الخميس، 24 مايو 2012

حوار مع: محسن الرملي / أجراه: أيهم العباد

مُحسن الرّملي .. يَهُشّ على الغربة بتَمرِ الأصابعْ

حاوره: أيهم محمود العباد
     إلتقيته عائداً من مدريد قبل عامين من الزمن، ليس من باب الصدفة، وإنما بعد معارك الكترونية طاحنة كان وقودها الشوق والقصائد وأشياء أخرى لاتصلح للبوح لكنها الأكثر إغراء في لعبة التلاقي، قال: سأملأ رئتيَّ وأعود! وراح يتصفح ألبوم الخسارات، مستعينا على الحاضر بالذاكرة الخارجة تواً من وطأة الحرب ومنتحباً على الخريطة التي داهمها الصغار..
محسن الرملي، سليل الوطن المذاب في الهواء، حفيد طين التنانير وبلاغة الأمهات، لا ينتمي إلى مدرسة جامدة فكرية، ولا يكف عن البحث في الوجود عن معنى للوجود من خلال الكتابة، متمرد على نفسه أحياناً، الحرف عنده كائن هجين، والفكرة في عقله تدور عكس الطواحين، وكأن عالمه كثيب رمل متحرك عمرانه الألغاز والأحجيات... وعاد كما جاء، كالبرق.. الى مدريد، مسقط غرامه الأخير، فابتدأنا اللعبة من جديد، وكان السؤال..
*بعد كل هذا الغياب، أين تضع الشرقاط في جدول أعمالك؟
ـ بعد كل هذا الغياب، والذي ربما سيطول أكثر، لم أنس قريتي ولا الشرقاط ولا العراق، كانوا معي في كل لحظة، ولا أظن بأنني قادر على نسيانهم أبداً، ذلك مستحيل لإن أبرز ما في تكويني وهويتي هو أنني عراقي، وعليه فلست أنا من يقرر أن يضعه في جدول حياتي وإنما يتعلق الأمر به أكثر مني، ويعتمد على متى ومدى تقبله هو لي كما أنا وكما أريد، حيث لا أريد منه، ومن أي مكان، سوى أن يوفر لي الأمان والحرية، ولكن يبدو بأن هذا غير متوفر فيه لحد الآن.
*لماذا اخترت اسبانيا دون غيرها، هل عوضتك الفردوس المفقود منذ عهد ملوك الطوائف؟
ـ اخترت إسبانيا لأنني أعرفها وأعرف ثقافتها أكثر من غيرها من البلدان الغربية، وسبق لي زيارتها سنة 1988 وكنت قد درست اللغة الإسبانية في جامعة بغداد، لذا أردت إكمال دراستي أيضاً كي تكون لسنوات غربتي منفعة أخرى. أما عن "الفردوس المفقود" فأنا لست مع هذا الاصطلاح بكل دلالاته في الذهنية العربية وسبق لي وأن كتبت عن ذلك في دراسة لي عنوانها "إسبانيا بعيون عربية"، وأرى بأن حال الأندلس وإسبانيا الآن هو أفضل بكثير مما كان عليه في عهد ملوك الطوائف وأفضل مما لو بقي بأيدي العرب، فها أنت ترى حال البلدان العربية، فليصلحوها أولاً ثم بعد ذلك ليبحثوا في الدفاتر القديمة ما شاءوا.
*في زيارتك الأخيرة للعراق قلت: "هموم وطني هي دافعي للكتابة" هل الذاكرة وحدها تكفلت بتأسيس مشروعك الأدبي، أم أن الخراب اليومي يأخذ الحيز الأكبر من رصيدك في الكتابة؟
ـ الأصح، هو أنني قلت، بأن هموم وطني هي التي تهيمن على كل ما أكتب، أما دافعي الأصلي للكتابة فيتعلق بقلقي الوجودي كإنسان، لذا أتصور نفسي بأنني كنت سأكتب، في كل الأحوال، سواء أكنت عراقياً أو لم أكن. وفيما يتعلق بالذاكرة فهي الرصيد الأهم لدى كل إنسان وليس عند الكتاب أو المبدعين وحدهم، فمجمل تكوين وتفكير ونفسية وشخصية كل إنسان يتعلق بطبيعة ذاكرته وبما فيها. أما عن الفعل الإبداعي فكل شيء يصلح لأن يكون موضوعاً بما في ذلك العدم أو اللاشيء نفسه.
*يقال بأن الإنسان هو ابن بيئته فإذا ما ارتحل عنها حمل عاداته وتقاليده في حقيبته، إلى أي المواطن تنتمي اليوم؟
ـ بالفعل، الإنسان "إبن" بيئته، وكما يقول حسن مطلك فإننا لا نبتعد عن الطفولة مسافة خطوة، وكما يقول علم النفس فإن الطفل هو أبو الرجل، وهكذا فإن سنوات الطفولة تعد أهم المراحل في تكوين شخصية كل إنسان، إلا أن هذا لا يعني بأن الإبن سيكون نسخة مكررة ومطابقة تماماً، وإلا لما تقدمت البشرية مسافة خطوة. إن الظروف والتجارب اللاحقة ستساهم في تشكيله، وعني شخصياً فأنا أنتمي إلى كل ما ساهم في تكويني سواء أكان مكاناً أو ثقافة أو عائلة أو أصدقاء أو كتاب، لذا ليس لي انتماء أو موطن واحد وإنما متعددة، وأينما ارتحلت أحمل معي منها بعض القناعات وما استطاعت أن تتركه فيّ من أثر. أشعر بأنني صرت مزيجاً من كثير يوحده ما هو إنساني.
*تعدو السنون والحب ذات الحب، وأنت بين زمنين من الحب، عندما أطلقت أول صرخة عاشقة أيام دراستك الإبتدائية، أيمكن أن يجتاحك هذا الكائن الضوئي بعد الأربعين؟
ـ الحب، بكل أنواعه، ليس له عمراً محدداً أو ظرفاً بعينه، إنه السحري الذي يجمع كل المتناقضات، السهل الصعب، العذب المر، الواضح الغامض، المرغوب المرفوض، الحقيقي الوهمي.. إلخ. إنه شيء شبيه بالشِعر أو بالحياة حيث يمكن تعريفها بآلاف التعريفات، كلها صحيحة وكلها خاطئة في الوقت نفسه. وهذا من أسرار ما يجعل هذا اللغز دائماً وحيوياً ومغرياً وشاغلاً وقديماً وجديداً لا ينتهي إلا بانتهاء الحياة ذاتها.
*من أي النوافذ تنطلق رؤاك عادة، أمن الأمكنة أم من الشخوص؟
ـ من الشخوص، من الإنسان والزمان، فهما أكثر ما يشغلانني أما المكان فاهتمامي به جانبياً ومكملاً وأقل أهمية، اعتبره شيء خارجي وثانوي وليس جوهرياً في هم الإنسان الوجودي، أشعر بأن الزمن هو أنا وأي دقيقة منه هي دقيقة من عمري، أما المكان فهو شيء خارجي، مجرد إطار، وربما أن تجربتي وتنقلاتي طوال حياتي هي التي كسرت هذه العلاقة الروحية العميقة بالمكان التي عند البعض، أذكر بأنني حزنت جداً وبكيت كثيراً عندما انتقلنا لأول مرة من بيتنا الطيني إلى بيت إسمنتي أفضل، وبعدها توالت تنقلاتي بين القرى والمدن والمواضع في الجيش ولاحقاً في الغربة وهكذا إلى أن تحول عندي المكان إلى مجرد أداة لا أشترط لقبولها إلا أن توفر لي الأمان والحرية.
*تبدو شبيها بصقر قريش في نزعته وقريبا من لوركا تشريحيا، هل ثمة صفة مشتركة تربطك بهما؟
ـ بشكل عام، كل كائن يكاد يكون عالماً قائماً بذاته، وفيما يتعلق بالشبه، ربما أن الذي ذكرك بعبدالرحمن الداخل هو التشابه الجغرافي بين رحلتينا، من أرض الرافدين إلى الأندلس، الإيمان بإمكانية تأسيس حياة جديدة في مكان جديد، فقدنا لشقيقينا، الثقة بالنفس، النجاح في العديد من المساعي رغم الصعوبات التي تبدو وكأنها عائقاً يستحيل تجاوزه، حب الثقافة والشعر والحنين إلى النخيل العراقي والديار الأولى، ومثله كنت أقارن بين مدن الأندلس ومدن الرافدين وهذا ما تجده في كتابي "أوراق بعيدة عن دجلة" مثلاً، أما لوركا فهو شبيه بأخي حسن مطلك أكثر مني لذا كانت تسمية حسن بلوركا العراقي من قبل أصدقائه فيها الكثير من الصحة، كلاهما كان أديب وفنان حقيقي، عاشا حياتهما القصيرة كأنهما خارجين من صفحات الكتب وتشابهت نهايتهما المبكرة على أيدي ديكتاتوريات، ولي قصيدة تصف حالي ورحلتي بين أخوين قتيلين عنوانها "من لوركا إلى آخر".
*لا زالت عبارة "لا غالب إلا الله" شاخصة على جدران قصر الحمراء، ما الشعور الذي يسري فيك وأنت تطوف في هذا الصرح الخالد مستذكرا ثمانية قرون عربية خلت؟
ـ ليت كل الملوك والرؤساء وأصحاب المناصب يعلقون هذه العبارة العظيمة أمام عيونهم، إنها تذكير مذهل لهم سيجعلهم أكثر تواضعاً وإنسانية، أما عن شعوري في قصر الحمراء وغيره من الصروح الكبيرة التي تركها التاريخ، فإنني أختلف في تلقيها، ذلك لأنني أفكر فقط بمن بنوها فعلاً من العمال والعبيد والأسرى والمبدعين والمضطهدين وأتخيل معاناتهم وظروفهم ومقتل بعضهم أثناء هذا البناء، ومن ثم كيف كانت أحوال الخدم والجواري والمستخدمين تحت هيمنة ورغبات أصحاب الصرح والسلطة، ومع ذلك لايذكر التاريخ سوى الذي أمر بالبناء وليس من بنى بيديه فعلاً، بشكل عام لدي شعور معادي لأصحاب السلطة ومتعاطف مع البسطاء والمظلومين في كل زمان ومكان، وكما يقول لوركا؛ على الشاعر أن يكون مع الطرف الخاسر دائماً.
*لماذا اعترض الأساتذة الأسبان على موضوع أطروحتك للدكتوراه، وما قصتك مع سرفانتس؟
ـ قالوا بأنك لن تستطيع أن تاتي بجديد في دراسة رواية الكيخوته بعد أن كُتبت عنها أكثر من نصف مليون دراسة بمختلف اللغات وعلى مدى قرون، لذا رفض أكثر من مختص بالدراسات الثربانتيسية الاشراف على إطروحتي إلى أن استطعت إقناع أحد المعروفين بالاختصاص بأن لدي ما أقوله وبأن لدي الجديد فعلاً لأنني ابن ثقافة مختلفة عن كل الذين درسوا الكيخوته، وبأنني سأنطلق من ثقافتي العربية الإسلامية في تناوله، وهكذا كان الأمر فكشفت عن أشياء ما كانوا ليتوقعونها، لذا اعترفوا بذلك، شكروني ومنحوني أعلى درجة. وفي رأيي أن ثربانتس وأعماله لازالت تزخر بالكثير الذي يستحق دراسته.
*ماذا اكتشفت في ( دون كيشوت )، هل استحق موضوعها كل هذا الاهتمام؟ برأيك هل هناك دون كيشوت في عصرنا الحالي؟
ـ هذه أسئلة كبيرة وبعض الإجابة عليها كتبتها في أطروحتي التي تجاوزت الأربعمائة صفحة. بالتأكيد، الكيخوته يستحق هذا وأكثر، أما عن وجود كيخوته في عصرنا، فبرأيي أن الكيخوته موجود في داخل كل إنسان وفي كل العصور، هذا الجانب التواق للمثالي والإنساني والقيمي الحالم وصراعه مع الجانب الآخر المادي والواقعي فيه والمحيط به، فهذا موجود في كل واحد منا، إنه من سمات الإنسان الجوهرية.
*إذا كان الإسبان يحتفون بسرفانتس، والألمان بغوته، والفرنسيون بسارتر، والإنكليز بشكسبير، والطليان بدانتي، والهنود بطاغور، واليابانيون بميشيما، فمتى يحتفي العراقيون بمبدعيهم؟
ـ عندما يدركون بأنهم كلما احترموا مبدعيهم أكثر، كلما احترمتهم بقية الشعوب أكثر، عندما يدركون بأن قولهم أنهم من بلد اختراع الكتابة ومكتبة آشور ومن بلد كلكامش وحمورابي وعشتار وألف ليلة وليلة والحلاج والمتنبي والجاحظ وزرياب والسياب وجواد سليم وزها حديد وغيرهم أفضل وأشرف لهم من قولهم أنهم من بلد النفط والحروب وقطع الرؤوس والتطبير والاقتتال الطائفي.
*بماذا تصف تجارب الشعراء والأدباء العراقيين اليوم على صعيد التجريب ومحاكاة حركات التجديد في المحيط العربي والعالم بصورة عامة، وما مدى نضجها؟
ـ تجارب المبدعين العراقيين في الشعر والنثر والمسرح والرسم والموسيقى وغيرها من الفنون مهمة جداً وجريئة ومتقدمة على غيرها في الكثير من جوانبها، فمن سمات المبدع العراقي أنه دائم القلق، لايطمئن لمجرد إنجاز التقليدي، وإنما لديه هاجس دائم بالتجديد والابتكار والتجاوز، وهذا أمر يعد لصالحه على الرغم من أنه يُفقده إيجابيات التراكم الانتاجي الذي يساهم بالإنضاج، ويُفقده التوصيل الأوسع إلى المتلقي، إلا أن أكبر ما تعانية تجارب مبدعينا لايكمن في التجارب نفسها، وإنما بما تتعرض له من ظروف ظالمة، ومنها افتقارهم إلى الاستقرار والحرية والرعاية والنشر والتوزيع والتقدير الذي يليق بهم وبإنتاجهم، ولو توفرت للمبدع العراقي ولنتاجه الظروف المناسبة التي تليق به لأذهل العالم وساهم في صنعه كما فعل في عصور سابقة قديمة.
*بعد الضجة التي أحدثتها "بدعة" قصيدة النثر وما سواها من الظواهر الأدبية بشعرها ونثرها، هل يمكن أن تطل علينا أجناس حداثية جديدة تفوق ما سبقها في الذيوع والمنجزات؟
ـ لا أتفق مع توصيفك لها بـ "بدعة" لما تحيل إليه هذه المفردة من مرجعيات لها سياقات أخرى مختلفة، وأفضل توصيفها بـ "إبداع" لأنها كذلك فعلاً، وجواباً على سؤالك أقول بانه لمن المؤكد أن تظهر أجناس وأساليب جديدة دائماً، فهذه من جوهر سمات الإبداع، أنه يتجدد باستمرار وإلا لمات وانتهى منذ زمن بعيد، فكما يقول المثل الإسباني: الذي لا يُجدد يموت. ولهاذا فإن الإبداع لن يموت أبداً مادامت الحياة مستمرة، وسوف يطل علينا بالجديد دائماً.
*إنطلاقاً من عالمية ملحمة جلجامش بإنسانيتها العريضة وتعدد واضعيها كما أكدت المصادر التاريخية، ماذا تعني لك نظرية "موت المؤلف" تطبيقياً، وكيف تحدد مقومات الخلود في العمل الأدبي؟
ـ بالنسبة لي أرى بأن نظرية "موت المؤلف" هي التي ماتت وليس المؤلف، لأننا كلما عرفنا عن المؤلف وعن هويته وظروفه أكثر كلما ازدادت واغتنت معرفتنا بالنص واستوعبناه أكثر، وهكذا فإن بعض المعلومات القليلة التي نعرفها عن مؤلف كلكامش، من حيث أنه عراقي ومرحلته التاريخية والأجواء الثقافية في عصره وطبيعة اللغة والكتابة التي دون فيها نصه وما إلى ذلك من معلومات أخرى، تجعلنا نفهمها بشكل مختلف فيما لو قيل لنا أن كاتبها مكسيكسي مثلاً وكتبها في عصر غزو الثقافة الإسبانية، أما عن مقومات الخلود لعمل أدبي فلا أعرفها بالضبط وإلا لكتبت عملاً وفقها.
*ترجمة النصوص الأدبية مخيفة أحياناً بالنسبة للشعراء بقدر ما هي بوابة عريضة نحو العالمية، من أين يتأتى هذا القلق؟
ـ يأتي من الخوف على النص الأصلي من أن يفقد الكثير عندما يتحول إلى لغة أخرى غير لغته والانوجاد في مناخات وسياقات ثقافية أخرى مختلفة عن التي ولد فيها، فليس كل الأشجار تنمو وتثمر عندما يتم نقلها إلى أراضي ومناخات غير التي نبتت فيها، خذ مثالاً على ذلك أكبر شعراء العربية في كل العصور ألا وهو المتنبي، فعلى الرغم من ترجمة بعض نصوصه إلى أغلب لغات العالم إلا أنه لم يجد فيها أي صدى يذكر فيما هو في العربية لايزال يتربع على عرش الشعر.
*حضور الرواية العالمي على مستوى الجوائز والقبول الجماهيري، هل كان هو الدافع الذي جعلك تراهن على احترافها؟ ولماذا طالبت أصدقائك من الشعراء بالالتفات إليها؟
ـ شخصياً، أحترف الكتابة عموماً وليس الرواية تحديداً، ومراهنتي على كل ماهو ثقافي بشكل عام وليس على الكتابة وحدها، لأن تجربتي علمتني أن الثقافة هي أفضل الجسور للتواصل الإنساني ولتحسين إنسانية الإنسان. أما عن كون الرواية تتمتع بالحضور الأكبر الآن بين الأجناس الأدبية فهذا له أسبابه التي يطول شرحها، ولكنه لا يعني بأنها ستتسيد المشهد دائماً، إنها مرحلة قد تطول أو تقصر. ودعوتي لأصدقائي العراقيين بأن يكتبوا الرواية لأن ما حدث للعراق وفيه على مدى العقود السابقة بل وحتى العصور القديمة ولايزال يحدث، هو كبير جداً ويحتاج إلى المزيد من الروايات العراقية التي ستساهم في توسيع التعبير عنه وفهمه واستيعابه وتعريف الآخرين به.
*في روايتك (تمر الأصابع) ناقشت عقلية الإنسان العراقي البسيط ومزاولته لأحلامه في الترحال والاكتشاف، إلى أي مدى يمكن للقارئ أن يجد ملامحك فيها، وهل كان لرائعة الطيب صالح (موسم الهجرة إلى الشمال) تأثير في تشكيل معالمها؟
ـ نعم، في هذه الرواية الكثير من تجربتي الشخصية كعراقي مغترب، تدور أحداثها في إسبانيا والعراق، بين ثقافتين وعالمين مختلفين ولكنهما متداخلين في هواجس الشخصيات، لذا فهي تتناول العديد من إشكاليات الثنائيات، كالحرب والسلام، الديكتاتورية والحرية، التقاليد والمعاصرة، الواقع والذاكرة وغيرها، أبرزها الشرق والغرب، لكنها تختلف في رؤيتها عما جاء في (موسم الهجرة إلى الشمال) وغيرها من الروايات العربية التي تناولت الموضوع، وهذا طبيعي فالفارق الزمني بينها وبين رواية الطيب صالح أكثر من نصف قرن، ويمكن اعتبار (تمر الأصابع) من الجيل الثالث إذا ما اعتبرنا رواية (قنديل أم هاشم) ليحيى حقي كجيل أول و(موسم الهجرة إلى الشمال) وما جاورها كجيل ثاني، حيث نجد أن الروايات العربية الأخيرة التي تناولت موضوعة الشرق والغرب قد اختلفت ولم تعد منبهرة بالغرب والحرية الجنسية ولا هي معادية له باعتباره كان مستعمراً وما إلى ذلك، وإنما تتناول إشكاليات أعمق وأكثر تفصيلاً تتعلق بالشخصي الإنساني وبالتساؤل عن الهوية الثقافية وانشطارات الذات عند المهاجرين وغيرها.
*حسن مطلك، ابراهيم حسن ناصر، محمود جنداري، ماذا يعني لك هذا الثالوث المحكم؟
ـ أنا أكثر من خسر هؤلاء الثلاثة على الصعيد الشخصي الثقافي، كانوا بالنسبة لي أصدقاء قريبين وأخوة وقدوة، نحن من نفس المنطقة الجغرافية والثقافية ونفهم بعضنا أكثر، وكنا نتبادل النصوص والآراء والأحاديث والنصح، وفجأة اختفوا من حياتي تباعاً وبشكل تراجيدي موجع آلمني كثيراً ولازال وسيبقى يؤلمني، شعرت بعد رحيلهم بوحدة ووحشة مريرة وكلفتني مواصلة درب الكلمات بعدهم جهوداً منهكة، ولازلت حتى الآن كلما انتهيت من كتابة نص، أتمنى وجودهم كي يقرأوه ونتناقش به قبل نشره، لذا شعوري برحيلهم وخسارتهم يكاد يكون شعوراً دائماً. هذا عدا الاحساس بحجم أمانة إرثهم الذي تركوه، ويحز في نفسي أن أعمالهم وسيرهم لم تحظ بالقراءات والنقد الذي تستحقه عربياً أو حتى محلياً على الأقل، إلا أن ظهور شباب جدد من محيطي ذاته ولهم الاهتمامات نفسها ويكنون التقدير لقيمة هؤلاء المبدعين الثلاثة أخذ يخفف عني شيئاً فشيئاً عبء هذا الشعور.
*كيف تقرأ إشكالية الوجود المشتركة ما بين (دابادا) و(شواطئ الدم.. شواطئ الملح)؟
ـ بالفعل أن كلا الروايتين تصرخان بالأسئلة الكبرى عن معنى الوجود والحياة، وربما أن الفرق الأبرز بينهما في طبيعة تناولهما للهم الوجودي، هو أن (شواطيء الدم.. شواطيء الملح) قد اتخذت من أجواء الحرب وظروفها وأماكنها أرضية لهذا التساؤل، أي من معطيات خارجية، أما (دابادا) فقد انطلقت من معطيات داخلية، من عمق الحس الإنساني لذا جاء اشتغالها أعقد وأعلى فنياً ولغوياً.
*أنت تتحدث عدة لغات، حينما تداهمك شرارة قصيدة كيف تختار اللغة التي تكتب بها، وهل تفرض شخصيتك على مرونتها السيميائية والبراجماتية؟
ـ معك حق، صرت أواجه هذا الأمر في أغلب ما كتبته في الأعوام الأخيرة، حيث أجد نفسي أكتب نصاً بالعربية وآخر بالإسبانية وأحياناً باللغتين، مقطع من هذه وآخر من تلك أو بمفردات متداخلة، ثم أقوم بالترجمة لاحقاً، وهذا أمر أترك نفسي تستجيب له وفق ما تمليه عليها ثيمة النص أو لحظة كتابته، يكون همي الأول أن أعبر عنه بأفضل وأدق ما يمكن، وبعد الانتهاء وتركه لفترة أعاود الاشتغال عليه بموضوعية أو حتى ببراغماتية كما وصفت.
*كثير من مثقفينا يدفنون رؤوسهم في التراب لحظة التغيير السياسي، كيف استقبلت أيام الربيع العربي؟
ـ أنا سعيد بهذه الثورات وشاركت في دعمها بما استطعت، أنا مع التغيير وإن كنا نجهل حتى الآن إلى أين سيقودنا، لكن التغيير بشكل عام هو سمة الحياة أما الجمود فهو سمة الموات، ومهما تكن النتائج فلا أظن بأنها ستكون أسوأ مما كان عليه الحال، أما عن دور المثقف فلا أتفق مع الذين صاروا ينتقدونه بقسوة ويطالبونه أكثر من غيره بالمزيد من التضحيات، فيما لم نر أحداً ينتقد أو يطالب قطاعات أخرى كالفلاحين والتجار والعساكر والمعلمين وغيرهم بما يطالبون به المثقف، هذا على الرغم من أن المثقف في طبعه إنسان مسالم وليس لديه سلاح سوى الكلمات، كما ينسون أن المثقف كان وحده في مواجهة القمع والدكتاتوريات وهي في أوج تسلطها، والأمثلة كثيرة ممن تعرضوا للسجن والتعذيب والنفي والقتل ولم يخرج الناس في تظاهرات دفاعاً عن مثقفيهم الذين كانوا يطالبون بالحرية والعدالة والكرامة لشعوبهم.
*ما هو شعورك وأنت ترتبط بنكبة حزيران ميلادياً وتكبر معها عبر الفصول؟
ـ ههههههههه.. اعتدت على توالي النكبات منذ أن وعيت على هذه الدنيا حتى صارت جزءاً من مفهومي لطبيعة الحياة، وأرى بأن النكبات ستستمر في تواليها إلى أن تنتهي بنكبتي النهائية التي هي الموت. وبالمناسبة، فإن هذا الشعور ليس بالسيء أو السلبي فهو من جهة أخرى يجعلك تقيم الحياة أكثر وتعيشها بشكل أعمق. لي مسرحية عنوانها (النائحة.. أو دفاعاً عن الحزن) كتبتها في بداياتي، وفيها شيء من إدراكي المبكر لهذه المسألة وتقبلها بإيجابية.
*في وصيته الأخيرة قال ماركيز: "كل لحظة نغمض فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور"، من أين تستشف فلسفة البدايات والنهايات، وإلى أيها تنحاز؟
ـ ماركيز لم يكتب هذه الوصية ولا غيرها، وإنما كتبها أحد المعجبين به مقلداً أسلوبه، وللأسف لازلت أرى الكثير من صحافتنا العربية تعيد نشرها على أنها وصية كتبها ماركيز. أما مسألة البدايات والنهايات فأنا أراها نسبية وإجرائية، فثمة إحساس لدي بتساوي قيم الأشياء وبواحدية الزمن ماضيه وحاضره ومستقبله وكذلك بتساوي ووحدة الوجود بالعدم، الواقعي والخيالي، الذكرى والوهم وغيرها.
*من يتابع تقويمك اليومي يجدك مولعاً بتصوير الطبيعة، هل جربت الفنون التشكيلية؟
ـ في الأصل، أنا ابتدأت رساماً ومنذ الدراسة في الابتدائية والثانوية كنت أشترك بمعارض ونلت جوائز وما إلى ذلك، لازلت أرسم وإن كان بشكل أقل، ونُشرت لي رسوم في صحف ومجلات ورفقة نصوص في كتب وأغلفة لكتب. والتصوير مكملاً لذلك وخاصة بعد توفر الكامرات الجيدة، كما أرى بأن التصوير صار يعوضنا عن كتابة اليوميات وتدوين مشاهداتنا وملاحظاتنا في السفر، إضافة إلى أن الذي دفعني مؤخراً للاهتمام بالتصوير أكثر وبشكل يقترب من الحرفية هو اشتغالي في الصحافة.
*أتحلم بكتابة مذكراتك؟
ـ لقد عرضت علي دار نشر إسبانية معروفة أن أفعل ذلك، لكنني أرى أن الوقت لازال مبكراً لتدوينها، وأفضل أن أترك الفرصة أولاً لتسلل بعضها إلى نصوصي الأدبية. ربما سأكتبها في المستقبل البعيد، لأنني بالفعل قد عشت وشهدت ما أعتقد بأنه يستحق تدوينه.
*انت مهتم بالرياضة؟ وهل أنت برشاوي أم مدريدي؟
ـ لا، بشكل عام لا أهتم بالرياضة. كنت مولع بها عندما كنت في سن المراهقة حيث يكون التعرف على الجسد ونموه اكتشافاً والاحساس به والتركيز عليه يفوق ما سواه، وشاركت في مسابقات المدارس كما شكلت فريق كرة قدم في القرية وغيرها، ولدي قصة قصيرة في كتابي الأول عنوانها "كرة وقدم". ولكنني تخليت عن ذلك عندما أدركت بأن مستقبل الشخص الرياضي أو ما هو جسدي قصير ومحدود وأنك كلما كبرت بالسن تراجعت قدراتك ومتعتك بينما ما هو عقلي كالمعرفة والثقافة والعلم والفن على العكس من ذلك تماماً فهي تنضج أكثر كلما تقدمت بالسن. ومن جهة أخرى فإني أرفض صيغة التنافس والممايزة بين إنسان وآخر على أساس القوة وما هو مادي فيزيائي وجسدي، فهذا مقياس لا يليق بالإنسان وإنما بالمكائن أو بكائنات أخرى، بينما تعجبني متابعة الرياضات التي تتنافس بما هو ذهني وجمالي كرقص التزلج على الجليد المصحوب بالموسيقى والشطرنج وألعاب السباحة المصحوبة بالموسيقى. أما كرة القدم فلا أشاهد إلا مباراة واحدة كل أربعة أعوام وهي الأخيرة في كأس العالم وبصحبة أصدقاء وعادة ما أنحاز لأسباب غير رياضية فأشجع فرق الدولة الأضعف دائماً. لا أتابع ولا أتبع أي من فريقي مدريد وبرشلونة ولا سواهما، على الرغم من أن بيتي بجوار ملعب ريال مدريد ولا أذهب إليه إلا عندما لا تكون هناك مباراة وفقط لتناول العشاء في مطعمه النظيف. يسغرب أصدقائي العرب، وليس الأسبان، عدم اهتمامي هذا، فيما أنا أستغرب ظاهرة الولع مؤخراً في بلداننا والذي تحول إلى حد التعصب كعادتهم في التعامل مع أغلب الأشياء. بالطبع وراء ذلك ما يفسره ولكن يطول شرحه، لذا أختم قولي بمقولة أتذكرها للكاتب البرتغالي ساراماغو: كل الناس يقولون لي عليك أن تمارس الرياضة لأنها مفيدة لصحتي، ولكنني لم أسمع أبداً أي أحد يقول لرياضي عليك أن تمارس القراءة لأنها مفيدة لعقلك.
*محسن الرملي "أوراق بعيدة عن دجلة".. كيف ترتلها للوطن وأنت الماكث على الرمل الإسباني؟
ـ أحياناً، يكون الابتعاد عن الوطن درساً عظيماً يعينك على توضيح مفهومك له، والمسافة بينكما تتيح لك فرصة رؤيته من الخارج بشكل أفضل. كتبت "أوراق بعيدة عن دجلة" في السنوات الأولى لخروجي من العراق لذا تراه حاضراً في كل حرف فيها بقوة وعذوبة وعذاب. لم يكن الأمر سهلاً يا صديقي.. لم يكن سهلاً.
---------------------------------
*نشر في موقع (شهريار) بتاريخ 16/5/2012م
*نشر في (مركز النور) بتاريخ 18/5/2012م.
*نشر في صحيفة (المثقف) العدد:2124 الجمعة 18 / 05 / 2012م

الأحد، 13 مايو 2012

في ضيافة محسن الرملي / أسامة محمد صادق

في ضيافة محسن الرملي
أسامه محمد صادق

في احدى ليالي أيار، اتفقنا أنا والقاص جمال نوري والناقد كفاح الالوسي بأن نعد أمسية هادئة ومثمرة في مقهى وكازينو زيونة بتكريت.....
ومن بين ما أعددناه، قراءة نص للمغترب الدكتور محسن الرملي، ولأنني أصغر الثلاثة وصاحب الفكرة وأتمتع بقوة النظر، نصبوني عريفا للأمسية.. فألقيت على مسامعهم قصة (القصف في غرفه آمي)....
وما أن وصلت إلى (فيتفجر جبل مكحول في الضفة الأخرى من النهر وتهتز جدران الطين هنا. يرتجف سعف النخلات المتبقية، تفزع الأبقار والحمير والنعاج ، وتنبح الكلاب، وتقوقئ الدجاجات) حتى استوقفني الناقد كفاح الالوسي بعد ان أشعل سيكارته وعب وزفر منها أول الأنفاس وعاد بذاكرته الى حقيقة تلك الكهوف التي كانت الحكومة تحفرها تحت المدينة الاثرية مدعية بأنها مصنع للسيارات فيما قالت الإذاعات الأجنبية بأنه مصنع لأسلحه الدمار الشامل......
في حين بدت على القاص جمال نوري ابتسامه حذرةً وإصغاء نادر (حين شرعت الام تسرد لهم الحكايات التي كانت تسمعها من امها عن السعلاة والحنفيش ونصف النصف والطنطل والسندباد وانها لا زالت تذكر الكثير من الحكايات التي قبرها التلفاز بحضوره منذ أعوام) ومن بين ما قصته لهم واقعة أسر زوجها مع ثلاثين من رفاقه في ثورة العشرين ودور الامير عبدالله في منع قائد الانكليز غلوب باشا (ابوحنيك) من اعدامهم قائلا:
ـ العراقيين زلم خشنة ما يستاهلون الموت.
بعدها حاولت أن أتوقف عن القراءة طلباً للاستراحة وخوفا من أن يتسرب الملل على جلستنا فالقصة محتشدة بالأحداث لكن صاحبيّ لم يرق لهما توقفي وطلبا مني مواصلة القراءة، وسرعان ما تحولت أمسيتنا إلى قهقهات منتظمة، كلما تقدم الحدث بنا وصولاُ الى المقطع التالي:
"مر النهار ثقيلاً، طويلاً حتى حلول الليلة الثانية بعد أن أصبحت الحجرة خانقة بفعل بخار ودخان الطبخ والفانوس وفساء الأولاد فسمحت لزوجتي أن تزيح البطانية من تحت الباب وأقنعت الأطفال بعدم الضحك على من يضرط منهم (لأن الذي لا يضرط يموت).. لذا لم يعد أحدهم يجاهد في كبت غاز بطنه إذا ما ضايقه.. بل أن بعضهم كان يطلب من الآخرين الصمت كي يستمعوا إلى ضرطته ليتلقى بعدها التصفيق والتهنئات منهم على نجاته من الموت..".
ومن بين أهم المحطات التي استوقفتنا في قصة الرملي
".. وإننا لابد أن نموت وسنموت مرة واحدة فقط فمن العبث قضاء الحياة خوفاً من الموت الذي هو في كل الأحوال سيصيبنا عاجلاً أم آجلاً.. ثم أن صعوبات الحياة ليست مشكلة مادمنا أحياء وإذا متنا فلا مشكلة على الإطلاق.. تنتهي المشاكل ولكل شيء نهاية.. فلماذا الخوف؟".
...........
...........
لقد ذهب الخوف، هذا ما قالته العجوز: "
هيا اخرجوا.. لقد ذهب الخوف... فسألتها الجارة من ثقب البلاستك: هل انتهت الحرب؟. وأجابت أمي: لا.. ولكن أنت إنسان ولست نعجة"!!.
وما ان طويت أوراقي ورميتها على الطاولة الخشبية وقلت لصاحبي:
ـ انتهت القصة.
حتى لمحت في عينيهما احتجاجاً ورغبة لو أنها لم تنته.
وما أن تبادلا النظرات فيما بينهما حتى انبرى كل منهما يثني على حُسن صنيعي بتخصيص هذه الجلسة لقراءة هذه القصة. بعدها التفت الالوسي لصاحبه قائلاً:
ـ ابدأ أنت أولا... ما هو رأيك فيما سمعت يا جمال؟
فقال:
ـ لاشك ان القصة كانت ملئى بالحركات المتقنة والجميلة وان القاص تنوع في سرده، من سارد عليم، الى سارد ذاتي،
الى سارد موضوعي، وهذا كله يحسب للقاص الذي أبدع في جعل نصه وحدة متماسكة بذروات متعددة، لكل ذروة قمة، ما ان تنتهي حتى نجد ذروة أخرى تنتظرنا صوب فضاء آخر....
أما الناقد كفاح الالوسي فعاد بنا الى أصل الحكاية وبذرتها الأولى، في أوائل التسعينيات من القرن المنصرم، وكيف واجهت الأم القروية بعد غياب أبنائها في الجبهات تلك الإشاعات باستخدام الغازات الكيمائية السامة، وكيف استفاد القاص من تلك الوقائع المأساوية، ملمحاً في سخرية مفضوحة لفساء الأطفال كمعادل رمزي لتلك الغازات الكيماوية المزعومة، كما توقف عند التداخل الحكائي للنص وبراعة القاص في الاستفادة من تقانة الفلاش باك وسرد الأحداث المتلاحقة بلغة بسيطة لا تحتاج من القارئ الكثير من العناء لفهم النص والإمساك بدلالاته ومعانيه مؤكداً على ما قاله جمال نوري...
ـ بأن كل هذه الأمور مجتمعة تحسب لصالح القاص الرملي في بناء قصصي مقنع وممتع في آن، معتبراً النص من النصوص الجريئة، وهو ما اعتدناه على الرملي في كتاباته السابقة، خروجاً عن السكة التي التزم بها الكثير من القصاصين متجاهلاً في الوقت نفسه بأنها الخلطة السحرية التي لا يجيدها إلا من يملك موهبة وفطنة الرملي.
ولم تنته أمسيتنا إلا بعد أن أبلغنا صاحب الكازينو بنفاد ، مع ذلك لم ينته الحديث عن القصة وذهبنا نكمل ما بدأناه أثناء عودتنا لمنازلنا.
ودعتُ صديقي الحميمين، وفي نفسي أشياء كثيرة يمكن أن أكتبها عن محسن الرملي ليس أهمها ما قلناه.. بل ما سنقوله في طالع الأيام....
قلوبنا قبل أيادينا تصفق لك أيها الرملي احتفاء بمنجزك الإبداعي..
--------------------------------
*أمسية في حدائق مقهى زيونة في تكريت، بتاريخ   2012/5/11