الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

رأي / لمن نكتب ؟!


سؤال المبدع دائما.. لمن نكتب: لذواتنا.. أم للمتلقي؟

استطلاع: خلود الفلاح

تاريخ الأدب هو رؤية للتاريخ كتطور فى شكله الايجابي والسلبي وما يتضمنه هذا التطور من آراء تثير الفضول وتحفز للمزيد من البحث فيما وراءها، أي تلزم بعدم أخذها كأحكام مطلقة. وأمبرتوايكو حين قال: الكتابة هى دائما فعل حب وفى الحب هناك دائما شريك وألا فليس هناك حب وهو بذلك يشير إلى من يدعى انه يكتب لنفسه ولا وجود لما يمكننا تسميته قارئا أومستقبلا للرسالة الإعلامية. بحثنا عن آخرين قد يتفقون مع ايكو وقد يختلفون مع.. ليس هذا ما نسعى إليه، أننا فقط نبحث عن أشياء تضيف لتاريخ الأدب. وتقدم رؤياها الخاصة.

*الكاتب والأكاديمى العراقي محسن الرملي:

ثمة مَن يكتُب لأسباب وجوديّة
ـ
بالنسبة لي شخصياً، ومنذ عرفت الكتابة، وقبل أن أعرف أُمبرتو إيكو، فإنني لم أزعم أبداً بأنني أكتب لنفسي، وقد أوضحت ذلك فى مناسبات أخرى، حيث أنني لا أحتاج الكتابة لنفسي ما دمت أعرف ما في رأسي وما الذي أريد قوله. لكنني فى الوقت نفسه لا أملك ثقة وجرأة إيكو لاتهام غيري بالكذب حين قال ذلك، وربما لا أتفق معه فى إطلاقيته لهذا الحكم ـ هذا إذا كان قد أطلقه فعلاً ـ فبمجرد أن نحيد قليلاً عن المعنى السطحي والمباشر لهذا القول سنجد أكثر من تبرير له.
فالكتابة بالأصل هى عمل فردي ذاتي وأول وأكبر تأثير لها يكون على الذات الكاتبة أولاً، وهناك من يكتب لنفسه فعلاً مثلما أن هناك أناسا يقرأون لأنفسهم ولمجرد متعة فعل القراءة بحد ذاته. ثمة من يكتب لنفسه لأسباب نفسية بتوصية من طبيبه النفسي، وثمة من يكتب من أجل المال فقط ـ وبالطبع المال لنفسه هو ـ وثمة من يكتب لنفسه كى يعرفها أكثر أو لصالح نفسه اجتماعياً، أو كما يقول غارثيا ماركيز: "أكتب لكى يحبنى أصدقائى أكثر". وثمة من يكتب لنفسه لأسباب وجودية تتعلق بطبيعة فهمه ورؤيته لمعنى الوجود ووجوده الفردي ذاته الذى قد لا يجد له معنى آخر سوى فى الكتابة.
حسن مطلك مثلاً يقول: "أنا والكتابة شيء واحد". إن الإنسان بطبعه كائن تعبيري وحاجته للتعبير عن نفسه أساسية لذا فهو يعبر عنها بمختلف الوسائل والسبل والأساليب بما فى ذلك العمارات والصناعات والألبسة والرقص والكلام وغيرها، والكتابة أحد أساليبه الرائعة للتعبير، وفى كل الأحوال يبقى فعل الكتابة بحد ذاته أمرا عظيما ومهما وضروريا وصحيا وإيجابيا سواء أكان للشخص نفسه أو لآخر قريب أو لآخرين لا نعرفهم، وبالطبع ستكون المنفعة أكبر كلما اتسعت دائرة التلقي. وهكذا فالكتابة يمكنها أن تكون للذات وللآخرين، وكل له دوافعه وأسبابه وحق اختيار هدف كتابته، وليس من حقنا أن نتهمه بالكذب جزافاً.. هل شَقَقت عن قلبه؟!..
----------------------------------------
*نشر في صحيفة (العرب) بتاريخ 4/4/2007م لندن.

ليست هناك تعليقات: