الأربعاء، 29 مايو 2013

باقَة شُكر لصالح علماني

باقَة شُكر لصالح علماني

محسن الرملي
مثل كل القراء العرب، عرفتُ اسم صالح علماني من خلال عشرات الكتب التي ترجمها عن الإسبانية، وحين التقيته في دمشق كان محاطاً بالكتب ومنحنياً على كتب أخرى عاملاً بدأب وتواضع، نعم، هذا التواضع الذي هو من صفات الكبار ومن أبرز صفات صالح علماني، بحيث أنه يخاطبني في مراسلاتنا بكلمة (أستاذي) فيما أصر أنا على مخاطبته بكلمة (أستاذي) لأنني مثل الكثيرين تعلمت منه الكثير.
فصالح علماني هو درس حيّ وتاريخي لنا جميعاً نحن المترجمين، حيث تخلى عن كل شيء ليجعل الترجمة طريقاً وهدفاً له، تخلى عن دراسته الأكاديمية وتخلى عن الكاتب فيه لصالح المترجِم فأذاب الروائي في المترجِم كما تُذاب قطعة سُكّر في قدح شاي، لذا نلمس هذه العذوبة في أسلوبه لكل ما ترجمه، راهن علماني على الترجمة ولم يخسر، فحقق شهرة تفوق شهرة الكثير من الكُتاب حيث لاتكاد تخلو أية مكتبة عربية عامة أو خاصة من كتاب يحمل اسمه.
علماني لا يتعامل بحساسية ولا زَعَل مع أي انتقاد يوجَّه إلى ترجماته وإنما يتقبله بروح رحبة ويرد عليه بمزيد من العمل والإتقان، علماني لا ينظر إلى حجم الكتب قبل ترجمتها، كما نفعل نحن المترجمين، على الرغم من أن الترجمة الأدبية التي اتخذها مهنة له، لا تدر إلا القليل من المال، وهذه من سمات المحبين الأوفياء، فإذا كانت صفة (الخيانة) قد ارتبطت بمهنة (الترجمة) فإن كلمة (وفاء) قد ارتبطت بصالح علماني تعبيراً عن إخلاصه لهذه (الخيانة)... فشكراً لك يا صديقي وأستاذي، أيها الوفي لأجمل الخيانات.
بصفتي كقارئ أشكره على كل ما منحني إياه من متعة ومعرفة.
بصفتي ككاتب أشكره على ماعرَّفني من الكُتاب الآخرين وصيغ التعامل مع تقنياتهم باللغتين.
بصفتي كمترجم أشكره على ما وفره عليّ من جهد ووقت بترجمته لأعمال كنت أتمنى ترجمتها للقارئ العربي.
بصفتي كمختص بالآداب المكتوبة بالإسبانية أشكره على ما قدمه منها إلى العربية في وقت قياسي.
بصفتي كطالب أشكره على ما وفره لي من مصادر إضافية.
بصفتي كأستاذ أشكره على ما ما وفره لي ولطلابي من مادة للدرس والمقارنة في الترجمة.
بصفتي كصديق أشكره على هذا النبل والتواضع والإخلاص.
..فباسمي وباسم من أعرفهم من قراء وكتاب ومترجمين ومختصين بالدراسات الإسبانية وأكاديميين، نُهدي باقة شُكر لصالح علماني، ونشكر مدرسة المترجمين في طليطلة والصديق لويس ميغيل كانيادا على إقامة هذا التكريم وإتاحة الفرصة لنا لتقديم باقة الشكر هذه إلى هذا الإنسان الذي نحبه.
شكراً لك يا صديقي وأستاذي صالح علماني، أيها الوفي لأجمل الخيانات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كلمة تمت قراءتها بالعربية والإسبانية ضمن الاحتفاء بالمترجم صالح علماني وتكريمه من قبل مدرسة المترجمين في طليطلة التابعة لجامعة كاستيا دي لامانتشا/إسبانيا، بتاريخ 24/5/2013م إلى جانب كلمات أخرى للكاتب البيرواني الحائز على نوبل فارغاس يوسا والشاعر والناقد الإسباني خوسيه ماريا ميرينو وغيرهم.

صالح علماني ومحسن الرملي.. في طليطلة