الأربعاء، 22 أغسطس 2018

فرادة الأدب العراقي / مجد أبو عامر

فرادة الأدب العراقي
مجد أبو عامر
هناك فرادة للأدب العراقي الحديث، تجعل منه جنسًا أدبيًا مستقلًا بذاته، فلكي نقول عن عملٍ أدبيٍ ما -مهما كانت جنسية كاتبه- بأنه مدهش بما فيه الكفاية، يكفينا قول: يا إلهي، إنها رواية عراقية يا رجل!  وهذا الأدب، تتعرفه من سماته الرئيسية: السوداوية المفرطة، السُخرية من القدر، عُمق التراجيديا، بساطة القول، بلاغة حَبكِ المشاهد، السرد المباغت، والدهشة الصافعة.
قرأت ما لا بأس به من الأدب العراقي الحديث، في حقول الرواية والشعر والقصة، وحتّى في موضوعات وحقائق مشابهة -مثل: الحرب الإيرانية-العراقية، السيارات المفخخة، المقابر الجماعية، الجثث المتناثرة، الجماعات الإرهابية، الغزو الأمريكي، دكتاتورية النظام- وكُنت أفاجأ من طرائق التناول المختلفة، التي اختار الخوض في سيورها كل كاتب منهم.
آخر ما قرأته في هذا الأدب، رائعة محسن الرملي "حدائق الرئيس"، وهي رواية كاملة بدهشتها وقصتها، وسردها البهي، والصفعات المتوالية في كل مشهد/فصل، للدرجة التي تجعلك تسبُّ مؤلفها بين صفحةٍ وأخرى: اللعنة!
بدأت الرواية بهذه العبارة الهادئة والصاخبة في آن: “في بلدٍ لا موز فيه، استيقظت القرية على تسعة صناديق موز، في كل واحدٍ منها رأس مقطوع لأحد أبنائها، ومع كل رأس بطاقته الشخصية التي تدل عليه.”
يروي محسن الرملي في روايته هذه تاريخ العراق في العقود الأخيرة، من خلال سيرة أبناء شق الأرض -عبدالله كافكا، طارق المندهش، وإبراهيم قسمة- ومن خلال قصّة كلٍ منهم، يلتقط حيوات البسطاء العاديين، وما أحدثته فيهم الحروب وفوضى الاحتلال. ويرمز بإبراهيم للدم العراقي، ليؤكد أن الضحايا ليسوا مجرد أرقام، إنما لهم قصصهم وأحلامهم، التي تجعل من كل واحدٍ فيهم، عالم قائم بذاته.
هي رواية بسردها الآسر، تحكي عن عالم يناضل من أجل البقاء، عن لوعة الفراق، الحب بعاطفته الخفية/القوية، عن تفكك الأسرة، عن المشاعر الإنسانية بكاملها؛ الوفاء، الخوف، الحنين، الانتماء، الأمل واليأس..
وما زال العراق يثبت يومًا تلو الآخر، عن فرادته وجودة أدبه، ليتصدر أهم القوائم الأدبية في العالم، لتصبح مقولة “كلما مات عراقي، خسر العالم شاعرًا” حقيقةً لا مراء فيها. ولكي تقولوا نفس القول، اقرأوا حسن بلاسم، سنان أنطون، محسن الرملي، أحمد سعداوي، ضياء جبيلي، مثيم راضي، كاظم خنجر.
-------------------------------
*مجد أبو عامر، شاعر وكاتب فلسطيني، من أعماله (مقبرة لم تكتمل)، نشر هذا المقال في صفحته الشخصية على الفيسبوك بتاريخ 2/4/2018
ثم تم سرقة المقال ونشره باسم (مهندسة ايمان أحمد) ! في (وكالة أنباء حريتي) بتاريخ 5/4/2018

ليست هناك تعليقات: