في «تمر الأصابع».. محسن الرملي يقص حكاية
العراق
«تمر الأصابع».. وجوه متعددة لصراع الهوية
الشارقة:
محمدو لحبيب
أحياناً
يحاول المغترب صنع صورة وطنه، واستحضارها دوماً معه، لا في حقيبة سفره، بل في
تفاصيل حياته في مغتربه، وتكون الصورة أكثر جلاء وعمقاً حين يتولّى تشكيلها روائي،
فتغدو تفاصيلها واضحة جداً، كما لو أن ضوءاً ساطعاً يسلط عليها باستمرار.
في روايته «تمر الأصابع»
يحشد الروائي العراقي المقيم في إسبانيا محسن الرملي، كل قدرته السردية ليقص حكاية
العراق، بل ليعيد تشكيلها وفق رؤيته لكل ما جرى فيها أثناء فترة معينة.
الرواية التي صدرت في
طبعتها الأولى عن الدار العربية للعلوم، ومنشورات الاختلاف في الجزائر سنة 2009،
حظيت بمراجعات عديدة على الإنترنت، وتباينت آراء القراء حولها، فمنهم من يراها
تجربة سردية ناجحة لوصف الصراع بين الماضي في الوطن، وبين الواقع والتكيّف معه في
الغربة، ومنهم على العكس من رآها رواية شابتها شوائب تتعلق بإقحام الكاتب أو
مبالغته في حشو الرواية بما لا يليق بها، وآخرون اعتبروها رواية نقدية لمفهوم
وعقلية الثأر المنتشرة في العادات العربية العشائرية.
أحد هؤلاء القراء يعلّق على
الرواية قائلاً: «تمر الأصابع، أولى رحلاتي مع محسن الرملي، حكاية جديدة من حزن
العراق، والشتات، والأنظمة الفاسدة، والحروب الدموية، لكن هذه المرة، بطريقة
جديدة، العراق في الذاكرة والقلب، ومكان الرواية هو إسبانيا، رحلة في التراجيديا
والتقلبات والتحولات والثنائيات»، ويستشهد هذا القارئ ليعزز رأيه في جماليات
الرواية بما كتبه أحد النقاد عنها فيقول: «وصفها الشاعر والناقد مانويل رينا في
مقال له عنها بأنها: رواية مشحونة بالعاطفة، بديعة باستحضاراتها وحنانها، وتمتاز
بقدرة كبيرة على رسم التناقضات ونقاط الاختلاف والتلاقي بين ثقافات الغرب والشرق».
إحدى القارئات تعترف أنها
تعجلت في الحكم على الرواية بسبب إفراط الرملي في حشوها ببعض المشاهد النمطية
المكررة دون داع: «كِدت أحس بالابتذال أثناء قراءتي للرواية، وكأنني أشاهد مسلسلاً
تركياً: زواج ومسامحة، وحمامات بيضاء، لكن السطر الأخير من الرواية جعلني أندم
لإطلاقي أحكاماً متسرعة، نهاية جعلت الرواية تستحق تقييماً جيداً».
وتركز القارئة على نقاش
الرواية لمسألة الثأر في المجتمعات العربية فتقول: «الأفضل أن تصفح حين يُعتدى
عليك وتسامح، هذا الانتقام العشائري والثأر دمّر المجتمع، جميل أن نمارس مبدأ
الصفح في حياتنا، نصفح عن غيرنا لنحرر أرواحنا، هو شيء صعب لكنه جميل».
قارئة أخرى تتحدث عن صراع
الهويات بين العرب والغرب، والذي تناولته الرواية فتقول: «العربي عربي، لا أتكلم
عن الذين عاشوا في الغرب منذ جاءوا إلى الحياة، ولا يعرفون عن أوطانهم الأصلية،
إلا كما نقرأ نحن عن شهبندر التجار، وست الحسن في كتاب ألف ليلة، أقصد بالتحديد من
عاشوا حياتين، من مدّوا أذرعتهم لطبيب الغرب ليغرز فيها لقاحاً يقلل من تأثير
هويتهم، فإذا به يصيبهم بحساسية عالية لها وله»، وتضيف: «حقيقة أخرى تحملها
الرواية، هي أننا مهما ادعينا البساطة لسنا كذلك، إننا معشر البشر تركيبة عجيبة من
عدة أشخاص داخل جسد واحد.
-----------------------------------
*نشرت في صحيفة (الخليج)
بتاريخ 26/8/2018
*ونشرت في موقع (جائزة
كتارا للرواية العربية) بتاريخ 26/8/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق