الثلاثاء، 29 أبريل 2014

محسن الرملي.. بين ماركيز و حسن مطلك

ماركيز و حَسن مُطلَك
مُعَلمان كبيران في الأدب والحياة
محسن الرملي
الكاتب العراقي حسن مطلك، شقيقي، هو الذي قربني إلى ماركيز وهو الذي أبعدني عنه. فمثل الجميع، أصابه ماركيز بسحريته حد الهوس حين قرأه مطلع ثمانينيات القرن الماضي بحيث صار يقول: إنني أستطيع لمس السماء بيدي لأن سماء قريتي هي أقرب السماوات إلى الأرض. ودفعني لقراءته، فكنا نمضي ساعات طوال بالحديث عنه وعن أعماله، كان هو  يفليها جُملة جملة ويحفظ الكثير منها، وكلما سمعنا بصدور ترجمة لشيء من أعماله، كنا نستعير سيارة ونسافر إلى بغداد التي تبعد عن قريتنا قرابة الخمس ساعات، كي نقتنيه.
بعد إنهائي للدراسة الثانوية، كان علي أن أختار ما سأدرسه في الجامعة، أنا أريد دراسة المسرح وأهلي المتدينون يرفضون، ففكرت أن أدرس الصحافة، لكن صديقي وابن قريتي الكاتب الراحل إبراهيم حسن ناصر، الذي كان قد أنهى دراسته للصحافة تواً نصحني بشيء آخر، قائلاً بأنها لم تضف له شيئاً وبأن أفضل صحافيي العالم لم يدرسوها أكاديمياً، وأنصحك بدراسة اللغة الإسبانية. فاجأني الاقتراح لأنه لم يخطر لي على بال، وكنت سيئا بدراستي للإنكليزية، كما أن شهادة اللغة الإسبانية ليس لها أي مستقبل وظيفي في العراق. فسألني: هل قرأت (مائة عام من العزلة)؟ قلت: طبعاً. قال: هل أعجبتك؟ قلت: جداً جداً. قال: فتخيل كيف هي، فيما لو قرأتها بلغتها الأصلية إذاً!.
عدت راكضاً إلى أخي حسن مطلك وأخبرته بالأمر، فقفز مهللاً للفكرة وراح يعدد لي مناقبها وكيف سأكون محظوظاً بأن أقرأ لماركيز كل جديد دون انتظار ترجمته. ووقف إلى جانبي معنوياً ومادياً وعائلياً بهذا القرار ودعمني بكل التفاصيل اللاحقة من تسجيل ومن تخفيف غربة عيشي لأول مرة في المدينة، وما أن صرت أعرف القراءة بالإسبانية حتى راح يسألني عن كيف يلفظ اسم ماركيز وعناوين أعماله بالضبط، كان يقول أريد أن أسمعها كما يقولها هو، وأستشعر إيقاعها الصوتي.
وهكذا كانت الرغبة بقراءة (مائة عام من العزلة) بلغتها الأصلية، هي المفتاح الذي قد غير مجرى حياتي بأكمله، لكنني وبعد أعوام طويلة، هنا في مدريد، ومداومتي على قراءة أي جديد يصدر لماركيز أو عنه حال صدوره، ومنها أعماله (خبر اختطاف)، (ذكريات غانياتي الحزينات) و(عشت لأروي) لم تعجبني كثيراً، وبعد أن صار في مكتبتي طبعات مختلفة من روايته (مائة عام من العزلة)، أردت تنفيذ تلك الرغبة القديمة، وشرعت بقراءتها مجدداً، فلم أجد فيها ذلك السحر الذي كان، وأن أعمالاً أخرى لآخرين أقل منها شهرة تعجبني أكثر، فأدركت حجم ما تغير في ذائقتي عموماً وحيال ماركيز بشكل خاص، وكان لحسن مطلك أثراً مبكراً في هذا التغيير أيضاً، فهو بعد أن تعمق بماركيز حد التشبع، اكتشف ما يفرقه عنه، وهو أن ماركيز لاعب ماهر بالصور والخيالات والكلمات لكنه بلا أفكار مهمة، وكان يقول:" إنه يجيد صنعة الرواية لكنه لا يضيف شيئا فكرياً للقاريء.. فهو سطحي". وفي كتابه الخاص بتأملاته في فن الرواية (الكتابة وقوفاً)، قال ما نصه:"تمرن ماركيز طويلاً لكي يسخر منا، إنه لم يقل شيئاً مهماً، لم يأت بفكرة كبيرة، غير أنه أتقن اللعبة الأدبية وعرف أسرارها أكثر من أي روائي في العالم، على وجه التقريب، ولذلك فهو خدّاع، يفكر أولا كيف يهيج القارئ ويستثيره، ويعرف كل الوسائل الممكنة في صناعة الدهشة، غير أنه لا يوازي فوكنر الذي يمتلك الحس المأساوي ويتلمس كارثة الإنسان، وماركيز يحوّل الموت إلى لعبة فيرمينا في السطح، فماذا سيقول عنه هيدجر لو كان حيا؟".
استطاع ماركيز أن يوسع آفاق الواقعية ويثريها عبر توسيع جانبها الفنطازي، بينما يريد حسن مطلك (واقعية مطلقة) كما يسميها "واقعية الحاضر"، واقعية تتسع لكل شيء وتضم إلى جانب الخيال والسحر والفانتازيا، التاريخ والعلم والفلسفة والفنون وأنه "مثلما يختفي الحاجز بين الواقعي والخيالي، بين الذات والموضوع، فإنه يختفي كذلك بين الرواية ذات الحدث الواحد والرواية المُرَكَّبَة." وأن "يجري دمج الشخوص بالخلفيات، بالآثاث، بالأحداث الأخرى، بحيث لا يكون ثمة إمكان لقيام شخصية بدون انفتاح على العالم".
حسن مطلك يرى بأن أي كتاب يخلو من معرفة هو خداع للقاريء، وماركيز يرى بأن الخدعة ذاتها هي معرفة أيضاً... وأنا أتفق مع كليهما.
هذان هما مُعَلماي الكبيران في الأدب والحياة، وكان لحسن مطلك الأثر الأكبر والمباشر عليّ حياً وميتاً بحيث أشعر أحياناً وكأنني مجرد نتاج آخر من بين أعماله، لذا يطول الحديث عن أثره علي، كما يطول الحديث عما تعلمته من ماركيز، والذي من بينه: التحرر والجرأة في الخيال كحل ألجأ إليه عندما أعجز عن إيجاد حلول واقعية، ومثال ذلك أنني ختمت مسرحيتي (حيّة عادل) بأن يتحول البطل المحاط بسخرية الآخرين إلى ماء في صحن، وجعلت شخصية محمود في روايتي (الفَتيت المُبَعثَر) شخصية مُحرِّكة للحدث دون أن يكون لها أي وجود فيزيائي ولا ظِل ولا أثر، وشخصية عبود الذي يتحول تدريجياً من أجمل طفل إلى ذئب مخيف، ثم يختفي من حفرة موصدة في المقبرة، أعدت له بهدف معالجته من السحر بالسحر. وبدأت رواياتي (حدائق الرئيس) و(تَمْر الأصابع) من نهاياتها كما فعل ماركيز في روايته (قصة موت مُعلن)، تعلمت منه أن أروي مأساتي بجمالية لصالح الحياة، وأن احب قريتي وقرويتي بدل المخاوف التي زرعها فيّ النقاد في البداية، حين قالوا بأن الرواية هي ابنة المُدن وللمدن وعنها، تعلمت التخلص من عقدة كوني لا أعرف اللغة الإنكليزية فماركيز أيضاً لا يعرفها ولم يكترث لذلك. تعلمت الابتسام في الصور، حُب الحياة أولاً ومن ثم حُب الأدب، حُب العائلة وحُب الأصدقاء، فأردد عبارته: إنني أكتب كي يحبني أصدقائي أكثر. ومن خلال لقاءاتي ببعض أصدقائه من الكولومبيين واللاتينيين وطريقة حديثهم عنه بعادية تخلو من الهالة والسحرية، صرت أسعد بالتعامل العادي مع أصدقائي وتناسيهم لي ككاتب عندما نلتقي، وأن أُخلص لهم بغض النظر عن مواقفهم السياسية والثقافية والعامة ورؤية الآخرين لهم. تعلمت منه الاحتفاء والاحتفال بالصداقة، بالحياة وبالإنسان والأدب، وأن أتحدث عن أعمالي باعتزاز ومحبة ودعائية.. وليس ادعائية، أن ألتذ بالكذب الأبيض، وأن أُبالغ في القول أحياناً لأضاعف الجمال، ألا أزعل من النقد الذي ليس لصالحي، وأن أكون أقل خشية من كتابة عمل أقل من مستوى ما سبق وأن كتبته... وتعلمت أن أغلب ما قد نراه من المستحيلات، ما هو في الحقيقة، إلا مُمكِنات مُؤَجّلَة.
هذان هما مُعَلماي الكبيران في الأدب والحياة، وهذا بعض ما تعلمته منهما، وسأبقى أتعلم منهما كل يوم. حسن مطلك مات مشنوقاً، وماركيز مات وأُحرِقت جثته، لكن أثرهما باق في حياتي وتكويني وكتابتي إلى أن أموت.
---------------------------------
*نشر في صحيفة (أخبار الأدب) المصرية، عدد خاص بماركيز، رقم العدد: 1083  الأحد 27  ابريل  2014
 

محسن الرملي في معرض الشارقة الدولي للكتاب

محسن الرملي في معرض الشارقة الدولي للكتاب
 من يوم 8 ولغاية 20 نوفمبر/تشرين الثاني، شارك الكاتب محسن الرملي في فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2013 في الإمارات العربية المتحدة
الشاعر والاكاديمي العراقي يعرض تجربته على طلبة مدارسة حلوان
الشارقة / علاء عمران
زار الشاعر والأكاديمي العراقي، الدكتور محسن الرملي، أحد الضيوف المشاركين في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين، مدرسة حلوان بالشارقة.
يأتي ذلك ضمن برنامج ضيوف المعرض الذي يتضمن زيارات المدارس والجامعات والالتقاء مع الطلبة، والحديث معهم في مختلف شئون العلم والمعرفة والثقافة والحياة، والخبرات والتجارب الشخصية.
وخلال زيارته للمدرسة تحدث الدكتور الرملي مع معلمي المدرسة وطلبتها، وتناول تجربته الشخصية ككاتب عراقي في المهجر منذ سنوات، وقال إن استقبال الطلبة له كان ملفتًا للنظر وغير متوقع، وكان تفاعلهم إيجابيًا جدًا، وسألوه عن الحياة العامة في إسبانيا، وركزوا على الرياضة والأندية الرياضية.
وذكر الدكتور الرملي أنه حدثهم عن ضرورة وجود حلم وهدف لكل إنسان ولكل طالب، وضرورة أن يسعى إلى تحقيقه وإنجازه، لأنه بذلك يصنع لحياته ووجوده معنى.
كما توقف الرملي في لقائه مع طلبة المدرسة عند بعض محطات تجربته، وحدثهم عن أمريكا اللاتينية نظرًا لتواجده هناك في أكثر من محطة بحياته، مشيرًا إلى أن أحد الطلبة فاجأه عندما طلب منه أن يوقع له على قميصه، حيث "سرعان ما فتح صدره، وقدم قميصه كي أوقع عليه"، لافتًا إلى أن هذه الخطوة عادة مألوفة في أمريكا اللاتينية، وليست في الرياضة فقط كما يعتقد البعض، بل تتعدى ذلك إلى مختلف مجالات الحياة ومن بينها الثقافة والأدب.
(اثناء زيارتي لإحدى المدارس الثانوية في الشارقة وبعد محاضرتي ومحاورتي مع الطلاب والأساتذة تقدم إلي أحد الطلاب وطلب مني أن أوقع له على قميصه قائلاً: هنا فوق قلبي.)
يذكر أن الدكتور محسن الرملي، شاعر عراقي الأصل، ومترجم، وأستاذ بالجامعة الأمريكية في مدريد، منذ عدة سنوات، وتنقل في أكثر من بلد خلال وجوده في المهجر منذ أكثر من عشرين سنة.
إلى ذلك، يتضمن برنامج معرض الشارقة الدولي للكتاب، تنظيم زيارات ميدانية فردية لنحو 30 من ضيوفه الكُتاب والمؤلفين والمبدعين إلى مختلف المؤسسات التعليمية والاكاديمية من مدارس وجامعات في الشارقة، بين السابع والرابع عشر من نوفمبر الجاري، بهدف تعريف الطلبة من مختلف الأعمار بأهمية القراءة والثقافة والمعرفة، والتعريف بمهارات الكتابة، وتجارب الكُتاب الشخصية في تأليف كتبهم، تعزيزًا للدور الريادي للمعرض في نشر الثقافة والمعرفة بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى التعريف بهم وبأعمالهم أمام الطلبة والأساتذة، والإجابة عن تساؤلاتهم التي تتعلّق بالكتابة والثقافة والنشر، وتقديم توجيهات ونصائح وإرشادات للطلبة، حول القراءة والكتابة والمعرفة.
------------------------
 الأكاديمي محسن الرملي يتوقع أن تقوم الرواية بثورة فنية داخلية لكي تجدد نفسها


الاتحاد/ بتاريخ: السبت 16 نوفمبر 2013
أكد مشاركون في ندوة «الرواية ورهان التجديد» التي أقيمت في ملتقى الكتاب، ضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب، أهمية وضرورة التجديد في الرواية، وأنها يجب أن تجدد ذاتها كي تستمر في مكانتها، شارك في الندوة، الروائية الهندية انجاليا جوزف، والروائي والشاعر والأكاديمي العراقي الدكتور محسن الرملي، والروائي الإماراتي عبد الله النعيمي، والروائي المصري أشرف العشماوي، وأدارها الناقد عزت عمر.
واعتبرت الروائية الهندية انجاليا جوزف أن عنوان وموضوع الندوة مهمان جداً، خصوصاً أن الرواية دائما جديدة ومتجددة، لافتة إلى أن مسألة التجديد في الرواية تعتمد على أمور عدة، كما أنها بطبيعتها تتطلب التعامل والتفاعل مع الناس وكيفية التعايش معهم والتعلم منهم.
من جانبه، تحدث الدكتور محسن الرملي، في عناوين عامة عريضة، قائلاً إننا ما زلنا في زمن الرواية، فهي الأكثر حضوراً وقراءة ومبيعاً، والروائيون هم الأكثر بين مختلف ألوان الأدب، وتابع: لكني لا أتوقع استمرار وجود الرواية على قمة ألوان الأدب إذا لم تجدد نفسها، لافتاً إلى أن الشعر، وليس الرواية، هو روح الأدب. وأوضح أن من أكبر الإشكاليات التي تواجه الرواية على مستوى العالم، أن الروائيين كافة يكادون يكتبون بالأسلوب والتقنيات نفسها، ومعظمهم يكتبون بلغة الصحافة، ومع أن ذلك قد يكون في مصلحتها، لكنه في الوقت نفسه ضدها، وعموماً الكتاب قد ينتهي بصيغته الحالية، والرواية إذا لم تجدد نفسها فإنها لن تبقى في مكانتها، لكني على ثقة بأنها قادرة على تجديد نفسها، لافتاً إلى أن الرواية تحتل هذه المكانة نظراً لغياب الفلسفة، لأنها قادرة على تلمس الرؤى للحياة،
وتوقع الرملي أن تقوم الرواية «بثورة فنية داخلية كي تجدد نفسها، برؤية جديدة وقضية جديدة، وقد تصبح أصغر حجماً وكثافة من حيث الشكل، لكن إذا بقيت الرواية مجرد حكاية ستفقد أهميتها، ويجب عليها التخلص من عاديتها كي تستمر». وأكد أن التجديد «يجب أن يكون هاجساً لدى الروائي، خصوصاً أن الإبداع هو أن لا تكتب شيئاً عادياً».
بدوره قال الروائي الإماراتي، عبد الله النعيمي، صاحب رواية إكسبريسو، إن روايته جاءت بشكل أو بآخر استجابة للتطورات التقنية في الحياة، فهذه التطورات والمتغيرات التقنية أثرت في لغة الكتابة، ولفت إلى أن الجيل الجديد اليوم لا يُقبل على الرواية الطويلة أو الكبيرة، ولا بد له من بديل، من دون أن يعني ذلك الإلغاء، بل إن القارئ يحتاج إلى بديل واستجابة لمتطلبات التغيير، ولا بد من مراعاة كل الأذواق في كتابة الرواية، كما أنه من الضروري عدم غض الطرف عن الشباب واحتياجاتهم وتوجهاتهم.
أما الروائي المصري، أشرف العشماوي، فقال إن المعرفة القادمة من الرواية هي التي تحمل التجديد للرواية، وأكد أن الرواية ستظل في القمة، لأنها المدخل إلى الفنون الأخرى، والأسهل في القراءة، ولفت إلى تنوع تجارب التجديد في الرواية المصرية، ومن بينها كتابة الرواية بطريقة المشاهد السينمائية، لافتاً إلى أننا في مصر عبرنا جسر التجديد.

------------------------
4 كتّاب يناقشون رهان التجديد في الرواية


الشارقة - إبراهيم اليوسف
احتضنت قاعة ملتقى الكتاب في إكسبو الشارقة، مساء أمس الأول، وعلى هامش فعاليات المعرض، ندوة بعنوان "الرواية ورهان التجديد"، شارك فيها كل من د. محسن الرملي-العراق،عبد الله النعيمي- الكويت، أنجالي جوزيف-الهند، أشرف العشماوي- مصر. وحضرها عدد من الكتاب والشعراء والنقاد والإعلاميين ومتابعي الشأن الثقافي، وقدم لها الناقد والروائي السوري عزت عمر الذي أوضح في كلمته أن الأسماء الأربعة التي يقدمها في الندوة، قد شهدت حضوراً في المشهد العربي والدولي، ما يعني أنها ستقدم خلاصة تجاربها حول محاور الندوة، وإن كان الموضوع المتناول مرتبط بقضية شائكة، تتعلق بزماننا الذي اختلف إلى حد كبير عن الأزمنة السابقة التي أنتجت فيها أبرز الروايات العربية والعالمية، ثم راح يصوغ سؤالاً تمهيدياً، وهو "إن كان الروائيون العرب قد عبروا برزخي الكلاسيكية والحداثة، بأمان، إلى ما بعد الحداثة، أم أن الأزمنة الثلاثة مازالت حاضرة تتنفس من خلال نماذجها المعروفة؟" .
انطلق النعيمي من تجربته في روايته "اسبريسو" التي حظيت بشهرة كبيرة منذ لحظة نشرها-كما وصفها عزت- ليبين أنها استجابت لتطورات التقنية في العالم ككل، بعد انتشار شبكة التواصل الاجتماعي، ليس على صعيد التسويق- فحسب- وإنما على صعيد اللغة، وقال: قبل كتابتي لروايتي كنت أقرأ أولاد حارتنا لنجيب محفوظ.
قال يبرز سؤال آخر أمام من يكتب الآن: أيعتمد اللغة البيانية المترعة بالجماليات؟، أم يكتب بلغة مباشرة، مكثفة، وهو ما طرحته بدوري على نفسي، لأختار اللغة التي تراعي هذين الجانبين، وقال: إن 75 في المئة من مجتمعنا هم من سن ما فوق ال25 الذين لا تسمح لهم ظروف الحياة بتحقيق رغبة القراءة، كما أن أغلب من يقرأ من بين هذه النسبة القليلة النساء
وقال محسن الرملي "أكاديمي وشاعر وروائي عراقي": "لا نزال في زمن الرواية، فهي الأكثر حضوراً ومبيعاً، وإن على الرواية أن تجدد نفسها باستمرار، فيما إذا أرادت الاستمرار، ثم توقف عند نقطة تأثر الروائيين ببعضهم بعضاً ورأى أنها تشكل مشكلة كبيرة لابد من التخلص منها" .
أما أشرف العشماوي- فقد ركز على الجانب المعرفي في الرواية، ورأى أنه هو من يشكل علامتها الفارقة، ويكفل استمراريتها، ثم تحدث عن جماهيريتها، وسهولة قراءتها، وتوقف عند الأساليب المتبعة روائياً لدى الكاتب المصري، ونزوع بعضهم إلى اعتماد تقنية المشهد السينمائي
وأكدت أنجالي جوزيف أن موضوع الندوة مهم جداً، وذلك انطلاقاً من روح الرواية المتجددة، وإن الحكم على رواية ما أنها متجددة، أم لا، ينطلق من جوانب تتعلق بشكلها ومضمونها، لاسيما أنها الأكثر تفاعلاً مع الحياة العامة التي يعيشها كاتبها.



الثلاثاء، 22 أبريل 2014

عن مسرحية: البحث عن قلب حيّ/ مصطفى العلوي

عن مسرحية
البَحث عن قلبٍ حيّ
ألَـــم وأمَــــل
 بقلم: مصطفى العلوي
ممثل: "لقد بحثت. . . ركضت طوال الأمس ولم أعد إلا الآن، سألتُ في مراكز الشرطة عن أي شخص مات بحادث أو قُتل.
فتشت في المستشفيات وفي بنوك العظام والدم والعيون وأعضاء البشر وفي غرف التشريح المرعبة
ووقفت عند منعطفات الشوارع أنتظر تصادم السيارات. . قلبتُ في الصحف عن محكومين بالإعدام
طرقتُ أبواب المحاكم بحثاً عنهم… درتُ على التجار… جميع التجار بأنواعهم فلم أجد عندهم قلباً واحداً يصلح لك.
فتسولت على الأرصفة ثم ناديت من يبيعني قلباً وبأي ثمن؟! مَن يُحسِن إليّ بقلب حي أو يدلني عليه أينما كان.. مَن؟..
ألا يوجد قلب حي واحد في هذا العالم؟".
هو استصراخ صاغه الكاتب العراقي المغترب الدكتور محسن الرملي وهو يرثي أخاه الشهيد في حرب العراق . .
فيصور لنا الكاتب في نصه المسرحي بأن أخاه يرقد في العناية الفائقة يحتاج إلى قلب ليعيش. . يبحث الأخ عن قلب لأخاه ليهديه إياه في عيد ميلاده . .
في ظروف بحثه عن قلب لأخيه تنتابه أحاسيس قاسية متضاربة متداخلة فيبحث تارة ويبكي تارة ثم يرقص ويبتسم ويهمس متذكرا طفولته مع أخيه.
ثم يضحك بجنون ويغني :
" سعيدٌ من لا يملك شيئاً
ومع هذا يُعطي الناس
يمنحهم قلبه ليعود
إلى المنبع بلا وسواس "
مشكلة تواجه الباحث، فهذا القلب ليس كأي قلب بل هو قلب حي، فلا يوجد قلب كقلب أخيه. . قلب نقي كالذي كان يملكه أخيه. يدرك الأخ أنه لا يوجد قلب جدير بأن يكون بديلاً في صدر أخيه. في النهاية يكتب الأخ وصيته وينتحر عند باب العناية الفائقة:" أهدي قلبي المتواضع إلى أخي في عيد ميلاده. . فحين ستحضنه أمي ستحضننا معاً وسيواصل قلبي النبض فيه".
محسن الرملي يجسد لنا معنى العطاء، فما الذي يجبر أخاً منح قلبه لأخيه إلا المعنى الحقيقي للعطاء هو أن يسأل نفسه كيف آكل وهو جائع؟؟ كيف أضحك وهو يدنو من الموت؟؟ يعلمنا الرملي أن نحس بالآخر وهذا ما يدفعنا للعطاء. . . نعطي بقدر ما نستطيع .
من هنا انطلقنا. . . ألم وأمل وطاقمه يعطي ويمنح الآخرين فرصة وصول كلمتهم للرأي للآخر، للحكومة.. للإنسان الذي يقدر العطاء.
سنواصل عطاؤنا الإعلامي مهما كلفنا من وقت وجهد مرددين أبيات الرملي:
" سعيدٌ من لا يملك شيئاً
ومع هذا يُعطي الناس
يمنحهم قلبه ليعود
 إلى المنبع بلا وسواس ".
-----------------------------------
*نشرت في موقع (ألم وأمل – سبلة عُمان) سلطنة عُمان 2014م