الثلاثاء، 7 فبراير 2023

ذئبة الكُتب / د. مجيد السامرائي

 

ذِئبة الكُتب

مجيد السامرائي

هيـام بطـلة مـتخيـلة في راويـة (ذئبـة الحُب والكُـتب) لـ محسن الـرملي، أمـا هو فـقد قدم، فوتـوغرافيـا بالألوان، عن سيرة حـياته بدقـة، من قريـته اسديرة الـشرقاطـية حتى عَمـان إلى إسـبانـيا، حـيث نـال الدكـتـوراه في دون كيـخـوته.. تقـول ذئـبة الـكتب: "الحروف في الـكتـاب رموز تجـريديـة تتكـلم وتعـبر عن كل شيء، أسـتشـعرهـا حيّة، وأرى أطراف الحـروف ونقاطها مثل ألسن وأيدٍ تتكلم. القصائد التي كنت أقرأها في رسائل أبي إلى أمي وكلمات الأغاني التي أطالب أمي بشرحها لي كشفت لي بأن الكلمات، هذه الأصوات، تعني الكثير، ولها امتدادات بعيدة وواسعة أكثر من ظاهرها.. إنها تمثيل لوجود أوسع.. هكذا قادتني الكلمات إلى الشغف بالكتب أكثر..".

ثـمـة حـوادث عـدة كـالـرزايـا المت بي وانـا اخـتـرق كل يـوم 100 صـفـحـة من أصل 423 من الروايـة، حتى صار ذِكر الذئبة عندي مقترن بيوم استثنائي ـــ غير سعيد ـــ في حياتي، لذلك ركنتها جانباً... هل هناك امرأة تفترس الكتب افتراسا؟ هل هن أكثر مِنا شغفاً بالكِتاب؟ هل أمة اِقرأ لا تقرأ حقاً؟

احـصــائـيــاً هن الأكـثــر شـراءً واســتـعــارة لـلــكـتــاب هـذا الــعـام.. هـن أكـثـر استـحضاراً للأحداث في منطقة الخيال؛ بفـعل مستقبلاتهن الحسية؛ ثمة سوق لخيال رائج بينهن! لديـهن خلايا عصبية تشبه المرايا، تـتمركز في الحاجبين... الولد مشروع رجل مسـتقـبلاً، يقرأ لـلتـعلم وإيـجاد وظيـفة فـورية. البـنت مشـروع سيـدة تقرأ وفي عقـلهـا البـاطن؛ تنـسج خيـالات لزيـادة المتـعة. ألعاب الفيديو تشـغل الشـباب أكثـر والـقراءة عـنـدهم غيـر المـتعـة. الـقراءة تـصـيب الاولاد بالـضـجر؛ في اليـوتيوب وفيسـبوك وثم تويتر؛ نـسبة الذكور أعـلى من الاناث! هذه بحوث استـقصائية أُجريت في إنكلترا؛ كندا والولايات المتحدة. لابد من بحوث مقارنة في المنطقة العربية.

زوجـتـه كـلـمـا جـاءهــا بـطـيف هـائـل من كُـتب تـُهـدى إلــيه دون مـقـابل من مؤلـفيها في معارض الكتب، دون أن يُحدث هذا الكرم زلزالاً في ميزانية الأسـرة، لكـنـهـا تصـرخ: يـا ربي، كـُتب، كُـتب، كُـتب، أشق هدومـي وأطلع من البشرية؟!! هو لا يضحك ولا يغضب، كأنه تمثال قُد من رخام!

علـى الهاتف، يكـلم صاحبه، وهي في المطـبخ تسترق الـسمع: هل تصدق هذا الهراء؟!

لا تـقع في حُب امرأة تـقـرأ... امرأة تــقـرأ الـكـتب؛ هي امـرأة عـاشت ألف حيـاة في حـياتـهـا الواحـدة، هـذا النـوع من الـنـساء يـصـعب هزيمـته، إنـها تفهم جيداً كل ما يدور في رأس الرجل من ألاعيب ...!

قالت له: أنا رايحة إلى بيت أهلي!

ــــ ستجدين أباكِ مثلي يقرأ!

من قال إنـهن يقرأن؟ هن انكليزيات؟ كنـديات؟ أمريكانيات؟ لسن من بنات الضاد ...

تزوج الـكاتب الساخر ابراهيم عبد القادر المـازني مرتين، وفي كلتيهما، في ليلة عرس لا تـفـوت، يبـحـثون عـنه في الحـمام، تحت الـسـرير، في الـسطـح.. لكـنهم يجدونه يقرأ!

قـال ذات يـوم: مـثـلمـا قـال مـحـمـد ابن شـهـاب الـزهري، في ذات الأمــر قـبــله: "وكــانت زوجـتي تــقـول إلـى آخـر أيــامـهـا ـــ رحمها الله ــــ ليس لي ضرة إلا هذه الكتب".

هل يكون نصيبي من القارئات أكثر من القراء؟

أنا على قارعة الطريق أنتظر!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت في صحيفة (الزمان)، العدد 7502 بتاريخ 7/2/2023م.

https://www.azzaman.com/wp-content/uploads/file-manager/commonfolder/qtoday/p7.pdf?p=0.9465098836148182

ليست هناك تعليقات: