما
بدت غريبة للآخرين، واعملوا على تحقيقها من خلال المزيد من المعرفة والقراءة عن كل
ما يتعلق بها، القراءة هي مفتاح معرفة كل العوالم، ومن ثم تعلم الصبر والكفاح من
أجل تحقيقها.. فالأمل دائماً بكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر في صحيفة (المراقب العراقي)، العدد 1887 بتاريخ
18/4/2018م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق