الأربعاء، 30 مايو 2018

من عادات الكتابة ومحفزاتها/ محسن الرملي /اليوم السابع


محسن الرملي عن بعض عاداته في الكتابة ومحفزاتها 

بواسطة: شيماء فؤاد
أنا لا أكتب عادة إلا اذا كانت عندي فكرة تلح علي، وشيء أريد قوله، فأعتمد ما عرفته عن ديستوفيسكي، وهو أن أترك الفكرة لوقت أطول ولا أكتبها مباشرة، فإن نسيتها، فهي غير مهمة وليست جديرة بالكتابة، أما إذا بقيت تلح علي وتفرض نفسها فهي تستحق الكتابة، وإلا لن أرتاح دون تدوينها، لذا أبدأ الاشتغال على إنضاجها في عقلي ونفسي وخيالي ومشاعري، ولكي أستطيع تحفيز نفسي لبدء العمل فعلياً، أدخل في حالة تغيرات في سلوكي، فأمارس بشكل غير عادي، بل ومبالغ فيه أحياناً لعدة سلوكيات، ومنها المشي كثيرا والتدخين بشراهة والقراءة المتنوعة وغير المنظمة، وجمع المعلومات، والنوم المضطرب فأنام طويلا أحياناً لأيام متواصلة وفي أيام أخرى بالكاد أنام، كما أشرع بالانفصال عن المحيط تدريجياً والإكثار من إيجاد الأعذار عن كل التزام اجتماعي والمسارعة بتأدية الواجبات المفروضة العائلية والاجتماعية.. وغيرها، بسرعة وكثافة كي اتخلص منها، أقوم بعملية تحرر تمهيدي لكل ماهو خارجي، وأغوص في ذاتي وخيالي وموضوع العمل الذي أريد كتابته، ومع ذلك تظهر لي دائماً حجج نفسية للتأجيل، وأنا متقلب بين مقاومتها أو الاستجابة لها أحياناً، وهكذا إلى أن أكاد أغير كل روتين حياتي اليومي وبعض عادتي فأشرع بالكتابة.. عندها أعيش في عالم شخصي شبه مفصول عن العالم الخارجي حتى وأنا في وسط الناس أو في العمل.
ومن محفزاتي أيضاً، أنني أستعيد ذكرى أخي حسن مطلك أكثر، وأضع صورته أمامي على المكتب دائماً، كي تذكرني بوجوب الكتابة قبل مرور الوقت، وكيف أن الموت قد حرمه من إكمال مشاريعه الأدبية بعنف ودون رحمة، فأصبح عندها في سباق أكثر مع الزمن، وأضغط على نفسي كي تقلل من تبريرات التأجيل النفسية والحياتية.
عملية الكتابة ليست سهلة بالنسبة لي، إنها شاقة ومتعبة، ولست ممن يتمتعون بالكتابة وإنما من الذين يعانون أثناءها، لأنني أعيش انفصالا مُتعبا، وأبذل جهداً بالتظاهر بأنني أعيش بسكل عادي وطبيعي فيما الحقيقة ليست كذلك، وهكذا إلى أن أنتهي من كتابة المسودة الأولى من العمل، بعدها أشعر بالتخفيف وتأتي مرحلة الاشتغال على المراجعات والتعديلات، وهذه تعبها يختلف، وأكون فيها نفسيا أفضل، وأستعيد روتيني وحياتي السابقة العادية.
-----------------------------
*نشرت في (اليوم السابع) بتاريخ 27/1/2018م القاهرة

ليست هناك تعليقات: