صالح زامل
-1-
ينتمي الكولاج في الأصل إلى الفن التشكيلي حيث تدمج خامات في اللوحة من خارج مألوفها الذي يمثله القماش أو أنواع الورق واللون، عندما تضاف لها مواد صلبة أو رخوة تكون بارزة عن سطح اللوحة، وتلصق في مواضع منها، وقد تكون مواد اللوحة معتمدة كليا على المواد المستهلكة من النفايات، وفي متحف الفن الحديث (العراقي) قرب ساحة الطيران تشغل واحدة من هذه اللوحات مساحة كبيرة على أحد جدران المدخل من الداخل، إن هناك ثابتا مشتركا نسبيا بين الكولاج في الكتابة وفي الرسم هو عملية الإلصاق التي تجد لها قاسما مع الأصل الذي جذرناه في الفن التشكيلي.
و(الكولاج) في النص الخارج من منطقة الشعر المعروفة؛ هو إدخال معارف من غير منطقة الشعر ولا من لغته المبنينة، كالسرد القصصي، والواقعة التاريخية المقتبسة من المتن التاريخي بأسلوب المتن ولغته، لكنه مع ذلك لا يقف أسيرا لهذا التقعيد، فكونه (كولاج) يعني انفتاحا دونما حدود، كما أنه خروج على كل أغراء بالتأطير، وهو ما يؤكده محسن الرملي أيضا في كتابه (ليالي القصف السعيدة)، وإن وضعنا ـ كما أظن ـ في صورة الشكل الذي يريده لكتابته وحسب، وفي كتابه هذا تحديدا، فعندما تجاوز الاقتراح الذي أشار لوضعه في إطار حكائي، وهو عامد مسبقا في رغبته الخروج على الأطر المعروفة أو تجاوزها، لذا كان خياره أن يجعل كتابه ينضوي تحت اللا شكل حيث يقول:"يتمحور حول القصف، وسيضم نصوصا متباينة في طبيعة جنسها ولغتها وأحداثها، وتكون فيه نصوص معلوماتية وتاريخية اجمعها من الصحف والموسوعات والانترنيت؛ قصائد ونصوص انثيال لغوي. . هي بحد ذاتها صور من معرض القصف. . بل وإني سأعرض بأسلوب صحفي كتابا يتحدث عن القصف"(1)، وهذه الرغبة في الخروج عن الأطر المسبقة والتململ من هيمنتها طالما راودت المبدعين بدءا من عنترة في مطلع معلقته:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
فالبحث عن الأشكال واجتراح الجديد منها جزء من انشعالات المبدع في بحثه عن حريته في ممارسة الكتابة هي التي تماهي الفعل لديه، وهذا البحث يبدأ بالخروج على قيود سابقة ليضع قيودا مع تكرار التجربة، وهذا التأطير للكولاج لا يمكن أن يسلم به على أنه تقعيد له، لأن الكولاج شكل أو إطار فضفاض يحتمل السعة والتنوع وعدم الانقياد لقاعدة معينة، والرملي إنما يحصر في قوله السابق الطريقة التي وضع بها مبناه لكولاج (ليالي القصف السعيدة) تحديدا، وعيّنه بأنه (كولاج سردي)، وقد يكتب كولاجا آخر لا يخضع للمبنى السابق، وهذا يقارب إلى حد بعيد نجاح السياب في القصيدة الحرة عندما استأثر بالتأثير في التالين والمعاصرين له دون نازك الملائكة، ويأتي جانب كبير من هذا النجاح من هذه الجهة حيث حاولت نازك الملائكة أن تنظّر للتجربة بدءا من بيانها في مقدمة مجموعتها (شظايا ورماد) إلى كتابها (قضايا الشعر المعاصر)، في حين جعل السياب تجربته غير مقرونة بالتنظير على الأقل في بدئها، وأعطى لها مساحة من الحرية والتجريب والاعتراف بكل إضافة وعدم احتكارها بوجهة ما.
وتجربة كتابة الكولاج لي فيها محاولات نشرت منها اثنتين هما (لعبة لمخاريق صبيان، وما يبعثره النسيان تنقذه الذاكرة)(2) وسميته (نص كولاج) وقد وظفت الواقعة التاريخية والمادة الفلكلورية والشعر القديم والحكم والأقوال المأثورة بسياقها وصيغتها في الأصل غالبا دون أن ألويها، وإذا حرفت أحيانا فليس لغرض اخضاعها لشكل كتابي ولكن لتوائم المضمون وهذا يقود إلى أن العناية في الكولاج إنما يأخذ جانب كبير منها المضمون، وذلك واضح في (ليالي القصف السعيدة) أيضا إذ هناك ثيمة إنسانية أو أنها لصيقة بالإنسان في الكثير من وجوهها هي التي استأثرت بالمضمون ليظهر معها الكتاب بهذه الصورة.
-2-
إن التباين في جنس ولغة النصوص التي يتمحور حولها الكولاج ـ إذا استعرنا تعبير الرملي ـ يجد صداه في قائمة المصادر والمراجع، حيث نلمح بشدة غلبة اتجاه من الكتب يلائم إلى حد بعيد هذه الوجهة؛ وهي كتب الموسوعات بدءا من (موسوعة دار إسابا)، ومعروف أن الموسوعة أية موسوعة تضم بين دفتيها التاريخ والجغرافيا والفلسفة والدين والسيرة والاجتماع . . إلخ، فضلا عن(لسان العرب) وهو موسوعة أيضا، ليس في المعارف اللغوية، وإنما في علوم مختلفة لها غالبا صلة باللغة، وكذا ما نجده في (المنجد في اللغة والأعلام)، وهذا ما لا يفارقه (القرآن الكريم) باعتباره موسوعة في الدين من القصص والفقه وشؤون عديدة من الحياة، وهذا التنوع والتباين نجده ضمنا في مصدر آخر هو ملحق جريدة (البيان) وهو (بيان الكتب) حيث يتضمن عروضا لكتب متباينة لا تنتمي لاختصاص واحد، وهو يقارب الجرائد الإلكترونية تماما التي كانت إحدى مصادر الكتاب، فتستحوذ وجهة ثلثي قائمة المصادر والمراجع التي نعدها (أحد عشر مصدرا) على مقاربة لشكل الكتابة الذي يعنى كما قلنا بالتباين والتنوع في المعارف المستقاة والمجتمعة في إطار من الكتابة.
-3-
في كتاب محسن الرملي هناك ظاهرة كرسها الكولاج على ما يبدو، لكني رأيتها تنسحب كذلك لبعض النصوص القصصية التي اجتمعت مع الكولاج في غلاف واحد، ومنها تحديدا (القصف والمراحيض)، وهذه الظاهرة هي المصادرة في الحوار إن واحدا يتحدث ويلغي الآخر، ففي كتاب القصف كان الراوي لتاريخ القصف في الجزء الأول (طفولة الدنيا) والثاني (مراهقة الدنيا) لا يمكن مقاطعته، والأخت المحاور المفترض كان امرأة أولا، وهي أخت صغرى ثانيا، ثم هي متعلم يدخل عالم القراءة توا، فعليه هي محكومة بالتلقي وحسب، وهو إذا استعان بالحوار فإنما يقتبس مقاطع من حوار الصحفية (صوفيا هاريسون) مع (سفن لندكفيست) صاحب كتاب (تاريخ القصف) الذي يقوم الكولاج بعرض صحفي له ويستعير عنوانه للكولاج السردي، وفي (شيخوخة الدنيا) وهي الجزء الثالث من الكولاج يصادر الجار (عزيز) كل الوجهات المفترضة للحوار، بما فيها الراوي السابق الذي يقع أيضا في إطار القمع، ويتجاهل بقسرية الأنثى المستمع السابق (ماذا تقول هذه المجنونة)(3)، هذا الإنسان المعزز بالإنسانية إلى حد الفخر بأنه سيتزوج امرأة عمياء لا يمكنه أن يكون إلا بهذه الحال من الازدواج*، فهل من غرابة بعد ذلك أن يكون الجناس بين الحوار(المحادثة) والحوار (ولد الناقة)(4) ـ الذي تسقط عليه قذيفة تجعله أشلاء ـ لا يقف عند حدود الجناس اللفظي ولكن الاشتراك في المصير، فهذا بالسيف وذاك باللسان وهو ما يعززه قولهم:
من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
يبدو أنها سنوات الإلغاء التي لا يمكن تجاوز تراكمها في مجتمع شرقي لا يرى الاختلاف إلا ندا، وقد تركت نحتها في الرؤية لكل ما هو مغاير، فضلا عن الوجود في الـ(هناك) كآخر ملغى غير معترف به يهيئ بشكل لا شعوري لهذا المد من التجاوز أو التخطي للمحاوَر، حيث توازي(الكتابة) ـ كما قلنا ـ (الفعل) لذا نمارس بشكل لا شعوري فيها حريتنا التي تبدأ من الخروج على كل القيود المحيطة بنا وقد نسحق حرية آخرين لنا.
إن الكتاب يمثل تجربة جدية للخروج من الأشكال والقوالب المسبقة إلى اجتراح شكل ينفتح كما هو العالم على عولمة حقيقية تحاول أن تحيط بكل شيء.
-----------------------------------------------------------------------
الهوامش:
* ليالي القصف السعيدة/ محسن الرملي- دار سنابل للنشر والتوزيع، مصر- ط1، 2003.
(1) ليالي القصف السعيدة/ ص15.
(2) الكولاجان نشرا في جريدة الزمان الأول في العدد/ 1206 بتاريخ 9 مايو 2002 وفي مجلة الثقافة العربية الصادرة بلندن العدد/1 حزيران 2002. والثاني في العدد/ 1424 بتاريخ 8 مايو 2003.
(3) ليالي القصف السعيدة ص67.
* وهذه الظاهرة لفتت انتباهي أيضا في مجموعة عبد الهادي سعدون(انتحالات عائلة) لكن البطل كان مقموعا تماما لا يحاور فهو أما مكمم فعلا أو يكلم ذاته تحت وطأة مصادرة الغالب وهو ما سأقوم بالحديث عنه في غير هذا الموضع.
(4) ليالي القصف السعيدة ص 115، الحوار سعيد في قصة(أنا وأنت والناقة مسعودة في عاصفة الصحراء).------------------------------------------------------
الكولاج من الفن التشكيلي إلى الكتابة
-1-
ينتمي الكولاج في الأصل إلى الفن التشكيلي حيث تدمج خامات في اللوحة من خارج مألوفها الذي يمثله القماش أو أنواع الورق واللون، عندما تضاف لها مواد صلبة أو رخوة تكون بارزة عن سطح اللوحة، وتلصق في مواضع منها، وقد تكون مواد اللوحة معتمدة كليا على المواد المستهلكة من النفايات، وفي متحف الفن الحديث (العراقي) قرب ساحة الطيران تشغل واحدة من هذه اللوحات مساحة كبيرة على أحد جدران المدخل من الداخل، إن هناك ثابتا مشتركا نسبيا بين الكولاج في الكتابة وفي الرسم هو عملية الإلصاق التي تجد لها قاسما مع الأصل الذي جذرناه في الفن التشكيلي.
و(الكولاج) في النص الخارج من منطقة الشعر المعروفة؛ هو إدخال معارف من غير منطقة الشعر ولا من لغته المبنينة، كالسرد القصصي، والواقعة التاريخية المقتبسة من المتن التاريخي بأسلوب المتن ولغته، لكنه مع ذلك لا يقف أسيرا لهذا التقعيد، فكونه (كولاج) يعني انفتاحا دونما حدود، كما أنه خروج على كل أغراء بالتأطير، وهو ما يؤكده محسن الرملي أيضا في كتابه (ليالي القصف السعيدة)، وإن وضعنا ـ كما أظن ـ في صورة الشكل الذي يريده لكتابته وحسب، وفي كتابه هذا تحديدا، فعندما تجاوز الاقتراح الذي أشار لوضعه في إطار حكائي، وهو عامد مسبقا في رغبته الخروج على الأطر المعروفة أو تجاوزها، لذا كان خياره أن يجعل كتابه ينضوي تحت اللا شكل حيث يقول:"يتمحور حول القصف، وسيضم نصوصا متباينة في طبيعة جنسها ولغتها وأحداثها، وتكون فيه نصوص معلوماتية وتاريخية اجمعها من الصحف والموسوعات والانترنيت؛ قصائد ونصوص انثيال لغوي. . هي بحد ذاتها صور من معرض القصف. . بل وإني سأعرض بأسلوب صحفي كتابا يتحدث عن القصف"(1)، وهذه الرغبة في الخروج عن الأطر المسبقة والتململ من هيمنتها طالما راودت المبدعين بدءا من عنترة في مطلع معلقته:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
فالبحث عن الأشكال واجتراح الجديد منها جزء من انشعالات المبدع في بحثه عن حريته في ممارسة الكتابة هي التي تماهي الفعل لديه، وهذا البحث يبدأ بالخروج على قيود سابقة ليضع قيودا مع تكرار التجربة، وهذا التأطير للكولاج لا يمكن أن يسلم به على أنه تقعيد له، لأن الكولاج شكل أو إطار فضفاض يحتمل السعة والتنوع وعدم الانقياد لقاعدة معينة، والرملي إنما يحصر في قوله السابق الطريقة التي وضع بها مبناه لكولاج (ليالي القصف السعيدة) تحديدا، وعيّنه بأنه (كولاج سردي)، وقد يكتب كولاجا آخر لا يخضع للمبنى السابق، وهذا يقارب إلى حد بعيد نجاح السياب في القصيدة الحرة عندما استأثر بالتأثير في التالين والمعاصرين له دون نازك الملائكة، ويأتي جانب كبير من هذا النجاح من هذه الجهة حيث حاولت نازك الملائكة أن تنظّر للتجربة بدءا من بيانها في مقدمة مجموعتها (شظايا ورماد) إلى كتابها (قضايا الشعر المعاصر)، في حين جعل السياب تجربته غير مقرونة بالتنظير على الأقل في بدئها، وأعطى لها مساحة من الحرية والتجريب والاعتراف بكل إضافة وعدم احتكارها بوجهة ما.
وتجربة كتابة الكولاج لي فيها محاولات نشرت منها اثنتين هما (لعبة لمخاريق صبيان، وما يبعثره النسيان تنقذه الذاكرة)(2) وسميته (نص كولاج) وقد وظفت الواقعة التاريخية والمادة الفلكلورية والشعر القديم والحكم والأقوال المأثورة بسياقها وصيغتها في الأصل غالبا دون أن ألويها، وإذا حرفت أحيانا فليس لغرض اخضاعها لشكل كتابي ولكن لتوائم المضمون وهذا يقود إلى أن العناية في الكولاج إنما يأخذ جانب كبير منها المضمون، وذلك واضح في (ليالي القصف السعيدة) أيضا إذ هناك ثيمة إنسانية أو أنها لصيقة بالإنسان في الكثير من وجوهها هي التي استأثرت بالمضمون ليظهر معها الكتاب بهذه الصورة.
-2-
إن التباين في جنس ولغة النصوص التي يتمحور حولها الكولاج ـ إذا استعرنا تعبير الرملي ـ يجد صداه في قائمة المصادر والمراجع، حيث نلمح بشدة غلبة اتجاه من الكتب يلائم إلى حد بعيد هذه الوجهة؛ وهي كتب الموسوعات بدءا من (موسوعة دار إسابا)، ومعروف أن الموسوعة أية موسوعة تضم بين دفتيها التاريخ والجغرافيا والفلسفة والدين والسيرة والاجتماع . . إلخ، فضلا عن(لسان العرب) وهو موسوعة أيضا، ليس في المعارف اللغوية، وإنما في علوم مختلفة لها غالبا صلة باللغة، وكذا ما نجده في (المنجد في اللغة والأعلام)، وهذا ما لا يفارقه (القرآن الكريم) باعتباره موسوعة في الدين من القصص والفقه وشؤون عديدة من الحياة، وهذا التنوع والتباين نجده ضمنا في مصدر آخر هو ملحق جريدة (البيان) وهو (بيان الكتب) حيث يتضمن عروضا لكتب متباينة لا تنتمي لاختصاص واحد، وهو يقارب الجرائد الإلكترونية تماما التي كانت إحدى مصادر الكتاب، فتستحوذ وجهة ثلثي قائمة المصادر والمراجع التي نعدها (أحد عشر مصدرا) على مقاربة لشكل الكتابة الذي يعنى كما قلنا بالتباين والتنوع في المعارف المستقاة والمجتمعة في إطار من الكتابة.
-3-
في كتاب محسن الرملي هناك ظاهرة كرسها الكولاج على ما يبدو، لكني رأيتها تنسحب كذلك لبعض النصوص القصصية التي اجتمعت مع الكولاج في غلاف واحد، ومنها تحديدا (القصف والمراحيض)، وهذه الظاهرة هي المصادرة في الحوار إن واحدا يتحدث ويلغي الآخر، ففي كتاب القصف كان الراوي لتاريخ القصف في الجزء الأول (طفولة الدنيا) والثاني (مراهقة الدنيا) لا يمكن مقاطعته، والأخت المحاور المفترض كان امرأة أولا، وهي أخت صغرى ثانيا، ثم هي متعلم يدخل عالم القراءة توا، فعليه هي محكومة بالتلقي وحسب، وهو إذا استعان بالحوار فإنما يقتبس مقاطع من حوار الصحفية (صوفيا هاريسون) مع (سفن لندكفيست) صاحب كتاب (تاريخ القصف) الذي يقوم الكولاج بعرض صحفي له ويستعير عنوانه للكولاج السردي، وفي (شيخوخة الدنيا) وهي الجزء الثالث من الكولاج يصادر الجار (عزيز) كل الوجهات المفترضة للحوار، بما فيها الراوي السابق الذي يقع أيضا في إطار القمع، ويتجاهل بقسرية الأنثى المستمع السابق (ماذا تقول هذه المجنونة)(3)، هذا الإنسان المعزز بالإنسانية إلى حد الفخر بأنه سيتزوج امرأة عمياء لا يمكنه أن يكون إلا بهذه الحال من الازدواج*، فهل من غرابة بعد ذلك أن يكون الجناس بين الحوار(المحادثة) والحوار (ولد الناقة)(4) ـ الذي تسقط عليه قذيفة تجعله أشلاء ـ لا يقف عند حدود الجناس اللفظي ولكن الاشتراك في المصير، فهذا بالسيف وذاك باللسان وهو ما يعززه قولهم:
من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
يبدو أنها سنوات الإلغاء التي لا يمكن تجاوز تراكمها في مجتمع شرقي لا يرى الاختلاف إلا ندا، وقد تركت نحتها في الرؤية لكل ما هو مغاير، فضلا عن الوجود في الـ(هناك) كآخر ملغى غير معترف به يهيئ بشكل لا شعوري لهذا المد من التجاوز أو التخطي للمحاوَر، حيث توازي(الكتابة) ـ كما قلنا ـ (الفعل) لذا نمارس بشكل لا شعوري فيها حريتنا التي تبدأ من الخروج على كل القيود المحيطة بنا وقد نسحق حرية آخرين لنا.
إن الكتاب يمثل تجربة جدية للخروج من الأشكال والقوالب المسبقة إلى اجتراح شكل ينفتح كما هو العالم على عولمة حقيقية تحاول أن تحيط بكل شيء.
-----------------------------------------------------------------------
الهوامش:
* ليالي القصف السعيدة/ محسن الرملي- دار سنابل للنشر والتوزيع، مصر- ط1، 2003.
(1) ليالي القصف السعيدة/ ص15.
(2) الكولاجان نشرا في جريدة الزمان الأول في العدد/ 1206 بتاريخ 9 مايو 2002 وفي مجلة الثقافة العربية الصادرة بلندن العدد/1 حزيران 2002. والثاني في العدد/ 1424 بتاريخ 8 مايو 2003.
(3) ليالي القصف السعيدة ص67.
* وهذه الظاهرة لفتت انتباهي أيضا في مجموعة عبد الهادي سعدون(انتحالات عائلة) لكن البطل كان مقموعا تماما لا يحاور فهو أما مكمم فعلا أو يكلم ذاته تحت وطأة مصادرة الغالب وهو ما سأقوم بالحديث عنه في غير هذا الموضع.
(4) ليالي القصف السعيدة ص 115، الحوار سعيد في قصة(أنا وأنت والناقة مسعودة في عاصفة الصحراء).
*نشرت في صحيفة (النهضة) العدد 171 بتاريخ 10 حزيران 2004 العراق.
وفي صحيفة (المشرق) العدد 18 بتاريخ 5 كانون الثاني 2004 العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق