عن محسن الرملي و ذئبته
ــــ 1 ــــ
يخرج الكاتب محسن الرملي في روايته (ذئبة الحب والكتب)
بثيمة جديدة تختلف جملةً وتفصيلا عن رواياته السابقة، غير أن النهاية هي النهاية
في كل روايات الرملي "تتركك مصابا بالذهول"!
بدأ الرملي هنا الكتابة بالنبرة الأنثوية محطِّما
بذلك نمط التكرار في رواياته السابقة!
حيث انه كان ينقل في رواياته السابقه لنا السجون
والحرب والخراب والفقر والموت والأسرى من الرجال كما هم على أرض الواقع واضعهم
بدمهم بتوابيتهم بحاجتهم لنا نحن النساء بجوعهم للحياة،
إلا في ذئبة الحب، فإن النبرة الأنثوية تكاد أن تكون
هي المحور الذي شيدت عليه معالم الرواية حيث يذكرنا الرملي هنا بِأساليب الكتابة
في أهم رسائل العشاق التي كُتِبت على مر التاريخ.
تبدو لي رواية (ذئبة الحب والكتب) أكثر بطءً في
السرد من حيث أن الأحداث في الرواية تمتد بين عدة أجيال متنقلة، ماراً بعدة دول (الأردن
واليمن والسودان وإسبانيا) وذلك ما جعل الرواية أطول من روايات الرملي السابقة،
محطماً بذلك عدد الصفحات أولا وطريقة السرد ثانياً، لكني أراهن الرملي والجميع أن
هذة الرواية كانت الأسهل من بين الباقيات.. وكأنها طبق التحلية في المائدة التي قدمها
الرملي لنا.
ـــ 2 ـــ
الرملي كان أكثر وفاءا لحسن مطلك (أخيه) ــــ الذي أُعدم
في زمن النظام البائد ـــ من نفسه حيث سيلاحِظ من يقرأ الرواية أن الرملي تداول
لرواية (دابادا) وأخيه حسن أكثر مما تداول اسمه وأسماء رواياته، كما أن الرملي،
ومن خلال سرد الرواية، تحديدا صفحة 30، يحاول تذكيرنا بالأسماء المهمة التي جعلت
الأدب العراقي في الصدارة، أمثال: السياب، غائب طعمة فرمان، ضياء العزاوي، سالم
الدباغ، مظفر النواب، ملا عبود الكرخي... وغيرهم .
هو في رأي توظيف بالغ الذكاء من الرملي لكي يتجدد
تذكار ما تركه مطلك والأخرون من أدب وفن للعراق، لذلك ستجد نفسك تدون اسم رواية (دابادا)
و(كتاب الحب) للمطلك وأسماء الكتب المعروفة لبقية الأدباء، لتتعرف أكثر على كل
كاتب وفنان وشاعر.. ومن هو منسي في العراق!
ـــ 3 ــــ
هيام.. أو ذئبة الحب والكتب
قوية الرقة، الشرسة في الحب والكتب، المجنونة كما
أنا، صاحبة المخيلة العجيبة التي كانت تحلم بنهدين كمثريين، علاقتها المتعددة
وتجاربها العاطفية التي حملتها لتشارك فراشها مع رجل لا تحبه!، أحلامها برجل كونت
حقيقته في مخيلتها، بالحب حين كانت تقول
:"السير في الحياة دون الحب هو مثل
الذهاب إلى المعركة بلا موسيقى، مثل السفر بلا كتاب، ومثل الإبحار دون نجمة توجهنا".
"الحب
أحد الضيوف الذي يزورننا بلا موعد مسبق، مثله مثل الحظ والموت".
لقد علمتني هيام الوحيدة وسط طوفان أنوثة جائع
الكثير، ابتداءا بِــأنواع القُبل "ص136" مروراً بما يحتاجه العراق حين
قالت: ان ما يحتاجه العراق هو الحب "ص174" ، علاقتها مع النباتات
"أبناء صمتها" حتى أني رحتُ أُربي نباتات وكذلك أسميهم "أبناء صمتي" ، ذائقتها المتمسكة بتلك الفترة الموسيقية
"السبعينية" ،
ذوقها في الرجال؛ حيث انها لا تُعجَب بالرجل السمين أبداً: فهو يبدو مثل قصيدة
تفتقد للشِعرية وتضيع روحها في طيات الشحم!.. والكثير ...
أحيانا أشعر بأن هيام امرأة مستنسخة مني، حقا لو كانت
هيام حقيقية لكنت أنا، لكنني سأحارب لأجل أن لا أجعل حياتي تنتهي على فراش مع رجل
لا أحبه، بل سأحب حبيبي أكثر وسأحارب لأجله أكثر..
ــــ 4 ــــ
نهاية الرواية كانت من أجمل النهايات.. عنصر المفاجأة
هنا قادني للذهول، للجنون، لأن أكون أستثنائية حتى في النهاية!
أن أجعل الحب ملموساً مع من أحبه حتى لو فصلت بيننا
القارات.
نحن دوما على موعد: مع الحب والكتب والكتابة، على
موعد قبل غروب العمر، وقبل القيامة، وكل الأشياء...
نشرت في مجلة (الوعي) العراقية، عدد شهر أغسطس/آب 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق