السبت، 17 أكتوبر 2020

حوار مع محسن الرملي / مجلة الشبكة العراقية

 

من أدخلني عالم الكتابة هو شقيقي الراحل حسن مطلك

محسن الرملي

لمجلة (الشبكة) :

السردية العراقية تَمرُّ اليوم بأفضل حالاتها

https://magazine.imn.iq/wp-content/uploads/2020/07/364-1.pdf

ولد الكاتب والشاعر والأكاديمي والمترجم العراقي محسن الرملي، ولد في قرية (سُديرة) ضمن قضاء الشرقاط، شمال العراق عام 1967 وحصل على الدكتوراه بامتياز في الفلسفة والآداب من جامعة مدريد، مع درجة الشرف. يكتب باللغتين العربية والإسبانية، عمل في الصحافة كاتباً ومحرراً ثقافياً منذ 1985 وله عشرات المواد المنشورة في الصحافة العربية والإسبانية والأمريكولاتينية. تَرجم العديد من الأعمال الأدبية بين اللغتين العربية والإسبانية، وله ما يزيد على العشرين إصداراً تنوعت بين القصة والشعر والمسرحية والترجمات والرواية. منها رواياته "الفتيت المبعثر" التي فازت ترجمتها الإنكليزية بجائزة أركنساس 2002 و(تمر الأصابع) و(حدائق الرئيس) اللتين تَرشحتا ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2010 و2013، ونالت الترجمة الإنكليزية لـ(حدائق الرئيس) جائزة القلم الدولي2016، وجائزة سيف غباش بانيبال 2018. و(ذئبة الحُب والكُتب) التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2015، و(أبناء وأحذية) القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2019 ورواية (بنت دجلة) صدرت بالإنكليزية 2019 وبالعربية 2020. تُرجمت بعض أعماله لأكثر من لغة، وشارك في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الدولية، كما شارك في لجان تحكيم وإدارة ورش للكتابة الإبداعية في إسبانيا والمكسيك والكويت والإمارات وغيرها، ومنها ورشة ندوة التابعة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) 2019. وهو شريك في تأسيس وإدارة دار نشر ومجلة "ألواح" الثقافية الفكرية في إسبانيا منذ 1997. وعضو في هيئة تحرير مجلة (آركيترابا) الكولومبية المعروفة المتخصصة بالشعر، وعضو اللجنة الوطنية المنظمة لمهرجان الشعر العالمي في طليطلة. يعمل حالياً أستاذ في جامعة سانت لويس الأمريكية في مدريد. ومن أجل تسليط الضوء على منجزه الإبداعي، ارتأت مجلة الشبكة إجراء حوار معه، حوار ابتدأناه بسؤال:

*ما الذي دفع (الرملي) لدخول عوالم السرد، والتي أبدعت فيها من خلال إصدارك للعديد من الكتب والروايات الناجحة؟

ـــ الذي أدخلني عالم الكتابة منذ صغري هو شقيقي الراحل حسن مطلك، فقد كنت أقتدي به وأتبعه في كل شيء يفعله، بدأ بالرسم والمسرح فبدأت بالرسم والمسرح، ثم تحول إلى الكتابة فتحولت إليها، وهو الذي كان يشجعني عليها، بحيث كان يمنحني هدية على كل نص أكتبه، كأن يكون علبة ألوان أو مجلة أو كتاب أو رحلة معه من القرية إلى المدينة، وأحياناً، ومن باب التمرين، كنا نقترح فكرة قصة قصيرة ونجرب كيف سيكتبها كل منا، ثم نجلس لمناقشة الفروق بين النصين.. وهكذا إلى أن نشرتُ أول قصة، عندها اقترح عليّ أن أتخذ اسماً مختلفاً لكي يتحمل كل منا تبعات عمله، فشلاً أو نجاحاً، دون أن يتعكز على اسم الآخر، أي أن أكون كاتباً مستقلاً بالأسلوب وبالاسم، وهكذا صار اسمي (محسن الرملي) وهو (حسن مطلك).

*كيف تقيّم السردية العراقية اليوم، عربياً وعالمياً؟

ـــ إنها في أفضل حالاتها، وحققت إنجازات غير مسبوقة في مسيرة الإبداع العراقي الحديث، بحيث صار المتلقي العربي يعرف ويتابع باحترام الكثير من الأسماء العراقية، يكتب عنها ويستضيفها ويكرمها ويقيم لها ولأعمالها الأماسي  والندوات ويتناولها دراسة في جامعاته، كما صرنا نرى أعمالاً عراقية تترجم إلى مختلف اللغات وتكتب عنها كبريات الصحف ويتم تدريس الكثير منها في أرقى الجامعات في العالم، واستضافة كتاب عراقيين في أهم الملتقيات والمعارض والمؤتمرات الثقافية جنباً إلى جنب مع كتاب معروفين في ثقافات مختلفة، وهناك نقطة أخرى، أعتقد بأنها تسبق في أهميتها الوصول إلى المحيط العربي والعالمي، ألا وهي تمكن الكاتب العراقي من جذب القارئ المحلي العراقي، الذي صار يشعر بأن لديه كُتاباً يعبرون عنه وعن مختلف قضاياه بشكل فني ومعرفي محترف، بحيث صارت لدينا حركة قراءة ممتازة للسرد العراقي ومتابعته من قبل الناس عموماً والشباب بشكل خاص، وهذا يعد إنجازاً حقيقياً أعطى وسيعطي المزيد من ثماره مستقبلاً على المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية.

*هل حقاً هناك تأثيرات للثقافة الإسلامية لدى (ثربانتس) الذي كتب دون كيخوته الإسبانية، وهو موضوع رسالتك للدكتوراه؟

ـــ نعم، بكل تأكيد، بل أن الثقافة العربية الإسلامية هي ثاني ثقافة أكثر تأثيراً فيه، بعد ثقافته الأم الإسبانية، هذا على الرغم من معرفته بثقافات أخرى مجاورة زار بلدانها كالإيطالية والبرتغالية، وكما يقول غونتر غراس "لولا الثقافة العربية لما استطاع ثربانتس أن يجد شكله القصصي". وقد جاءت هذه التأثيرات عبر رافدين، داخلي وخارجي، الداخلي مما هو متبقي من الثقافة الإسلامية داخل إسبانيا نفسها وضمن أنساقها الثقافية، والخارجي عبر أهم وأقسى وأعمق تجربة في حياته، ألا وهي أعوام الأسر في الجزائر. وفي أطروحتي تتبعت وتناولت هذه التأثيرات بمختلف أشكالها وتمثلاتها، الأدبية، التاريخية، الدينية، الفكرية، اللغوية.. وغيرها.

*لنتحدث عن الترجمة، هل ساعدت الترجمة في إيصال الرواية العراقية إلى مديات جديدة، وما هي إيجابيات الترجمة وسلبياتها؟

ـــ الترجمة هي واسطة نقل عظيمة، ولكنها ليست كفيلة أو مقياساً أو ضامنة لنجاح أي عمل، فلابد أن يكون العمل الإبداعي جيداً وناجحاً بذاته وفي لغته الأصلية أولاً، فما أكثر الأعمال التي تُرجِمت أو قام أصحابها أو مؤسسات بتبني تكاليف ترجمتها ونشرها ولكنها لم تحقق أي صدى يذكر ولم يلتفت إليها أحد، ومن إيجابيات الترجمة أنها تغربل العمل الأدبي وتمتحنه، فبعد أن تخلع عنه زينته وثوبه اللغوي الأول، يتبين فيما إذا كان ذا بنية متينة وفيما إذا كان يحتوي فعلاً على أفكار ومعرفة وجماليات وقيم إنسانية حقيقية تهم أي إنسان في أية لغة أخرى، أما السلبيات فهي تتعلق بتقنيات وأسلوب الترجمة الذي يختلف من مترجم إلى آخر، ذلك أن المترجم بمثابة كاتب ثاني للنص وقد يجذب أسلوبه القارئ أو ينفره، ومثلما أن هناك مترجمين يبدعون حقاً في إعادة الصياغة هناك مترجمين يشوهون النص أو أجزاء منه عندما لا يفهموا جيداً فقرة معينة فيترجمونها بارتباك أو خطأ أو يحذفونها أو حتى يجعلونها توحي بعكس ما تقصده تماماً.

*أنت من المنشغلين في مشروعك الروائي وتطويره، أين وصلت فيه؟

ـــ هناك أبيات معروفة للشاعر الإسباني الكبير أنطونيو ماتشادو يقول فيها، ما معناه: "أيها الماشي، لا يوجد طريق، وإنما الطريق يصنعه المشي". وعليه فإنني مازلت أواصل المشي وصنع أو شق طريقي/مشروعي دون أن أعرف أين وصلت فيه، لأنني لا أعرف كم بقي لي من الوقت والقدرة على إنجاز المزيد منه، لكي أتمكن وفقه من قياس ما أنجزته وما لم أنجزه، أما ما أعرفه، هو أنه ما زال لدي الكثير لأقوله وأفعله، وأتمنى أن يتيح لي الوقت والظروف فرصة لقوله وفعله.

*كيف يقضي (الرملي) يومه في إسبانيا، وهو الروائي والكاتب والمترجم والأكاديمي؟

ـــ ليس لدي روتين أو نظام ثابت، لأن هناك دائماً ما يكسر هذا الروتين أو النظام، وحسب الفصول والمواسم والظروف، سواء سفر أو عمل أو نشاطات ثقافية أو الدخول في مشاريع معينة وغيرها، ولكن بشكل عام، الآن في العطلة، أقوم برعاية أطفالي في الصباح لأن والدتهم في العمل، وبعد الغداء لابد أن أنام الظهيرة، وهي عادة أخذها الإسبان عن العرب، وفي المساء والليل أتفرغ للقراءة والكتابة والمراسلات والتواصل ووسائل التواصل ولقاء أصدقاء أو حضور نشاط ثقافي وغيرها، أما عندما يبدأ الدوام ويذهب الأطفال للمدرسة فتنقلب التقسيمات، ليصبح الصباح والليل لي والمساء لهم.

*ما جديدك؟

ـــ آخر عمل أصدرته هو رواية (بِنت دِجلة) ولدي أكثر من فكرة ومشروع لعمل روائي، ولكنها لم تنضج تماماً ولم أكمل جمع المعلومات المتعلقة بها، وبما أنه يصعب عليّ التركيز فيها، تحت ظل تأثيرات ظروف فايروس كورونا السلبية، فعدا القراءة الكثيرة، أقوم ببعض الترجمات من وإلى الإسبانية.

--------------------

*نشر في مجلة (الشبكة) العراقية، العدد 369 أكتوبر 2020م بغداد. أجرى الحوار: علي السومري

https://magazine.imn.iq/%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a9/%d9%85%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%85%d9%84%d9%8a-%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b1%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

حوار مع محسن الرملي عن رواية المنفى/أجراه: عامر القيسي

 

الروائي العراقي المغترب محسن الرملي
                رواية المنفى مفهوم نقدي موجود في كل ثقافات العالم

الرواية العراقية أراها مقصرة لحد الآن في تناولها للماضي العراقي ابتداءً من تاريخ حضاراته القديمة

حاوره: عامر القيسي

وصفته صحيفة الموندو الإسبانية بـ"واحد من أهم الروائيين والمسرحيين العراقيين المعاصرين وأحد أبرز مترجمي كلاسيكيات الأدب الإسباني إلى العربية"، حصدت روايته (الفتيت المبعثر) بترجمتها إلى الإنكليزية جائزة أركنساس 2002 ونالت الترجمة الإنكليزية لرواية (حدائق الرئيس) جائزة القلم الدولي 2016 وجائزة سيف غباش بانيبال 2018. حول مفهوم "رواية الداخل والخارج" الشائع في السرديات النقدية العراقية بل والعالمية والسمات المشتركة لروايات المنفى، وإن كان يصح أن نصنفها كمفهوم نقدي في إطار الدراسات أو النقود التي تناولتها، يقول الرملي: مفهوم رواية الداخل والخارج، هو مفهوم نقدي مصاغ أصلاً منذ زمن طويل في مختلف ثقافات العالم، وفي العصر الحديث نجده في الأدب الإسباني والألماني والصيني والكوبي وغيرها، ومعتَمد في الدراسات الثقافية بشكل عام وفي الدراسات الأكاديمية، وهو مفهوم إجرائي صحيح، شخص الكثير من السمات العامة لعموم هذه الآداب والسمات الخاصة بآداب كل بلد، ويمكننا أن نذكر منها على سبيل المثال، التباينات في: هامش الحريات، وجهات النظر والتناول، المؤثرات الثقافية واللغوية والأساليب، التعامل مع المكان والزمان والقيم.. وغيرها.

ذاكرة الماضي

س2- غالبية روايات المنفى، إذا لم يكن جميعها، إذا اتفقناً افتراضاً على هذا المفهوم، منغرسة في ذاكرة الماضي، بل ان بعضها تتحدث عن اشكالات مجتمعية وسياسية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة. ويبدو زمنها محصوراً بما قبل الخروج.. كأن الروائي غارق في زمن الماضي.. هل هذا التوصيف صحيح؟

ـــ لا أتفق مع هذا التوصيف، فبشكل عام كل الروايات في العالم قائمة على الذاكرة وتناول أمر مضى، باستثناء روايات الخيال العلمي التي تتخيل المستقبل، وهي ذاتها معتمدة أيضاً على معطيات من ماضي العلوم وماضي التجربة الإنسانية، وفيما يتعلق بالرواية العراقية، فعلى العكس، أراها مقصرة لحد الآن في تناولها للماضي العراقي ابتداءً من تاريخ حضاراته القديمة وإلى اليوم، فلحد الآن ليس لدينا روايات تدور أحداثها في حقب سومر وبابل وآشور وأور والحضر والنمرود وغيرها، بينما نجد الكثير من النماذج الروائية في ثقافات أخرى تتدور أحداثها في زمن الفراعنة والرومان والفايكنج والمايا وحضارات الصين القديمة وما إلى ذلك، وربما يعود انشغال الرواية العراقية بالتاريخ القريب الحديث، بسبب حداثتها أولاً وبسبب فداحة الأحداث التي شهدها وعايشها الكُتاب، بحيث يطغى اهتمامهم بها على ما سواها.

س3- كتب محسن الرملي أعمالاً باللغة الاسبانية، هل فضاءات هذه اللغة منحتك حرية أوسع في التعبير عن أفكارك، وأنت الموّلع بها منذ كنت داخل الوطن وتعلمتها في تلك الفترة، على حد علمي؟

ـــ صحيح أنني أحب اللغة الإسبانية، ولكنني أحب اللغة العربية أكثر وأجد نفسي في التعبير بها أفضل وأعتبر نفسي في نهاية الأمر كاتباً عربياً عراقياً، أما الأعمال التي نشرتها بالإسبانية فكانت لكل منها ظروفه الخاصة به، منها ما يتعلق بمناخ العمل نفسه، ومنها لأسباب مادية وأخرى في إطار مناسبة ما، ولكنها في العموم جزء من حرصي على المشاركة والتعايش والتواصل مع المحيط اللغوي والثقافي الذي أعيش فيه.

 س 4 في كتابك "ليالي القصف السعيدة" تبدو كما لو أنك تخوض غمار التجريب الروائي في الشكل والأسلوب واستخدام الشخصيات الحقيقية، حتى انك لم تصنف هذا النتاج على غلاف الكتاب، هل هو رواية أم ماذا؟ حتى لو كان كولاجاً سردياً كما قلت أنت، هل كنت خائفا من التوصيف الروائي لتلك الليالي؟ بوضوح: لماذا تركت هذا النص دون تسمية؟

ـــ بالفعل، لهذا الكتاب تجربته الخاصة، فنصفه كولاجاً سردياً يمتزج فيه كل شيء، بما في ذلك مقاطع من نصوص لآخرين وصحافة وتاريخ وشعر وغيرها، والنصف الآخر قصص قصيرة، وأنا أحب تجربتي في هذا الكتاب شكلاً ومضموناً، فمن حيث المضمون أردت القول بأنه يمكننا النظر إلى العالم حتى من خلال مفردة واحدة، وهنا اتخذت مفردة (القصف) وبالطبع هناك تجارب أخرى لكتاب آخرين من ثقافات أخرى سبقوني في ذلك عبر محورة عمل كامل على أساس مفردة واحدة، أما من حيث الشكل، فكان من السهل عليّ، وبتغييرات بسيطة أن أحوله إلى رواية أو إلى مجموعة قصصية، لكنني كنت أحب وأميل إلى التجريب، عدا أني أحلم ذات يوم بكتابة كتاب جامع ومفتوح بلا تجنيس ثابت، كما كان يحدث في الكثير من الكتب الكلاسيكية العربية، وربما كان هذا الكتاب محاولة أولى لتجربة ذلك.

س5 هل تأثرت نصوصك الروائية وغير الروائية بثقافات بيئة المنفى، خصوصا وانت الباحث في التأثيرات الثقافية المتبادلة كما في شهادة الدكتوراه التي حصلت عليها في اسبانيا والتي كان موضوعها أثر الثقافة الإسلامية في رواية "دون كيخوته" لميغيل دي ثرفانتس؟

ـــ نعم، بكل تأكيد، شئتُ ذلك أم أبيت، فأنا أعيش في إسبانيا منذ أكثر من ربع قرن، ودرستُ وتزوجت وأنجبت وكتبت ونشرت وعملت فيها وما أزال، وأحمل جنسيتها ليس بالأوراق فقط، وإنما أتفاعل وأساهم في محيط حركتها الثقافي والتعليمي، وقد مثلتها أكثر من مرة، كما استعانت بي مؤسسات ثقافية إسبانية، داخل وخارج إسبانيا، للحديث عن ثقافة إسبانية ومنها الحديث عن (الكيخوته) مثلاً. أما في نصوصي فالتأثيرات واضحة وحاضرة بأشكال مختلفة ومتفاوتة في الكثير من قصصي القصيرة وفي أعمالي الروائية مثل (الفتيت المبعثر) و(تمر الأصابع) و(ذئبة الحب والكتب) و(أبناء وأحذية).

س6 اشتغالاتك متنوعة بين الرواية والمسرح والترجمة والشعر والتنظير، أنا أتحاور معك هنا كروائي، رغم ان صحيفة الموندو الاسبانية وصفتك بـ "واحد من أهم الروائيين والمسرحيين العراقيين المعاصرين وأحد أبرز مترجمي كلاسيكيات الأدب الإسباني إلى العربية".

ــــ في خلاصة الأمر، أنا كاتب، أداتي الكلمات وعملي الكتابة، بغض النظر عن التصنيفات الداخلية لعالم الكتابة، وعادة ما يفرض محتوى العمل وفكرته شكل وجنس النص، فبعض الأفكار تصلح لقصة قصيرة وأخرى لمسرحية وأخرى لقصيدة وأخرى لرواية وهكذا، ومؤخراً حتى الرواية صارت تسمى كتاباً أكثر من تسميتها رواية، وفي رأيي، هذا صحيح، لأن الرواية كتاب معرفي حقيقي وليس مجرد سرد حكايات للتسلية، وبما أن الرواية أقدر من غيرها على استيعاب الكثير من الأفكار والقضايا والمواقف والأشكال الفنية، مهما تكن شائكة ومعقدة وحتى ملتبسة أحياناً، تجدني ألجأ إليها أكثر من غيرها، دون أن يمنعني ذلك من ممارسة كتابة الأجناس الأخرى، بل انني أعمد إلى تضمينها أحياناً داخل العمل الروائي نفسه، كما فعلت، بشكل واضح وكبير، في رواية (ذئبة الحب والكتب).

 س7 عدت الى العراق عام 2004، ووصفت عودت بـ "جزء من إشكالية الذي يهاجر يعني أنت تهاجر مرة واحدة فأنت مهاجر إلى الأبد، يعني تبقى في البلد الجديد أجنبي وإذا عدت إلى أرضك فأنت أجنبي". هل ضاق بك الوطن أم أنك لم تعد تعتبره وطنا بالمعنى الكلاسيكي للوطن؟

ـــ هذا ما أثبتته التجربة، فما أن تهاجر مرة، فأنت مهاجر إلى الأبد، وخاصة عندما تقضي وقتاً طويلاً في المكان الجديد وتتعايش معه بشكل حقيقي، ستتغير فيك أشياء كثيرة مثلما ستتغير أشياء كثيرة في وطنك الأم، لذا ستشعر بغربة من نوع ما، عند معاودة اللقاء به، مثلما أنت أصلاً غريب في البلاد الأخرى... كان ومازال الوطن موضوعة حاضرة بقوة في كل أعمالي، من حيث محاولة البحث عن مفهوم له وطبيعة العلاقة به، وأعتقد بأنه لو تتبعها باحث ما، سيكتشف طبيعة تحولات الرؤية والعلاقة عندي حياله. لقد ظل سؤال الوطن يطبخني وأطبخه على نار ملتهبة أحياناً وهادئة أخرى، وأعتقد بأنني سأموت دون الوصول إلى مفهوم نهائي عنه، مع أنني الآن في مرحلة القناعة بترجيح مفهوم المواطنة على مفهوم الوطنية، لأن المواطنة مفهوم موضوعي، تعتمد على أسس وقوانين واضحة تحترم وتساوي بين الجميع وبين الحقوق والواجبات وتتجاوز العنصرية والتمييز على أسس ضيقة، بينما الوطنية مفهوم غير مفهوم كلياً، عاطفي، ضيق، متعصب ويمكن التلاعب به والمزايدة فيه وتوظيفه لما قد يضر أحياناً أكثر مما ينفع.

س8- في "حدائق الرئيس" و"ليالي القصف السعيدة" تناولت الحرب بشكلين مختلفين، وفيهما بحسب قراءة نقدية لهما "نجح الرملي فيما اختار من طرائق للسرد متكئا على فكرته الأساسية، أنه على مدى نصف قرن، لم تتبدل حياة الناس البسطاء، الحروب، الحصار، المقابر الجماعية وفوضى الاحتلال" كيف ثبّت الزمن على هذا الامتداد؟

ـــ عادة، إننا لا نستطيع قياس الزمن دون ربطه بأحداث، وبما أن الأحداث التي عصفت بالعراق، على مدى العقود الأخيرة، كانت كلها من نوع واحد وهو الخراب والوجع، لذا يبدو وكأن الزمن متوقف، وبما أن الأدب، بوصفه الأول، هو وصف، فهذا بحد ذاته وصف ينطوي على إشارة وتذكير بأن الزمن يتغير، فيما نحن نراوح في الحفرة نفسها، وعلينا أن نجد سبيلاً للخروج منها كي نشهد ونستثمر ونستمتع بتغيرات الزمن.

س9- في أعمالك غالبا ما تحاول طرح السؤال التقليدي: هل نحن مسيرون أم مخيرون في حياتنا؟ الذي كان ومازال محط اجتهاد واختلاف على مستوى الفلسفة والمدارس الدينية.. ما الذي تريد قوله في هذا الطرح؟

ـــ في رأيي، أن العمل الأدبي، وخاصة الروائي، لابد أن ينطوي على طبقات أعمق من الطبقة السطحية الظاهرة منه، والتي هي الحكاية، لأن الحكاية في نهاية الأمر، هي مجرد إطار أو وسيلة لإيصال رؤية أو تفكير معين، والحكاية كأداة، هي أمر تستثمره مختلف الميادين الأخرى كالتعليم والدين والفلسفة والتاريخ والإيديولوجيا وحتى العلوم، لذا فالأدب، ومنه الرواية، هو ليس مجرد حكايات، وإنما حامل لمواضيع وقضايا وأسئلة كبرى تمس جوهر الإنسان، فنجد جل الأعمال الخالدة أو الجيدة، تتمحور، في عمقها، حول مواضيع أساسية، كالموت والحب والمصير والألم ومحاولة البحث عن معنى للحياة ورؤية معينة للعالم.. وما إلى ذلك من هموم وقضايا وجودية، ومن ضمن ذلك يأتي طبعاً السؤال الأزلي، فيما إذا كان الإنسان مسيراً أم مخيراً، مهما بدا سطح العمل الأدبي يتحدث عن أشخاص محددين في مكان محدد وظرف محدد، الأدب صورة للإنسان في مظهره وفي جوهره، وفي جوهر كل إنسان تكمن أسئلة وجودية يتكرر طرحها دائماً، وهذا ما يفعله الأدب، وأحاول فعله أنا أيضاً من خلال الأدب.

س10 في تقنيات الكتابة الروائية لديك، يلاحظ تدفق المشاهد فيها كما سيناريو سينمائي، ماهي تأثيرات الاشتغال السينمائي على أعمالك الروائية؟

ـــ لا يوجد أي فنان معاصر لم يتأثر بشكل ما، بتقنيات فن العصر، الذي هو السينما، وفي رأيي أن الرواية والسينما يتشابهان من حيث قدرتهما اللامتناهية على استيعاب مختلف أشكال الفنون الأخرى، وشخصياً لي أصدقاء من الوسط السينمائي الاسباني والعربي أو ممن لديهم اهتمام واشتغال فيه، وكانت لي تجارب بسيطة في العمل السينمائي بشكل مباشر ككتابة سيناريو أو تمثيل أو مساهمة في مونتاج ونقد وتحكيم وما إلى ذلك، إلا أنني وبحكم انحيازي للأدب أصلاً، أعتبر أن تقنية المشاهد في السينما هي التي تأثرت بتقنية المشاهد في الرواية والمسرح والملحمة والحكاية وليس العكس، بحكم أن هذه الأجناس قد كانت سابقة لظهور السينما بقرون، وبما أنني مشتغل ومنشغل بالأدب أكثر من أي فن آخر، لذا أعتقد بأن الصياغات المشهدية في أعمالي متأثرة بالأدب أكثر من تأثرها بالسينما.

س11 في "حدائق الرئيس" تبدو واقعيا جدا ومتجنباً للحيل السردية، وسأذهب مع قول ماركيز "ان الواقع أغرب من الخيال" هل كان هذا تصورك وانت تكتب الحدائق؟

ـــ غالبيتنا نتفق على مقولة (الواقع أغرب من الخيال)، والتي أضيف إليها كلمة (أحيانا)، لأن الخيال هو الرائد للواقع أصلاً وسيبقى متفوقاً عليه دائماً، كونه غير مقيد بأية قيود منطقية ومادية كما هو الواقع، وأنا حين كتبت "حدائق الرئيس" لم أكن أسعى أو أبحث عما هو غرائبي، وإنما كنت أحاول بشكل ما، الصراخ بقوة وصف الألم والمحنة والمصير وبما أشرت إليه سابقاً عن تكرار السؤال الكبير المتعلق بكون الإنسان مسيراً أو مخيراً. تمسكت بالواقعية، حد الوثائقية أحياناً، لأقول للعراقي، من الجيل الجديد والأجيال القادمة، وللعربي الذي لم يشهد تفاصيل كثيرة مما جرى داخل العراق الدكتاتوري، وللأجانب من غير العرب الذين يكررون طرح أسئلة عليّ، في المحاضرات واللقاءات في أكثر من بلد، عن حقيقة ما جرى وما يجري في العراق، لأقول لهم (هذا ما حدث)، لذا فهي العمل الروائي الوحيد لي، حتى الآن، الذي استخدمت فيه، كتقنية عامة، صيغة (الراوي العليم) وليس ضمير المتكلم.

س12 في الرواية نفسها تبدأ بمشهد الرؤوس المقطوعة في صناديق موز، بينما هو خاتمة الرواية؟ ماهي الدلالات الرمزية لهذه التقنية؟

ـــ هي تقنية صعبة وفيها مغامرة، أن تبدأ رواية من نهايتها، على الرغم من أنها ليست جديدة، ولكن تطبيقها ليس شائعاً، وفيها نوع من تحدي الكاتب لذاته وأدواته. المشهد واقعي حدث في قريتي وأشرت إليه في الإهداء، لكنه بالفعل ينطوي على دلالات كثيرة بعد أن تحول إلى عمل أدبي، ومنها صناديق الموز التي تشير إلى وجود تدخلات خارجية، لأن العراق ليس بلد زراعة موز، كما أن المشهد برمته، كأنه مقدمة تقول: سأحكي لكم من الآخر، بلا لف ولا دوران، هذه هي نتيجة ما عشناه في العقود الأخيرة.

س12 ما كان موقفك الشخصي من انتفاضة اكتوبر 2019؟

ـــ معها بكل تأكيد، وبكل قلبي وعقلي وجهدي ووقتي منذ انطلاقتها، لأنني أعرف الكثير من الشباب المساهمين فيها وفي تنظيمها وتحريكها، وأعرف نبلهم وصدقهم ووعيهم وكيف يفكرون وماذا يريدون وأثق بهم، وكنت على تواصل يومي معهم، وفي رأيي هي أهم وأشجع وأنضج وأنظف حراك ثوري عراقي حقيقي، انتفض في ظل ظروف صعبة ومعقدة، ضد طبقة حاكمة فاسدة أنهكت البلد وتقوده كل يوم إلى هاوية أكبر، لذا فهي تشبه انتفاضة الأنفاس الأخيرة قبل الاختناق، مصحوبة بإرادة حقيقية ونية صادقة لإنقاذ البلد.

س13 ما هو تقييمك لموقف المثقفين والأدباء العراقيين من هذه الانتفاضة، وأنت الذي طالبت بعدم قراءة أي حرف لأي أديب أو مثقف لم يدعم الانتفاضة الشعبية التي طالبت بوطن؟

ـــ لست أنا وحدي من يقيمهم، وإنما الناس، بل وحتى هم أنفسهم، ذلك أن معيار تقييم المواقف صار واضحاً في ظرف كهذا، وهو، واحد من ثلاثة: إما مع انتفاضة شعبك، أو ضدها لأنك مستفيد من الوضع المزري والقاتل الذي هو فيه، وإما أنك حيادي ذو دم بارد وعديم الحس، لا تكترث بدم خيرة شباب بلدك يسفك في الشوارع وتسكت... وعلى هذا الأساس، فبالتأكيد سأقاطع قراءة أي نتاج لأصحاب الموقفين الآخرين، الضد والساكت، فكما يقال "هذه الثمرة من هذه الشجرة" فأية ثمرة ذات قيمة سأنتظرها من مثقف يقف ضد انتفاضة شعبه أو آخر عديم الإحساس لا تحرك فيه شيئاً معاناة أهله ولا استباحة دمائهم وأموالهم ووطنهم ومستقبلهم وأحلامهم! لا قيمة لأي نتاج ثقافي ما لم يكن لصالح الإنسان والناس أكثر مما هو لصالح مُنتِجه.

-----------------------

*نشر في (كتابات) بتاريخ 27/9/2020م

https://kitabat.com/2020/09/27/%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%aa%d8%b1%d8%a8-%d9%85%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%85%d9%84%d9%8a-%d8%b1/


الثلاثاء، 13 أكتوبر 2020

ڕۆمانی "خورمای سەر پەنجەکان"ی محسن ئەلڕەملی / هەولێر

 بالكردية

چاپی نوێی ڕۆمانی "خورمای سەر پەنجەکان"ی محسن ئەلڕەملی بڵاوکرایەوە 

ئارام كوشكى

چاپی نوێی رۆمانی "خورمای سەر پەنجەکان"ی محسن ئەلڕەملی بڵاوکرایەوە، کە ڕەنجدەر جەبار کردوویەتی بە کوردی و ناوەندی ڕۆشنبیریی ڕەهەند چاپ و بڵاوی کردووەتەوە. ئەم رۆمانە یەکێکە لە ڕۆمانە بەناوبانگ و سەرنجڕاکێشەکانی ئەم نووسەرە عێراقییە و ساڵی ڕابردوو چاپی یەکەمی بڵاوکرایەوە. وەک سەباح هورمز لە وتارێکیدا دەربارەی ئەم ڕۆمانە دەڵێت: (ئەگەر عەلی بەدر سێ ڕۆمانی نووسیبێت، هەریەکەیان گوزارشت لە قۆناغێکی دیاریکراوی مێژووی عێراق بکەن، کە هەر ڕۆمانێکیان دوو سەد لاپەڕە دەبێت: (بابا سارتەر) مێژووی ساڵانی پەنجاکان و سەرەتای شەستەکان، (مامۆستایانی وەهم) ساڵانی هەشتاکان، (ژنە کافرەکە) ساڵانی دوای ٢٠٠٣ بگێڕنەوە؛ ئەوا محسن ئەلڕەملی ئەم سێ قۆناغە لە ڕۆمانی "خورمای سەر پەنجەکان" دەگێڕێتەوە. تێمای سەرەکی ئەم ڕۆمانە لە دەوری سێ کارەکتەری سەرەکی دەخولێتەوە، کە سەر بە سێ نەوەی جیاواز و خاوەن سێ ئایدۆلۆجیای جیاواز و سێ دنیابینی جیاوازن، ئەوانیش: باپیر (حاجی موتڵەق) خاوەن کاریزما و سەرۆکی خێڵەکەی خۆیان و خاوەن ئیمانێکی پتەو و کەسایەتیی بەهێز. باوک (نووح)، کە دەبێتە کوڕی موتڵەق و لە دێیەکەی خۆیان کەسایەتیییەکی بێئەندازە گوێڕایەڵ بۆ باوکی و ئیماندار، بەڵام لە ئەوروپا ڕوویەکی نوێ لە کەسایەتیی دەردەکەوێت، کە خاوەن کەسایەتییەکی سەرکێش و یاخی و لێوانلێو لە حەزی بۆ ئافرەت و مەیخواردنەوە و گاڵتەوگەپ و خۆشنوودی. هەروەها کەسایەتی سێیەم کوڕ (سەلیم)، کە خودی چیرۆکخوانی ڕۆمانەکەیە کەسایەتییەکی ئاشتیخواز و خۆپارێز و دوور لە کێشە. چیرۆکی ڕۆمانەکە لەسەر ئەو لەیەکچوون و جیاکارییانە بنیاد نراوە، کە لە نێوان ئەو سێ کارەکتەرە لە لایەک و هەر کارەکتەرێک لەگەڵ خۆیدا، یان لەگەڵ کەسایەتییە دژبەرەکەی لە ناخی خۆیدا لە لایەکی تر هەڵی گرتووە. تاکە شتێک هەموو ئەم کەسایەتییە جیاواز و لەیەکچووانە کۆدەکاتەوە ئەویش خورمایە؛ وەک هێمایەک بۆ خاک، بۆ نیشتیمان، بۆ ئەو خەونەی لە ناوکەکانیدا ژیان بە چەندین شێوە تێیدا بەرجەستە بووە، کە لە کاتی خوێندنەوەیدا، خوێنەر پەی بەو مێژووەی خورما و نهێنییەکانی لە نێو ئەم خێزانەدا دەبات. نووسەر دەیەوێت لەوڵاتێکدا کە مێژووەکەی تژییە لە شەڕ و یەکتر قەبوڵ نەکردن تێمەیەکی گرنگی وەکو لێبوردەیی و تۆڵە بخاتە بەرباس.

محسن ئەلڕەملی نووسەر و وەرگێڕێکی عێراقییە و لە ئیسپانیا دەژی. جگە لە چەند کتێبێکی شیعری و چەند شانۆگەرییەک و چەندین بەرهەمی وەرگێڕان لە ئیسپانی و عەرەبییەوە، خاوەنی شەش ڕۆمانە، کە تا ئێستا پێنج دانەیان کراون بە کوردی. ڕۆمانی خورمای سەر پەنجەکان دووەمین ڕۆمانی محسن ئەلڕەملییە ساڵی ٢٠٠٩ بڵاو کراوەتەوە و لە ساڵی ٢٠١٩ وەرگێڕ (ڕەنجدەر جەبار) کردوویەتی بە کوردی و ناوەندی ڕەهەند چاپ و بڵاوی کردووەتەوە. لەم رۆژانەشدا چاپی دووەمی ئەم ڕۆمانە و ڕۆمانی (باخچەکانی سەرۆک)ی هەمان نووسەر، کە ئەویش وەرگێڕی ناوبراو کردوویەتی بە کوردی، بڵاو کرایەوە.

------------------------------------------------

*هەولێر /تشرینی یەکەم 13, 2020

https://es.calameo.com/read/005862252491401835efc 

https://www.hawler.in/index.php/2017-12-28-23-19-07/item/25916-2020-10-13-03-50-07 

السبت، 10 أكتوبر 2020

" باخچەکانی سەرۆک"ی نووسەری عێراقی محسن ئەلڕەملی / هەولێر

 بالكردية

باخچەکانی سەرۆک، ڕۆمانێک لە هەناوی کارەساتەکانەوە 

ئارام كوشكى

بڕیارە هەفتەی ئاییندە چاپێکی نوێی ڕۆمانی "باخچەکانی سەرۆک"ی نووسەری عێراقی محسن ئەلڕەملی لەلایەن ناوەندی رۆشنبیریی ڕەهەندەوە چاپ و بڵاوبکرێتەوە. ڕۆمانی (باخچەکانی سەرۆک) سێیەمین ڕۆمانی محسن ئەلڕەملییە، کە ساڵی ٢٠١٢ چاپ کراوە و لە کاتی بڵاوبوونەوەیدا دەنگدانەوەیەکی بەرفراوانی بەدوای خۆیدا هێناوە و ساڵی ٢٠١٣ بەربژێری لیستی درێژی خەڵاتی بوکەر بۆ ڕۆمانی عەربی بووە. ئەم ڕۆمانە لەلایەن ڕەنجدەر جەبار کراوە بە کوردی و ساڵی ٢٠١٨ خانەی چاپ و پەخشی چوارچرا چاپی کردووە و هەفتەی ئایندەش چاپی نوێی بڵاودەکرێتەوە.

ڕەنگە هیچ دەقێک هێندەی ڕۆمانی مێژوویی ورد نەبێت لە پێکانی ئامانجەکانی و هیچ دەقێک هێندەی ئەم ژانرەی ئەدەب لە لایەن وەرگرەوە هەستی پێنەکرێت. دەقی مێژوویی ڕووداوگەلێکی ساردوسڕ و بێگیانمان بۆ دەگێڕنەوە، بەڵام ڕۆمانی مێژوویی دەچێتە وردەکاری ژیانی مرۆڤەکان و مێژوویەکی زیندوومان پێشکەش دەکات، مێژوویەک تێیدا مرۆڤ تەوەری باس بێت، نەک هێز و پیلان و پلانە سیاسییەکان و چەک و پارە و ژمارە بێگیانەکان. هەروەک لە ڕۆمانی باخچەکانی سەرۆکدا نووسەر ڕەتی دەکاتەوە قوربانییەکانی جەنگەکان تەنها ژمارە بن، بەڵکو هەریەکێک لەوانە خاوەنی ژیان و خێزان و هاوڕێ و خەون و ئامانج و دنیابینی تایبەت بە خۆیانن. نووسەر لە شوێنێکی ڕۆمانەکەدا دەڵێت: (خۆ ئەگەر هەر کوژراوێک کتێبێک بوایە، ئەوا عێراق دەبووە کتێبخانەیەکی گەورە، کە تەنانەت پۆلێن کردنیشی ئەستەم دەبوو).
ئەم ڕۆمانە مێژووییە باس لە خەمبارترین قۆناغەکانی ڕابردووی وڵات دەکات، هەتا دەگاتە ڕۆژگاری ئەمڕۆ. لە دەستپێکی ڕۆمانەکەدا دەڵێت: (لە وڵاتێکدا کە مۆزی تێدا نییە، سەرلەبەیانییەک خەڵکی ئاوایی بە بینینی نۆ پاکەت مۆز بەئاگا هاتن، لە ناو هەر یەکێکیاندا کەللە سەری یەکێک لە خەڵکی گوندەکەی تێدابوو.). مۆز ئەو میوە نامۆیەی کە نەوەکانی پێشتر ڕەنگە ژمارەیەکی زۆریان هەر تامیشیان نەکردبێت، بەڵام پاش ڕووخانی ڕژێمی بەعس لە ٢٠٠٣ ئەم میوەیە بە بڕێکی زۆر هاوردەی وڵات کرا. لێرەدا نووسەر ئەو ڕووداوە نامۆیانە و ئەو دەستە و تاقمە دەرەکییانە و ئەو هزرە نامۆیانەی پاش ڕووخانی ڕژێم هاتنە ناو وڵاتەوە لەگەڵ ئەم میوە نامۆیە گرێ دەدات. تەوەری سەرەکی ڕۆمانەکە لە دەوری سێ کەسایەتی دەخولێتەوە، کە لە لادێیەک و لە سێ مانگی یەک لەدوای یەک لەدایک بوون و پێکەوە تووشی سورێژە بوون، پێکەوە چاکبوونەوە. پێکەوە پێیان گرت پێکەوە فێری مەلەوانی و ڕاوە چۆکەلە و کۆتربازی بوون. پێکەوە فێری کاڵەک و هەنار دزین و یاری تۆپی پێ و بازی بەرز و نیشانشکێنی بوون. پێکەوە چوونە قوتابخانە و هەمیشە لەکاتی دەستدرێژی قوتابییەکانی تر بۆ سەریان بەرگرییان لەیەکتری دەکرد. لەکاتی تاقیکردنەوەکان لە کێڵگە، یان لە ژووری یەکێکیان بە شەوان کۆششیان دەکرد؛ ئەوانیش عەبدوڵای کافکا و ئیبراهیمی قسمەت و تارقی سەرسام بوون.
هیچ شتێک نەیدەتوانی ئەم سێ هاوڕێیە لەیەکتر جیا بکاتەوە تاریکی نەبێت، ئەو کاتانەی دنیا تاریک دادەهات و هەریەکەیان دەگەڕانەوە بۆ ماڵی خۆیان، دواتریش تاریکییەکانی دیکە، کە باڵی بەسەر وڵاتدا کێشا، توانی ئەم سێ هاوڕێیە لەیەکتر جیا بکاتەوە. کاتێک جەنگی ئێران-عێراق دەست پێدەکات، عەبدوڵا و ئیبراهیم دەبرێن بۆ خزمەتی سەربازی و تارق بەهۆی خوێندنی لە پەیمانگای ئیسلامی لەم سەربازییە ڕزگاری دەبێت. لەو جەنگەدا عەبدوڵا بۆ ماوەی بیست ساڵ دیل دەکرێت و لە ئێران توندترین ئەشکەنجە و خراپترین فۆرمەکانی دڕندەیی مرۆڤ بە چاوەکانی خۆی دەبینێت. ئیبراهیمیش پێش ئەوەی ماندووێتی ئەو جەنگە لە گیانی دەربچێت و لە پاش جەنگی کەنداو بە یەک پێوە دەگەڕێتەوە بۆ لای خێزانەکەی. ئاخر مرۆڤەکانی ئەم وڵاتە بە پێیەکی بڕاو، یان بە سەرێکی بڕاو، یان بە تەرمێکی شێوێندراو دەگەڕێنەوە بۆ ناو خێزانەکانیان. ئەو کەسانەشی برینێک بە لەشیانەوە نەبێت، بێگومان بە ڕۆحێکی بریندارەوە دەگەڕێنەوە.
گێڕانەوەکانی ئەلڕەملی، حیکایەتگەلێکن کە لە هەناوی کارەساتەکانی عێراقەوە هاتوونەتە دەرەوە و ئەم رۆمانەشی چەشنی ڕۆمانەکانی دیکە تژییە لە چیرۆکی تراژیدی و نەوە یەک لە دوای یەکەکانی عێراق.

------------------------------------

*هەولێر/تشرینی یەکەم 06, 2020

https://es.calameo.com/read/005862252fa4174fb12cc

https://www.hawler.in/index.php/2017-12-28-23-19-07/item/25799-2020-10-06-21-05-51

الاثنين، 5 أكتوبر 2020

مناقشة رواية: بنت دجلة / هيفي الملا

 

باستضافة محسن الرملي..

نادي المدى للقراءة أربيل يناقش بنت دجلة أونلاين 

هيفي الملا

في بادرة إيجابية ونحو إضفاء سلوكيات جديدة، والانغماس في أعمال من شأنها أن تسمو بالفكر والروح، وإيمانا منا أن القراءة محطة مهمة للتعامل الإيجابي مع الذات في زمن كورونا، وبعد توقف دام أشهر بسبب الظروف التي مازالت تخلقها هذه الجائحة، عدنا لنكمل ما بدأنا به عبر مناقشة رواية "بنت دجلة" للمؤلف والأكاديمي العراقي محسن الرملي، وهي المناقشة رقم "١٠١" في نادي المدى للقراءة بأربيل، والأولى أونلاين عبر صفحة المدى أونلاين، وباستضافة الكاتب العراقي المبدع محسن الرملي عبر البث المباشر من مكان إقامته في العاصمة الإسبانية مدريد، ومحاورته من قبل الأستاذة هيفي الملا من إدارة نادي المدى للقراءة بأربيل، والناقد الدكتور أحمد الظفيري من نادي المدى للقراءة في بغداد وذلك عبر تلقي مداخلاته عبر البث، وبإدارة مدير النادي في أربيل شيار شيخو.

بدأ مدير الجلسة بالترحيب وشرح آلية المناقشة، ثم الحديث مع الدكتور محسن الرملي عن أحوال وعادات وطقوس الكتابة في ظل كورونا وخاصة خلال ظروف الحظر الصحي، فعبر لنا ضيفنا الكريم بروح إيجابية عن دور الصبر الجميل والحب في تجاوز هذه الأزمة أو على الأقل التكيف معها، والتأكيد على فعل القراءة لتخفيف البؤس الذي يخلفه هذا الوباء، والذي أثر على كل مناحي الحياة في ظل جائحة وكارثة حقيقة حيث الموت والمرض والترقب القلق.

وبدورها قدمت هيفي الملا نبذة عن حياة وأعمال الدكتور محسن الرملي، وعن روايته المقررة للمناقشة وهي الرواية التراجيكوميدية "بنت دجلة" وانتقلت بعدها لمناقشة حوارية مع الكاتب، حيث تمحورت الأفكار حول العتبات النصية في أدب محسن الرملي، والسؤال عن النظرة التشاؤمية التي تلف العمل وتدوره حيث منظر الموت ذبحا في البداية والنهاية، ومن ثم تناول الشخصية الرئيسية في الرواية، بالمناقشة والوقوف عندها والتغييرات التي طرأت عليها والتناقضات التي عاشتها، والرمزية والتأويلات من خلال سلوكها وشخصيتها الطاغية المركبة والتي كانت من إفرازات وضع عام طال الجميع فتغيرت الأنفس والأمزجة والنظرة إلى الكثير من الأمور، واستفسرت هيفي الملا عن تأثير المكان على الدكتور محسن الرملي وربط تلك الفكرة بالانفتاح والتوازن بين ثقافته وثقافة البلد المضيف وبالتصالح مع أزمة الهوية. وبروح إيجابية ولغة فنية وتقنية عالية تحدث الدكتور محسن عن ظروف كتابة رواية "بنت دجلة" التي اعتبرها الرواية الأصعب لأنه لم ينطلق من مساحة حرة وهناك شخصيات كانت موجودة بالجزء الأول "حدائق الرئيس" ويجب الالتزام بها مع ترجمة قناعته بأن الرواية ليست موجهة فقط للقارئ العربي بل للقارئ الأجنبي أيضًا، فيتحتم أن تكون المعلومة فيها منسجمة ومتناغمة مع النسيج الفني للرواية لا سردا تقريريا للمعلومات فقط، و"بنت دجلة" رغم أنها أصعب رواياته كما ذكر لنا إلا أنها الأجمل والأكثر متانة من ناحية التخطيط والبناء وطريقة استخدام المعلومة، وبالنسبة له التجربة الغنية والمتميزة.

ويجدر القول إن الحديث الشيق والمفيد والذي لاقى المتابعة والإعجاب والتشجيع من قبلنا ومن قبل متابعي البث، حديث الدكتور الرملي عن ورش كتابة الرواية وأهميتها في خلق أو لنقل زخرفة مشاريع وأسماء وعناوين ناجحة تتوق لرؤية النور وهي كثيرة وقد تفاءل بها الدكتور محسن الرملي لأنها تتناول مواضيع جيدة لم يتم التطرق إليها ولكن المشكلة في هذه الأعمال هي الخلل في البناء والافتقار إلى بعض الأدوات التي تدخل ضمن التقنيات الخاصة بالرواية باعتبارها علم وفن، وعبر لنا الكاتب محسن الرملي عن أنه مع هذه الورش التي أثبتت فائدتها، ومع الاحترافية التي تختلف عن المزاجية في الكتابة، ومع وجود محرر يتم معه مناقشة كل التفاصيل لإعطاء أسماء جديدة وعناوين أعمال متميزة ورائعة، وأراد أن يقولها للناشر: أن يعتمد على محرر جيد وعندها ستكون الأعمال أكثر متانة وضبطا وإقناعا، واعتبره أمرا محمودا وليس معيبا البتة أن يدخل حتى الكاتب نفسه في ورشة لأنه وبلا شك سيكتسب إضافة من شأنها أن تزيد عليه ولو معلومة أو فائدة. وعبر لنا ضيفنا عن نظرته التشاؤمية حيال الحياة والوجود، ولكنها نظرة مغلفة بالإرادة والعمل الدؤوب، مسهبا في حديثه أن "بنت دجلة" هي رواية العراق ككل وليست روايته ومن ينكر أن العراق مازال يذبح والصورة مازالت قاتمة، وإن لم يسعفنا الوقت جيدًا للإسهاب فقد أشار الدكتور محسن الى أهمية المكان الجاثم داخلنا أو بعبارة أخرى المكان الذي يسكننا، والرواية ماهي إلا توثيق للمكان وحفظ للذاكرة والتراث.

وقد عبر الدكتور أحمد الظفيري بدوره عن موضوع الاستهلال الروائي، وبأنها ميزة في روايات محسن الرملي فهل يبدأ الكتابة بها أم ينتقيها من المتن بصورة عامة؟ وكانت إضافة الدكتور الرملي بأن الاستهلال علم يجب الاعتناء به لأن الأشياء بمطالعها، و"بنت دجلة" بدأت من حيث انتهت حدائق الرئيس.

وكما شغلت شخصية "عبد الله كافكا" المؤلف نفسه معبرا عن موضوع هذه الشخصية التي كادت تطغى على موضوع الحرب نفسه، فقد ركز الدكتور أحمد الظفيري على هذه الشخصية العدمية وهل تمثل جيلًا كاملًا بعد الحرب وترسخ لتحولات الشخصية العراقية؟ ولا يخفى أن الكاتب قد جعل من عبد الله كافكا جامعا لكآبة الأجيال وبأن الأدب يجب أن يكون فيه نوع من المبالغة للفت الانتباه.

وفي الفقرة المتعلقة بأسئلة المتابعين، دارت المداخلات والأسئلة حول الشخصية المحورية في الرواية وهل تستحق قسمة لقب "بنت دجلة"؟

وكاتبنا العراقي حتى النخاع كان من الطبيعي أن يقول بأنها تستحق اللقب لأن دجلة هي مهدها وقبرها، وكذلك أسئلة عن الشخصيات الأخرى هل هي خيالية أم من صلب المجتمع العراقي؟ وهل سنجد جيلا ثالثا في الرواية بعد رؤية الجيل الثاني؟ ومداخلات أخرى عن أعمال محسن الرملي ونظرته العامة للأدب.

وإن لم يسعفنا الوقت لتناول كل المداخلات نقاشا، إلا أن ضيفنا الكريم قد لخص في البداية نظرته التي عكسها بأهمية دور الرواية التي ليست حكاية فحسب، بل وثيقة فكر ومعلومات شأنها شأن كتب التاريخ. وفي النهاية كان جزيل الشكر لضيفنا على روحه التي أضفت الإيجابية، وفكره الذي أضاف الفائدة والتشويق للمتابعة مع الأمل بلقاءات جديدة، والأهم الوعد بالاستمرار والديمومة في ترسيخ فعل القراءة والتحاور وتبادل الأفكار بروح تواقة للرقي والتغيير ضمن مؤسسة ثقافية متميزة.

----------------------------

*نشرت في صحيفة (المدى)، العدد 4785 بتاريخ 6/10/2020 بغداد

https://almadapaper.net/view.php?cat=230461 

https://www.almadapaper.net/file/archiveto2615//5045/44347.pdf

قراءة في روايتيّ: حدائق الرئيس و بنت دجلة /د.بسام مرعي

 روايتان عن الحب الصادق رغم الحروب 

د. بسام مرعي

عبد الله كافكا في حديثه لأنور:"الحقل ثابت والحُب مُتحرك... فتحرَّك. ليس هناك أي حقل في العالم أهم وأجمل وأخصب من حقل الحب، وهو الأحق بالرعاية والري والغرس كي يعطي ثماره".

الروائي الجيد قد يغنيك عن زيارة بلد ما، أو معرفة مجتمع ما، لأن معرفته بالواقع وبالتاريخ وبسمات مجتمعه وناسه، أمر قد يختصر لك المسافات والأزمنة، ليكون دليلاً إضافياً على معرفة واقعه وظروف بلاده والمفاصل الرئيسية التي عايشها.

في قراءتي لروايتي /حدائق الرئيس/ و/بنت دجلة/ للكاتب محسن الرملي، وعلى الرغم أن (بنت دجلة) هي الجزء الثاني، فقد يستطيع القارئ قراءتها كرواية منفصلة، ولكن ذلك التكامل والترابط مع الجزء الأول، يشعر به جيداً قارئ الجزأين في تلاحم يكتمل عراه في (بنت دجلة)، حيث الغوص أكثر في نفسية الإنسان العراقي المتأذي بشكل أو بآخر من ويلات الحروب التي عاناها، ومن الوجود الأمريكي الذي مازال جاثما يتجرعون إفرازاته وسموم وجوده.

هذا الكاتب العراقي حتى النخاع، العاشق لهواء الريف ومياه دجلة، تلمست مدى تعمقه في تفاصيل المجتمع العراقي الريفي، حيث النهر والأرض وخيراتها، ورائحة خبز التنور وبساطة الإنسان وحكم الزمان والمكان.

وبراكين الغضب من خلال حقبتين متتاليتين مختلفتين بالتفاصيل والسمات وطريقة الحكم، حيث زمن النظام السابق وسياساته من خلال حروبه مع إيران، واحتلال الكويت وتجنيد أرواح الشباب وأمالهم وبتر أحلامهم في سبيل ذلك، ومحاولته قضم الخرائط المجاورة، وما خلفتها تلك الممارسات من مآسي وكوارث على الشعب العراقي، والتي مازلت آثارها واضحة إلى الآن، وذلك من خلال رسم تلك الحقبة في لوحة عراقية موجعة، لكنها واضحة المعالم، وسردها في شكل روائي شيق ومثير، وعاكس للأحداث الدراماتيكية التي عاشها الأنسان العراقي، إبان تلك الأحداث والمفاصل الهامة في حياة العراق، ثم الدخول الأمريكي بعد سقوط النظام السابق، والإفرازات التي تركها هذا الدخول، وتأثيراته على الحياة الاجتماعية والسياسية، في تدخل مباشر للبلاد مكملاً مشهد الوجع وتشويه خارطة الوجود العراقي.

الروايتان تعكسان بشفافية معاناة الأهل، ويظهر ذلك جلياً في شخصيات محورية ثلاث، وارتباطاتها بما حولها، طارق بن ظاهر إمام المسجد، عبد الله بن شق الأرض الملقب بكافكا وإبراهيم بن سهيل الدمشقي، لتدور أحداث الرواية ملتهبة في جزأين مليئين بالأحداث والتناقضات، تتراوح بين سوداوية المشهد العراقي السياسي، ووطأة الواقع المعاش، ضمن سرد روائي سلس ممزوج بين الوجع والتشاؤم، ومشاهد كوميدية ساخرة وبين طغيان حكم العادات والتقاليد إلى التمرد عليها، التمرد الذي طفى على وجه الرواية من خلال شخصية قسمة، التي سادت في (بنت دجلة) واحتلت العنوان وتحريك الحوار والأحداث، مكملة أنفاس والدها التي اختنقت في الجزء الأول، لتنتعش من خلال بحث ابنته عن جسده المنزوع عن رأسه، تمرد واضح، تجلى في لغة أحاديثها مع الشيخ طافر، بوجود الضابط الامريكي وزوجها وضيوف الشيخ، عندما اقتحمت عليهم مجلس الضيافة في مشهد غير مشهود ومعتاد عليه للمرأة، لتبدأ بعدها مبارزة غريبة، هي مبارزة تفوق الأنوثة أو الرجولة، متجاوزة الأعراف في مشهد هزلي ساخر.

كعكة العراق تقضم من قبل الكل، والكل محموم للحصول على حصته، بدءاً من المتدخل الخارجي، ومن قبل بعض أبناء الشعب المستفيدين الذين يتنافسون عليها، حيث الفساد يستشري في كل مفاصل البلاد، لتتحول إلى مستنقع متعفن مليء بالأزمات والفساد السياسي والطائفية.

لا تخلو الروايتان من مشاهد دموية بشرية صادمة وخطف وتناقصات عدة، ليتحول السرد إلى مشهد سينمائي مرعب، والذي عاش في العراق، لا يستغرب هذه المشاهد، سواء الذبح منها أو الخطف والقتل والسلخ والسحل.

و بالرغم من قتامة المشهد الروائي وسوداويته، لكنه لا يخلو من بصيص أمل، ليتم التأكيد في أكثر من موقف على كرامة الانسان العراقي المهدورة، والتي يحاول من خلال بعض شخصيات الرواية الحفاظ عليها، كموقف عبد الله كافكا مع والده جلال الدين، وموقف طارق بعد قراره الرجوع إلى قريته، وشعوره بالراحة عندما اقترب من القرية، وكأني به قد تخلص من شرور كادت تنهك نفسه التي كادت تقوده إلى غير ما يرغب، وكذلك ترك قسمة لمصيرها المشكوك فيه والمليء بالتناقضات، وقسمة التي عاقبت نفسها المتناقضة، لتنعم أخيراً بذبح كانت تتوق له لتعيش مشاعر أبيها الراحل.

تنطوي الروايتان على مشاعر الحب الصادقة التي تعيش وتكبر رغم شبح الحروب، مؤكداً عليها في الجزأين كمثال عبد الله وسميحة، وكدليل على أن الحب قد ينمو رغم الظروف وبه نتحدى الواقع وفلسفته العبثية... وكأني بالكاتب يحاول بهذه الطريقة، أن يضيء النفق المظلم ليؤكد أن الإنسان أمل وحب وحياة.

https://www.facebook.com/1675483022721843/photos/a.2055899981346810/2703588643244604/