الاثنين، 13 يونيو 2022

عن رواية: ذئبة الحب والكتب /د. هاشم العقابي

 

ذئبة الحُب والكُتب.. رواية أصوات من العقل والقلب

 د. هاشم العقابي

أسميه "الشكل"، ذلك الذي أول ما يميز رواية محسن الرملي هذه. يميزها حتى عن باقي رواياته وروايات غيره من العراقيين على الأقل، فالتكنيك مذهل وغير معهود.

أن تأت بما لم يأتِ به أحد من قبلك، قطعاً سيملي عليك أن يكون مضمون روايتك مميزاً هو الآخر. الشخوص والاستعارات العالية والبارعة، ومعها التشبيهات الحية، التي لا تتكئ على اللعب اللغوي والمبالغات المقرفة؛ جعلت كاتبنا يرفع سقف روايته عالياً لتسكن القارئ في عالمها بارتياح.

كل هذا تجده وكأنه محسوب حساباً دقيقاً عند محسن الرملي، وهو يغرس دعائم سقف روايته في أرضيات، وإن كان بعضها مألوفاً لدى القارئ، لكنه ينسى ألفتها بفعل صوت البطلة هيام. في الحقيقة إنه لم يكن صوتاً واحداً، بل جمع من الأصوات: مرة من العقل وأخرى من القلب. وقد تحسه هذياناً أو أوهاما وهلوسة. تارة يأتيك وكأنه نازل من السماء، وفي أخرى يتدفق من الأنهار والجداول والبردي والقصب، ومن حلم إلى حلم، ومن لهفة إلى لهفة ومن حب إلى حب.. يا لها من لهطة تجعلك تلهث حتى يكاد أن ينقطع نفسك.

وفي هذا التلاطم الحزين واللذيذ والمبهر، تجد الرملي معك بكتف مثقلة بهم آخر، غير منفصل عن هموم البطلة. هم شخصي ثقيل جداً، جعل محسن يجهد نفسه في ألا يرميه على كتف القارئ، بل على كتفه لوحده، إنه وفاؤه لأخيه، الروائي أيضاً، حسن مطلك.. حسن الذي أعدمه النظام السابق ظلماً. وفاء جعل حضور أخيه كما الموجة الدافئة، وإن كانت هادرة تتلوى حزناً وفخراً بين بغداد ومدريد.

عامل مهم آخر في رواية الذئبة، هو "الواقعية" في اللغة والحوارات، ولهذه الواقعية الفضل في سحب القارئ من عالمه الواقعي ليسكن تحت سقف الرواية من البداية إلى النهاية.

نصيحتي لكل من يتجرأ أو ينوى كتابة رواية جديدة، أن يقرأ "ذئبة الحُب والكُتب" أولاً، قبل أن يبدأ، فلعله يتراجع حياءً أو يندفع مستفيداً.

وللقارئ العادي أقول: اِقرأها لتجد ان في الحياة طعماً لم تكن قد ذقته من قبل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*دكتور هاشم العقابي: شاعر وكاتب عراقي يقيم في لندن، من أعماله: غزل العراقيات.. دراسة في أصل الدارمي.

https://www.facebook.com/photo?fbid=10158907663376404&set=a.485871671403

ليست هناك تعليقات: