الاثنين، 27 يونيو 2016

محسن الرملي: لم أجد نفسي كما وجدتها في الكتابة/ حاوره:علاء المفرجي

حوار
محسن الرملي: لا أجيد أية مهنة أخرى ولم أجد نفسي كما وجدتها في الكتابة
يرى أن الثنائيات نازعته وتعذّبه..
هي صراع داخلي شرس بين مكانين وثقافتين ولغتين وزمنين
حاوره/ علاء المفرجي
 محسن الرملي كاتب وأكاديمي ومترجم وشاعر عراقي يقيم في إسبانيا. ولد سنة 1967 في قرية (سُديرة) شمال العراق. حصل على الدكتوراه، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من جامعة مدريد (أوتونوما) بكلية الفلسفة والآداب عن رسالته (تأثيرات الثقافة الإسلامية في الكيخوته) عام 2003 يكتب باللغة العربية والإسبانية كما تُرجم بعض من كتبه ونصوصه إلى العديد من اللغات كالإسبانية، الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية، الألمانية، البرتغالية، التركية، الروسية، القطالانية، الألبانية، الفنلندية والكردية. كما ألقى العديد من المحاضرات، وشارك في العديد من الندوات والأمسيات والمؤتمرات ومعارض الكتاب في العراق والأردن والمغرب وإسبانيا والبرتغال والكويت ولوكسمبورغ وقطر وكولمبيا والجزائر وليبيا والمكسيك وكوستاريكا والإمارات. وفي عام 1997 اسس بالتعاون مع الروائي عبد الهادي سعدون دار ومجلة (ألواح) في إسبانيا، يعمل حالياً أستاذاً في جامعة سانت لويس الأمريكية في مدريد. كما أقام في الأردن خلال عاميْ 1993-1994 ويقيم في إسبانيا منذ عام 1995 وما يزال هناك حتى الآن. تَرجم ونشر عشرات النصوص الأدبية القصيرة من الإسبانية إلى العربية، تنوعت بين الشعر والقصة والمقالة والتحقيق والحوار وغيرها، ومن بينها نصوص لأسماء معروفة عالمياً أمثال: غارثيا لوركا، بابلو نيرودا، رافائيل ألبرتي، بورخس، ماريو بارغاس يوسا، أوكتافيو باث، إيتالو كالفينو، كارلوس فوينتس، خوسيه ساراماغو، كاميلو خوسيه ثيلا، هارولد آالبارادو وغيرهم. تَرجم ونشر العديد من النصوص الأدبية القصيرة من العربية إلى الإسبانية، ومن بينها نصوص لشعراء عراقيين من مختلف الاجيال منهم: عبد الوهاب البياتي، محمد مهدي الجواهري، نازك الملائكة، ، عدنان الصائغ، عبد الرزاق الربيعي، صلاح حسن، سعاد الكواري، عيسى حسن الياسري، محمد النبهان، كمال سبتي، ريم قيس كبة، صلاح حسن ، عبد الخالق كيطان. له العديد من المقالات المتعلقة بالمسرح نقداً وتنظيراً باللغتين العربية والإسبانية، ومحاضرات أكاديمية عن المسرح العراقي. شارك تمثيلاً في الفلم السينمائي القصير (مقبرة) تأليف وإخراج عبد الهادي سعدون، مدريد 2007. له اهتمامات أخرى بالرسم والسينما(حاز على جائزة الدعم الأوروبية لتطوير كتابة السيناريو1996 عن السيناريو الذي كتبه مع المخرج الإسباني أنطونيو كونيسا). وفي التلفزيون (عمل 1996 ـ 1997 كمعد ومقدم لبرنامج (نافذة المغترب) والذي يضم ضمن فقراته زاوية عن المسرح العربي، مع المخرج مزاحم العبدالله، في قناة كواترو كامينوس المحلية/مدريد). عمل في الصحافة (كاتباً ومراسلاً ومحرراً ثقافياً) في العراق والأردن وإسبانيا. وله عشرات المواد المنشورة في الصحافة الثقافية والمجلات المختصة الرصينة العربية داخل الوطن العربي وخارجه، وفي بعض الصحف والمجلات الإسبانية (مثل: الموندو، إنيه، آدي تياترو، بوث دي غاليثيا، آمانيثير، ميل هيستورياس، ميرادا ليمبيا، كرونيكاس، السيغلو الأوروبي...) وصحف أمريكا اللاتينية. وتنوعت المواد بين: مقالات وتحقيقات ومقابلات وترجمات ونصوص.
 *بماذا يشترك الروائيون العراقيون المقيمون في الخارج بتقديرك، وهل للغربة تأثير واضح على ما كتبوا بحيث يستطيع المتابع أن يفرز هذه الأعمال عن غيرها؟

ـــ يشتركون بأن قضيتهم الرئيسية وهمهم الأكبر هو بلدهم العراق، وما يحدث له وبه من تخريب، وهم في ذلك لا يختلفون عن أقرانهم من كتاب العالم الذين يعيشون خارج بلدانهم، فنجد أن أصدقاءنا من الكوبيين والروس والعرب والصينيين والأفارقة ومن كل الجنسيات يكتبون عن بلدانهم الأصلية أكثر مما يكتبوا عن البلدان التي يعيشون فيها، وهذا شيء طبيعي وصحيح وصحي.. بل هو واجب. أما ما يمكن أن يميزهم عدا الموضوعة فعادة ما تكون الرؤية وزواية النظر والتناول والحنين وحفظ الذاكرة، وتأثيرات فردية في الأساليب كل حسب تأثره باللغة والثقافة التي يقيم فيها.

*وجودك في اسبانيا، هل فتح لك آفاقاً جديدة في التفكير والكتابة وهل انعكس ذلك في كتاباتك؟
ـــ بكل تأكيد، لأن كل ما نتأثر به بشكل شخصي عميق سينعكس على طبيعة تفكيرنا وما ننتجه، وأنا أعيش في إسبانيا منذ أكثر من عشرين سنة وأحملُ جنسيتها ودرستُ وتزوجت وأنجبتُ فيها، وقرأت وكتبت بلغتها ولا أزال. هجرتي غيّرت تفكيري وشخصيتي وحياتي تماماً وجعلتني أعرف نفسي وطاقاتي بشكل أفضل، بحيث أقول أحياناً: يا ليتني هاجرت بوقت أبكَر مما فعلت. فحتى صعوبات الاغتراب أعتبرها مكاسب معرفية. لقد وفرت لي إسبانيا شروط العيش بكرامة كإنسان، وفرت لي الأمان والحرية، كما أن القراءة بلغتها فتحت لي آفاقاً هائلة لمعرفة العالم المحيط بي بشكل أقرب وأفضل، فعدا ما يكتب بالإسبانية أصلاً تتم ترجمة أغلب وأهم النتاجات العالمية سريعا إليها.

*في (تمر الأصابع).. هناك مفهوم الهوية.. هل استبد بك هذا المفهوم حدّ الكتابة عنه؟
ـــ نعم، وخاصة في الأعوام الأولى من هجرتي، كانت تتنازعني الثنائيات وتعذبني، صراع داخلي شرس بين مكانين، ثقافتين، لغتين، زمنين (ماضي ومستقبل) وهويتين، فرحتُ أكتب عن هذين العالمين في داخلي دون أن أفكر في بداية الأمر أن الذي أكتبه رواية، وإنما أضع ما يدور في ذاكرتي وعالمي الآني على الورق كي أراه بشكل أفضل وأفهمه، وبالفعل فإنني شعرت بالتغير الحقيقي والارتياح والتصالح مع نفسي بعد أن كتبت (تمر الأصابع)، وانتهى لدي صراع الهوية بعد أن قمتُ بالنظر إلى نفسي في مرآة الكتابة ورؤيتي أفضل لخيوط نسيج تركيبتي الشخصية والثقافية، فعرفت أين تكمن فيّ تأثيرات العادات والتقاليد والدين والدكتاتورية والحروب وغيرها من ثقافتي الأولى وأين تكمن تأثيرات الثقافة الجديدة.. وبهذه التصفية، وهذا الصفاء أصبحت منفتحاً أكثر ومتقبللاً لكل ما يؤثر بي ويقنعني من أية ثقافة كان، دون الأسف على ذهاب وفقدان مفاهيم قديمة يسميها البعض (أصيلة)، بينما لو أنها كانت كذلك وحقيقية وقوية لما تعرضت للهشاشة والزوال بمجرد عرضها أمام أخرى جديدة.. وهكذا. لقد أصبحت ضد التعصب بكل أشكاله، ضد التعصب لأية ثقافة بعينها أو أي مفهوم أو هوية محددة ومحدودة. صار الإنسان قضيتي والإنسانية هويتي.

*وفي (حدائق الرئيس) استعراض لتاريخ العراق من عام 1948 حتى الدخول الاميركي.. هل كانت إجابة على تساؤلات ما انفكت تُطرح عليك في منفاك، أم هي سيرة مختصرة للوجع العراقي.. والقارئ يستطيع أن يفهم أسباب ما يحدث الآن؟؟
ـــ لكلا الأمرين وأكثر، وهي روايتي الوحيدة حتى الآن التي كتبتها بصيغة الرواي العليم وليس بالضمير الأول الذي أميل للسرد به، لذا فهي أكثر أعمالي موضوعية وأقلها أخذاً من سيرتي الشخصية، والجهد الذي بذلته فيها من حيث التقصي عن تفاصيل تخص الحروب التي مر بها العراق ومعاناة الأسرى وقصور الطاغية وغيرها، يعادل ما بذلته لكتابة رسالة الدكتوراه، ومن حسن الحظ أن هذه الرواية استطاعت إيصال الكثير مما أرت قوله وتوضيحه بشأن العقود العراقية الأخيرة، بحيث أن الناشر الانكليزي للرواية طالبني بكتابة جزء ثاني لها حتى قبل أن يصدر طبعتها الأولى، وبالفعل وقعنا على عقد الجزء الثاني، لتبدأ الآن رحلة بحثي عن مواد جديدة، كما أن طبعتها العربية الثالثة ستصدر قريباً عن دار (المدى) ومن خلال ذلك أتمنى وصولها إلى أكبر عدد من القراء العراقيين.

*انت من جيل عايش الدكتاتورية ونتائج حروب مدمرة وحتى الجوع.. كيف استطعت ان تتخلص من هذا العبء في الكتابة.
ـــ في الثقافة الاسبانية يقولون: الورق يحتمل كل شيء. وهذا ما فعلته، حيث أصب كل ما يثقل تفكيري وذاكرتي وأحلامي وقلقي على الورق، لكي أتمكن بعدها من مواصلة حياتي بشكل أكثر تخففاً وصحة، وهو المفهوم القديم نفسه الذي كان لدى الإغريق القدماء، أي دور الفن في التطهير، كما أن الكتابة عمل.. بل عمل صعب، والعمل هو أحد الأدوية المهمة في العلاج النفسي، وأذكر أنني في إحدى مراحل حياتي كنت قد رسمت بخط كبير حديثاً نبوياً، وعلقته على جدار غرفتي أمام سريري، يقول:" أريحوا أجسادكم بالتعب ولا تتعبوها بالراحة"، لكي يحرضني على العمل أكثر، فعملت في شتى المهن إلا أنني في الحقيقة لا أجيد أية مهنة أخرى ولم أجد نفسي كما وجدتها في الكتابة، ذلك أنني أمضيت جل حياتي في الدراسة والقراءة وبين الكتب.

*واضح ان اعدام اخيك الروائي حسن مطلك، قد ألقى بظلاله على عالمك... وكان واضحا تأثيره في أعمالك؟ ماذا تقول؟
ـــ نعم، لقد أثر على حياتي وعلى أعمالي وعلى كل شيء له علاقة بي، وما مر يوم دون أن أتذكره، وما أكثر المرات التي أنزوي فيها لأبكي عليه أو لأخاطبه، وفي أحيان كثيرة أغني الأغاني التي كنا نغنيها معاً أثناء تجوالنا في حقول قريتنا أو على شاطئ دجلة فيها وذلك لأن في نبرة صوتي بعض الشبه بنبرة صوته عند الغناء... حسن مطلك هو أخي وأبي وصديقي وأستاذي وهو أكبر خساراتي في هذا الكون على الإطلاق، وهو أكثر كاتب أعدت قراءة أعماله وسأبقى أعيد قراءتها لأنها تستحق ذلك فعلاً من حيث أشكالها ومواضيعها، لكن تأثير أعماله على أعمالي هو تأثير مختلف، أي انني أحرص على ألا أقع بتقليده لشدة تعلقي به وبأعماله، وأن يكون أسلوبي مختلفاً عن أسلوبه، ومن هنا يكون تأثيره عبر سعيي للاختلاف، وقد كنا حريصين على هذا ألأمر منذ البداية، لذا كان بالاتفاق أن نختار حتى اسمين مختلفين للكتابة وأن يتحمل كل منا وزر أسلوبه.. هو حسن مطلك وأنا محسن الرملي.

*طبعا سنقف عند (ذئبة الحب والكتب) التي استحضرت فيها روح أخيك الشهيد الروائي حسن مطلك، هل تحدثنا عن هذه الرواية؟؟
ـــ إنها (رواية) تنحى منحى (كِتاب)، إذا أردنا تصنيفها بشكل أدق، أي بمعنى أنها ليست مجرد حكاية مروية بشكل فني، وإنما كتاب فيه تاريخ وسيرة ذاتية وتحليل اجتماعي ونفسي وسياسة، عواطف وأفكار، وقائع وخيالات، ترحال وذكريات عن شخصيات معروفة كالبياتي وعوني كرومي ومؤنس الرزاز ومحمد القيسي وحسن مطلك وغيرهم، وفيها نصوص لي ولغيري من أجناس كتابية أخرى كالشعر والقصة والمقال والمسرح وغيرها، وفيها حديث عن كتب وأغاني وأفلام وفنانين ومثقفين وأكاديميين ونقد أدبي، وفيها تأمل وتفكير حر واقتباسات من أقوال فلاسفة وأطفال وما إلى ذلك، أي أنني قد حاولت عبر هذا الكتاب/الرواية أن أتطرق إلى مواضيع وقضايا كثيرة فردية وجماعية، كما حاولت فيه العودة إلى أصول التقنيات الأولى للرواية الحديثة والتي انطلقت مع رواية (دون كيخوته) والتي فيها كل الذي سبق وأن ذكرته. حاولت فيها أيضاً أن أجعل قارئها يمر بأكثر قدر ممكن من الانفعالات وحالات الشعور الإنساني كالحزن والفرح والخوف والرغبة والرفض والمتعة والمعرفة الواضحة والغموض والحيرة والحب والكره واليأس والأمل.. بل وحتى الملل وغيرها. هذا بعض ما حاولته من خلال وعبر (ذئبة الحب والكتب) وأعتقد بأنه قد وصل إلى المتلقي بشكل ما.

*العقد الأخير شهد صدور عدد كبير من الروايات لكتّاب عراقيين، هل صرنا عند حركية في المشهد الابداعي تتعلق بكونه اشاعة لمفهوم (عصر الرواية)، أو ان الرواية (اصبحت ديوان العرب) وقلة الاهتمام بالخطاب الروائي وتراجع الاهتمام بالشعر.. ماذا تقول؟
ـــ هذا الحراك هو ليس ظاهرة عراقية أو عربية خاصة وإنما هو ظاهرة عالمية، وذلك لأسباب تتعلق بتحولات طبيعة سوق الكتاب العالمي وبغياب كتب الطروحات الفكرية الجديدة والفلسفة والايديلوجيات، فجاءت الرواية لتسد هذا الفراغ وسط حاجة الناس إلى تلمس رؤية معينة للعالم وبلورة فهم عنه. أنا سعيد بتنشيط هذه الظاهرة العالمية للانتاج الروائي العراقي، وآمل أن يستمر ويتضاعف، فأن يشتغل وينشغل الناس بما هو ثقافي أدبي فني جمالي إنساني قراءة وكتابة، أفضل مما ينشغلوا بميادين أخرى تعبئ الشباب والجماعات دينياً وعرقياً وطائفياً وحزبياً وغيرها من تلك الميادين التي تحث على كراهية الآخر المختلف وعلى العنف والأنانية. أما عن الشِعر، ففي رأيي أنه لم ولن يتراجع لأنه هو روح الأدب، وما يسمى بأزمة الشعر هو اصطلاح سوق تجاري.. فان تكون هناك أزمة في بيع الشعر لا يعني أبداً أن هناك أزمة في الشعر نفسه، والشعر قد رافق الإنسان منذ أن عرف الانسان الكلام وسيبقى يرافقه إلى الأبد.

*ماهي الأعمال الروائية العراقية التي وقفت عندها؟
ـــ أغلب الأعمال العراقية التي قرأتها وقفتُ عندها، وقفة معرفة أكثر منها وقفة تقييم، فلست أنا من يقيمها، وإنما كون ذلك جزء أساسي من متابعتي ووجوب معرفتي بثقافة بلدي ونتاجها، كذلك قدمت الكثير من المحاضرات عن الأدب العراقي والرواية العراقية في أكثر من بلد، وترجمت وكتبت ونشرت بالاسبانية عن الشعر والمسرح العراقي. بشكل عام ودون ذكر أسماء لأن القائمة تطول، لحسن الحظ، أستطيع القول بكل ثقة، أن الرواية العراقية قد قطعت شوطاً هائلاً خلال عقود قليلة، وكثيرة هي الأعمال التي أنتجتها بجودة لا تقل عن أي عمل عالمي آخر. لدينا مبدعين من مختلف التجارب والأجيال. بحيث صار لدينا إرث روائي معتبر لا يقل عما هو في أي بلد آخر، هذا على الرغم من كل الظروف القاهرة والصعوبات المريرة التي مر ولا زال يمر بها الشعب والمبدع العراقي، والظلم الذي وقع عليه، سواء في حياته الشخصية وأمانه وحريته أو سواء فيما يتعلق بنتاجه من حيث غياب المؤسسة الراعية والافتقار للاستقرار في النشر والتوزيع.

*هل أضافت اليك الترجمة من الاسبانية فيما يتعلق بالكتابة؟؟
ـــ نعم، لقد أضافت لي الكثير، لأن الترجمة هي إعادة كتابة، ويقيناً أن في الإعادة إفادة كما يقال، إضافة إلى أن الترجمة هي أكثر أنواع القراءات تأنياً، مما يجعلك تقف وتتفحص وتفكر في كل عبارة تقرأها، وهذا الأمر يعلمك كثيراً من حيث اللغة والتقنية والبناء والمحمولات الفكرية والجمالية في كل جزئي تفصيلي في النص ومن ثم في النص ككل متكامل. وبحكم أن محبتي الأكبر هي للشعر من بين مختلف الأجناس الأدبية فإن أكثر ما ترجمته هو الشعر ومن هذا تعلمت الكثير وازدادت حساسيتي تجاه الكلمات، بحيث أنه صارت حتى النصوص الشعرية التي أكتبها تبدو مترجَمة، وهذا أمر يسرني ولا يزعجني، لأنه ينطبق وما أريد فعله، وهو أن أحاول كتابة شعراً بلا لغة شِعرية. 

*إصدارات:
- هدية القرن القادم، قصص 
- البحث عن قلبٍ حيّ، مسرحيات
-أوراق بعيدة عن دجلة، قصص.
- الفَتيت المُبَعثَـر، رواية.
- ليالي القصف السعيدة، كولاج سردي وقصص.
- كلنا أرامل الأجوبة، شعر .
- تمر الأصابع، رواية .
- نائمة بين الجنود، شعر 
- برتقالات بغداد وحب صيني، قصص
- حدائق الرئيس، رواية 
- خسارة رابحة، شعر 
- ذئبة الحب والكتب، رواية 

*تَرجَمَة:
ـ تَرجَمَ العديد من الكتب الأدبية من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية، ومنها:
ـ مجموعة (المسرحيات القصيرة) لميغيل دي ثربانتس. الأردن 2001.
ـ مختارات من الشعر الإسباني في العصر الذهبي. عمان ـ مدريد 2002
ـ مختارات من القصة الإسبانية في العصر الذهبي. دمشق 2003.
ـ مسرحية (فوينته أوبيخونا) للوبه دي بيغا. عمان ـ مدريد 2002.
ـ دراما شعرية (طالب سالامانكا) لخوسيه دي إسبرونثيدا. عمان ـ مدريد 2002.
ـ (واقع الرواية في العالم المعاصر.. شهادات وقضايا). الإمارات العربية 2003.
ـ (كاتدرائيات مائية) رواية لخوان ماسانا. مدريد 2005.
ـ (صلاح نيازي وأغاني للشعوب التي بلا حمَام) شعر لآنا خوليا غوناليث، مدريد 2007.
ـ (مختصر تاريخ الأدب الإسباني.. من العصر الوسيط وحتى نهاية القرن العشرين) دراسة (ترجمة مشتركة)، دمشق 2002.
ـ (مائة قصيدة كولومبية). دار المدى 2014.
ـ (الأدب الإسباني في عصره الذهبي). دار المدى 2015._____
نشر في صحيفة (المدى) العدد 3682 بتاريخ 27/6/2016م
 

الأربعاء، 22 يونيو 2016

رواية ( حدائق الرئيس ) بالإنكليزية

من الصحافة
"حدائق الرئيس" لمحسن الرملي تترجم للإنجليزية
محيط - شيماء فؤاد
ترجمت رواية ”حدائق الرئيس” للمترجم والروائي العراقي محسن الرملي للإنجليزية، عن دار ماكلهوس المعروفة بلندن، ومن المنتظر أن تصدر الترجمة الجديدة فى أبريل القادم. 
على الخط الفاصل بين السلطة والناس، أو بين الجلاد والضحية، تتحرك رواية “حدائق الرئيس”، لتروى حكايات ثلاثة من أبناء العراق كلهم (أبناء شق الأرض) التوصيف الذي اختاره “محسن الرملي” لثلاثة أبطال استثنائيين: طارق بن ظاهر إمام المسجد، عبد الله بن شق الأرض وصار ابن صالح، وإبراهيم بن سهيل الدمشقي، ولد الثلاثة سنة 1959 في أشهر متتالية، وصاروا أصدقاء لا يفترقون.
 استطاع “محسن الرملي” من خلال روايته أن يُعبر عن أكثر حالات الإحباط البشري والشعور بعبثية الأقدار أمام مصير شعب بأكمله، تتبدل الوجوه ويبقى الظلم، والجلاد، فعلى مدى نصف قرن، لم تتبدل حياة الناس البسطاء، الحروب، الحصار، المقابر الجماعية وفوضى الاحتلال، التي يضيع فيها دم إبراهيم، كرمز للدم العراقي، في هذه الرواية بين فلول نظام سابق وأتباع نظام تلاه. "حدائق الرئيس” هي أكثر من رواية، هي حكاية وطن، بين عراق الأمس وعراق اليوم، يصوغها محسن الرملي، ليفضح من خلالها زيف ديمقراطيات العالم المتقدم، وهو يجرب أسلحته في صدور أبناءنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العراقي محسن الرملي:
أشعر بالقلق بسبب كتابة جزء ثانٍ لـ(حدائق الرئيس)
سماح عبدالسلام
وقَّع الكاتب العراقي محسن الرملي على عقد مع دار نشر “ماكلهوس برس” البريطانية لكتابة الجزء الثاني من روايته “حدائق الرئيس”.
وقال الكاتب العراقي محسن الرملي في تصريحات نشرها موقع “بوابة الأهرام” بمصر، إن مشروع كتابة جزء ثاني للرواية كان فكرة واقتراح الدار، حاول إقناعهم بالتريث إلى حين صدور الطبعة الأولى منها، لنرى مدى نجاحها من عدمه، لكنهم هم الذين أقنعونه، بل وأخبروه بأنهم سيتفقون مع مترجم ليقوم بترجمة كل فصل يكتبه أول بأول.
وعن شعوره عن هذه التجربة، التي ربما تكون الأولي من نوعها بالنسبة لكاتب عربي، يضيف “الرملي”: “بالتأكيد أنا مسرور لذلك، ولكنني لا أنكر قلقي حيال هذه المسؤولية”.
ويوضح: “اعتدت أن أكتب أعمالي بوقت مفتوح يطول أعوامًا لكل رواية، أشعر الآن بنوع من التحدي لقدراتي وبإمتحان سأبذل كل ما في وسعي للنجاح فيه، لذا توقفت فورًا عن مشروع رواية أخرى كنت قد بدأت بها، ورحت أعد الخطط وأجمع المعلومات لمادة الجزء الثاني من (حدائق الرئيس)".
وأضاف: “رواية “حدائق الرئيس” هي الوحيدة من بين رواياتي التي لا أستخدم فيها ضمير الأنا كراوي أول ينهل من تجربتي الشخصية، وإنما استخدمت فيها الرواي العليم لأنها تتعلق بالتاريخ العراقي عمومًا في الخمسة عقود الأخيرة، لذا فهي تحتاج إلى مجهود عَملي وعِلمي مضاعف لجمع المعلومات وتنسيقها”.
يذكر أن رواية “حدائق الرئيس” تعُد واحدة من أهم أعمال الرملي، صاحب روايات “لفَتيت المُبعثَر”، “تمر الأصابع”، “ذئبة الحُب والكتب”.
وكانت قد ترَشحَت ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” عام 2013، ومن المقرر أن تصدر طبعتها الثالثة بالعربية قريبًا عن دار المدى العراقية بعد أن سبق لها الصدور عن دار ثقافة في بيروت وأبوظبي.
وختم "الرملي" حديثه: "أتمنى لو أنها تطبع وتوزع في مصر أيضاً كما حدث مع روايتي (تمر الأصابع) التي أصدرتها ووزعتها جيداً الهيئة المصرية العامة للكتاب".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محسن الرملي يوقع جزءًا ثانيا من "حدائق الرئيس"

محيط - شيماء فؤاد
وقع المترجم والروائى العراقي محسن الرملي، مع  دار ماكلهوس المعروفة بلندن، عقد الجزء الثاني من رواية ”حدائق الرئيس".
وقال الكاتب عبر صفحته بموقع التواصل اﻻجتماعى “فيس بوك”:  "بعد تردد ونقاشات ومفاوضات واستشارة بعض الأصدقاء، وقعتُ على عقد مع دار النشر الانكليزية المعروفة ماكلهوس على كتابة جزء ثاني من روايتي (حدائق الرئيس)، فيبدو أن الرواية عليها طلب كبير منذ أن أعلنت عنها الدار في موقعها، واتصل بي أكثر من ناشر بأكثر من لغة، ومنها الاسبانية فأحلتهم إلى الناشر الانكليزي".
وأضاف: أنا وإن كنت مسروراً، ولكن، بصراحة،  قلق من هذه التجربة لأنها الأولى التي سأكتب فيها عملاً احترافياً بهذا المستوى وتحت طائلة عقد قانوني موقع مسبقاً له شروطه ومنها ما يتعلق بتحديد الزمن بعشرين شهراً، ذلك أنني قد اعتدت أن أكتب على راحتي ومزاجي في وقت مفتوح.. أعتبرتها تحدياً لقدراتي فوقعت، وشرعت منذ الآن بوضع مخططات وجمع المعلومات والمواد التي سأستعين بها لكتابة الجزء الثاني".
على الخط الفاصل بين السلطة والناس، أو بين الجلاد والضحية، تتحرك رواية  “حدائق الرئيس”، لتروى حكايات ثلاثة من أبناء العراق كلهم (أبناء شق الأرض) التوصيف الذي اختاره “محسن الرملي” لثلاثة أبطال استثنائيين: طارق بن ظاهر إمام المسجد، عبد الله بن شق الأرض وصار ابن صالح، وإبراهيم بن سهيل الدمشقي، ولد الثلاثة سنة 1959 في أشهر متتالية، وصاروا أصدقاء لا يفترقون .
استطاع “محسن الرملي” من خلال روايته أن يُعبر عن أكثر حالات الإحباط البشري والشعور بعبثية الأقدار أمام مصير شعب بأكمله، تتبدل الوجوه ويبقى الظلم، والجلاد، فعلى مدى نصف قرن، لم تتبدل حياة الناس البسطاء، الحروب، الحصار، المقابر الجماعية وفوضى الاحتلال، التي يضيع فيها دم إبراهيم، كرمز للدم العراقي، في هذه الرواية بين فلول نظام سابق وأتباع نظام تلاه. حدائق الرئيس” هي أكثر من رواية، هي حكاية وطن، بين عراق الأمس وعراق اليوم، يصوغها محسن الرملي، ليفضح من خلالها زيف ديمقراطيات العالم المتقدم، وهو يجرب أسلحته في صدور أبناءنا.


http://www.kataranovels.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%85%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%AC%D8%B2%D8%A1/
http://www.elmamr.com/%D9%85%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%85%D9%84%D9%8A-%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/
http://www.mansheet.net/art/675308.html
http://www.maclehosepress.com/wp-content/uploads/sites/28/2016/05/London-Book-Fair-2016.pdf


وجعُ الوطن.. في رواية "الفتيت المبعثر"

وجعُ الوطن، ورغيد الاغتراب في"الفَتيت المُبَعثَر"
ملحق (أوراق) المدى

حين يكون الوطن خوفا، جوعا، فقرا، وحاجة، وحين تُنتهك أحلامنا فيه، وتقتل مطامحنا، ولا نجد سوى  شظايا ألم في هذا الوطن، وحين تُلبس الحروب أكاليل عُرسٍ لشبابها، وحين  يحيطنا الألم ثم الألم، ويُلاحقنا القلق والارتعاب، وتُهددنا اصواتنا  بالوشي بنا، ويحاصرنا ترهيب الطغاة، سنجد أن ارضنا وأوطاننا تضيق علينا  كقبر مظلم تخنقنا تحت رمالها، وسنعمل جاهدين على التحرر منها، ونكسر قيود الإنتماء التي لا نجد معنى لها، ونلتجئ إلى أحضان الإغتراب، سائليه احتواءنا"، هذا ما لخص به الروائي محسن الرملي فترة الثمانينات من القرن الماضي في روايته"الفتيتٌ مُبعثر"التي صدرت عن دار المدى للإعلام والثقافة والفنون
هذه الرواية عُدّت الأولى لكاتبها محسن الرملي وحازت على ترجمتها إلى الانكليزية على جائزة أركنسا الامريكية للعام 2002، كما صدرت ترجمتها إلى الاسبانية عام 2014 بعنوان "وداعاً أبناء العمومة"، ولأهمية هذه الرواية عُدت منهجاً يُدرس في جامعة القاضي عياض المغربية.
الرملي يصف في هذه الرواية قصة عائلة عراقية، ويبحث في معاناتها وصراعها الاجتماعي في ظل الحروب السلطات الدكتاتورية، تتحدث الرواية عن فترة الثمانينات وما تخللها من حروب ومشاكل في ظل الانظمة آنذاك، وقد حظيت هذه الرواية منذ صدورها إلى الدراسة والإهتمام، كما كتب البروفسور كاميران راستيغار من جامعة كولومبيا الامريكية مقالاً عنها في مجلة"جمعية الدراسات الشرق أوسطية"أن اساتذة الرواية العربية المعاصرة والتاريخ أو السياسة العراقية أو الاقليمية الحديثة سيجدون هذا النص بلا شك ما يستحق لاتخاذه مادة في دروسهم.
هذه الرواية القصيرة تتحدث عن المرحلة الثمانينية من تأريخ العراق، حيث يبحث بطل الرواية والذي هو ذاته الراوي في موضوعة  الهجرة،  مقتفياً آثار صديقه وابن عمته  الذي عاش في الريف العراقي أشبه بنكره يجلهه الجميع إلا أن هجرته خارج العراق مكنته من أن يستحوذ منزلة جيدة، فهذا الذي لم يكن غيابه ووجوده يعني شيئاً لأحد إستطاع أن يكون شخصاً مهماً خارج هذا البلد.
وهنا يحاول الرملي أن يشير إلى أن هذا الوطن أشبه برمال تبتلع أبناءها، بهوياتهم، وشخوصهم، وتجعلهم مجهولين في كل شيء ومتلاشين في كل شيء، وحين يغادر أحدهم خارج هذا الوطن سيكونون كمن يخرج من الظلام إلى النور، مُجددين هويتهم وإنسانيتهم، فيعترف بوجودهم في المنفى بعيداً عن الارض والوطن.
ويرمز الرملي هنا أن المنافي تصبح أحياناً وطناً يحتوي اللاجئين لها، وتقسو الأوطان والأهل علينا فيصبحون كقبرٍ يدفننا بوجودنا ومطامحنا ونحن على قيد الحياة.
وهنا يتحدث الراوي أن الاعوام توالت عليه من بلد إلى أخر في محطات الانتظار، وسط مكالمات مقطوعة، ورسائل لاتصل أبداً وليس ثمة اخبار عن أهله، كانت الغربة تشبه السجن ، وهنا يعبر الكاتب  الراوي عن وحدته فلمن سيحكي معاناته، ووحدته، وألمه في بلد غريب لا أحد يفهمه، وهو الذي لا يفهم أحد، ما كان عليه سوى استذكار وجوه من يحب، عمته، أهله، وأخته المريضة.
ويتطرق الكاتب إلى صفات الجمال في الخارج، عمّا يسكنه في بلده، الهواء الذي يعبر عن حريته الذي يفتقر لها، والطبيعة الجميلة، أسماء الاشياء والأحياء، وكل ما يحيطه بتفاصيله يعبث للحرية، والطمأنينة التي يجدها في غربته والتي يحرم منها في وطنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشرت في ملحق (أوراق) الثقافي، لصحيفة (المدى)، العدد 3651 بتاريخ 22/5/2016م

الثلاثاء، 14 يونيو 2016

محسن الرملي.. الحياة بين لغتين / أحمد مجدي همام

الكتّاب العرب في المهجر: كيف تؤثر الغربة بالأدب؟
بين مأزق اللغة... والبعد الجغرافي
القاهرة ـ «القدس العربي» من أحمد مجدي همام: ليس هناك مثال يمكن أن نستشهد به على أهمية وتأثير البيئة في المنتَج الأدبي مثل الشاعر العباسي علي بن الجهم (803 ـ 863)، الذي امتدح الخليفة العباسي المتوكّل قائلاً: «أنت كالكلب في حفاظك للود/ وكالتيس في قرع الخطوب/ أنت كالدلو لا عدمناك دلواً/ من كبار الدلا كثير الذنوب». هذه الأبيات البدوية الجافّة التي تمتدح المتوكّل الذي استشعر الموهبة في الشاعر البدوي، فأنزله في دار قريب من الجسر يطل على دجلة، له بستان وأشجار، بهدف أن تهذّب المدينة لغته، وترهف حواسه، وتصقل موهبته. وقد كان، إذ استدعاه المتوكّل بعد شهور من انتقاله إلى بغداد، وطلب منه أن ينشده، فأنشد علي بن الجهم قصيدته الأشهر «عيون المها بين الرصافة والجسر/ جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري». يقيم الكثير من الكتّاب العرب في الغرب، متوزعين على الخريطة بين أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، وقلّة محدودة في أمريكا الجنوبية. يكتب هؤلاء باللغة العربية، التي حملوها معهم إلى هناك، لكن، كيف سيكون تأثير البيئة والثقافة الجديدة على حياتهم، وبالتالي على كتاباتهم؟ وكيف يتصرّفون إزاء معضلة اللغة، لغة بلد المهجر، التي تزاحم العربية يومياً، داخل رؤوسهم، وهل يسبب التباعد الجغرافي بين الكتّاب العرب في الغرب وأوطانهم في ابتعاد ما عن روح البلد الأم ومزاجها وقضاياها، وبالتالي يحدث نوع من الانفصال بين القارئ العربي والكاتب المهاجر؟... "القدس العربي" تخصص المساحة التالية لنشر شهادات عن «المهجر والأدب» لخمسة من الكتّاب العرب المقيمين في الغرب... ومنهم، محسن الرملي، كاتب عراقي مقيم في إسبانيا.
ـ                                    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحياة بين لغتين
محسن الرمليالعربية هي لغتي الأم والأب والابن وروح تعبيري عن نفسي
بعد أكثر من عشرين عاماً من الهجرة، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي رافقتها، أقول بأنها كانت إيجابية وأفادتني بكل المعاني، بل أنني الآن لا أستطيع تخيل نفسي وشخصيتي وأفكاري وحياتي وطبيعة كتاباتي في ما لو بقيت في بلدي، هذا على افتراض أنني كنت سأنجو من كل الكوارث التي حلت ولا زالت تعصف بالعراق. لقد منحتني إسبانيا أشياء أساسية وهي الحرية والأمان والشعور بقيمة كرامتي كإنسان، وهذه أمور لم أكن أعرفها ولم أعشها في العراق، والتي بدونها يبدو لي من المستحيل أنني كنت سأكتب نصاً حقيقياً كما أريد فعلاً، لقد أتاحت لي الهجرة الانفتاح أكثر ومعرفة الآخر المختلف على حقيقته وليس كما كنت أعرفه من خلال قراءاتي للترجمات، وفي رأيي أن أحدنا لن يعرف نفسه أفضل إلا من خلال الآخر المختلف. صرت أرى نفسي وأرى العراق والأدب بشكل أفضل وأوضح. أما عن اللغة فتبقى العربية هي لغتي الأم والأب والابن وروح تعبيري عن نفسي، ولم أنقطع عنها قراءة وكتابة وحديثاً أبداً، كما أنه ليست هناك مشكلة كبيرة في العيش بلغتين، فأولادنا يتحدثون أكثر من لغة، بل أرى من الضروري جداً على أي كاتب وكل إنسان أن يحاول تعلم لغة أخرى وسيرى الفرق شاسعاً في طبيعة فهمه للأمور وثراء معرفته. فبعد أن كنت في بداياتي، مثل كثيرين، أتصور بأن اللغة هي الأدب أو غايته وأنها شبه مقدسة، صرت أراها مجرد أداة للتفكير والتعبير، وليست لديّ أي مشكلة في أن أكتب باللغة الثانية، كما فعلت سابقاً، ولكن صرت أقيس ذلك من حيث عمليته وفائدته، فلو كان المقابل مجزياً والمناسبة تتطلب الكتابة بلغة أكثر من غيرها سأفعل ذلك، لكنني وجدت أن الكتابة بالعربية كانت أفضل لي من حيث المردود، ومن حيث توفير الوقت بحكم معرفتي بها أكثر. الأدب الجيد سيفرض نفسه وسيصل إلى مختلف القراء بغض النظر عن اللغة التي كتب بها. أما على صعيد الكتابة والأسلوب فمعرفة لغة أخرى كالإسبانية، التي تعد الثانية في العالم، قد منحني فرصة الاطلاع على الكثير جداً مما كنت لن أطلع عليه لو اكتفيت بانتظار ترجمته إلى العربية، ومعرفة اللغة هذه والعيش فيها قراءة وكتابة وحديثاً يومياً والترجمة، من المؤكد أن تكون له انعكاساته في أسلوبي حتى من حيث تراكيب الجُمل وطبيعة الوصف الداخلي والخارجي للشخصيات ومجمل تقنيات بناء النص السردي. وككاتب يجعله البعد يرى الأمور بشكل مختلف وبحساسية مختلفة، لأنه يراها من زاوية ومكان مختلف وعن مسافة، الأمر الذي يزيد من سعة رؤيته لها مما يمكنه من الإضافة والمساهمة مع الذين في الداخل من أجل وصف وتشخيص أفضل لتلك الهموم وبالتالي إثراء طروحات معالجتها، هذا عدا ما للأديب المغترب من دور يساهم في إيصال قضايا أهله وأصوات الضحايا الذين في الداخل وكذلك في نقل بعض تجارب الشعوب الأخرى إليهم.
*نشر في صحيفة (القدس العربي) العدد 8494 بتاريخ 13/6/2016م.  http://www.alquds.co.uk/?p=549384