الأحد، 31 يناير 2021

عن رواية: تمر الأصابع / محمد أمين

 

تمر الأصابع ــــــ محسن الرملي

رواية عن العراق وأبنائه 

محمد أمين

قراءة أولى: يناير 2021

يأخذ الكاتب محسن الرملي على عاتقه في رواية تمر الأصابع كشف جزء حي من واقع أبناء العراق في الغربة ومدي توافقهم واستجابتهم لمكان العيش الجديد وكيف آن لهم أن يؤلفوا بين حاضر غريب لا يعلمون له تأويلا وماضي بعيد لا يستطيعون له سبيلا. أحداث الرواية تجمع ثلاثة أجيال (الجد والأب والابن) وعائلاتهم التي جمعتهم قرية الصبح العراقية في حياه بسيطة برعاية الجد الأكبر "المطلق" صاحب المقولة الشهيرة: "إذا نبح عليك كلب فلا تنبح عليه، وإن عضك عضه". هذه المقولة الأثيرة لديه والتي لازمته منذ الطفولة والتي شكلت عنده مبدأ حياتي كان سبب في انقلاب حياة العائلة رأساً على عقب وكانت بداية الرحلة الطويلة من الاغتراب والوحشة والفراق. 

يلعب الرملي عن طريق شخصياته القليلة على أفكار عدة، منها الحب والذي يتجلى في مراهقة البطل في عراقه البعيدة مع "عالية" وكيف بدأ وكيف خبا، ويتجلى في شبابه في مدريده الجديدة مع "فاطمة" المغربية والتي تعيد تأثيث روحه من جديد. أيضا نجد معني الاغتراب والبحث عن معني الوطن كما جاء على لسان الأب لابنه " إن وطننا الحقيقي هو الذي نصوغه نحن بأنفسنا كما نريد.. لا كما صاغه غيرنا، كما فعل الطاغية.. انه على هذا النحو ليس الوطن الذي نريده". من الأفكار المطروحة أيضا في الرواية مبدأ الثأر وكيف أنه قد يكون محور حياة وهدف تم تحديده وعهد لا يقبل الجدال وقد تتوارثه الأجيال، الثأر الذي لا تمحيه تغيير الأماكن ولا الثقافات ولا حتى جلود البشر.

الإشارة الي التمر تكررت كثيرا في الرواية وعلى لسان شخصيات مختلفة ليجعل من نفسه بطل للأحداث وشريك متضامن في اسم الرواية. ومما لا يخفي على الكثيرين أن النخل والتمر العراقي يشكلان جزء أصيل من الحضارة والتاريخ والثقافة لهذا البلد وأهله من قديم الازل. وقد لاح لنا ذكر التمر على لسان الجد والأب والابن في مواضع كثيره واستخدامات عديده بعضها نعلمه والبعض الاخر تم اكتشافه بين أحداث هذه الرواية.

اللغة سهله وغير متكلفه ولم يلجأ الكاتب الي استخدام كثير من الكلمات من العامية العراقية الدارجة. مسرح الأحداث ينقسم لمنطقتين أساسيتين في الزمان والمكان، الحاضر حيث يعيش الابن في اسبانيا والماضي حيث نشأ وسط عائلته في العراق، وتأخذنا الاحداث الي الماضي العراقي تارة لتنبش في رفاته الرمادي وتعود بنا تارة أخري للحاضر الأوروبي لتبحث في أحواله المتفككة ومحاولات الشخصيات لتجميع الصورة النهائية لحياتهم. السرد يجمع بين الوصف واسترجاع الأحداث في نقلات واعيه ومحسوبة بدون تشتيت ولا اصطناع.

تمر الأصابع هي رواية للباحثين عن وطن، للسابحين في شتات المهجر، للواقعين في أحابيل الموروثات الثقافية والمعضلات الأخلاقية، للمشتتين بين الماضي والحاضر، (تمر الأصابع) رواية عن العراق وأبنائه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*محمد أمين: كاتب من مصر.

https://www.facebook.com/photo?fbid=10157520371736022&set=a.10156808364946022 


ليست هناك تعليقات: