بمناسبة اليوم العالمي للكتاب
عن التقليد والأخذ بالجاهز
د.محسن الرملي
لا ضير بالتقليد، بل أن كبار من المبدعين المعلمين ينصحون به أو يعتبرونه ضرورة، وخاصة في البدايات، إلى أن يتم لاحقاً إيجاد الأسلوب الخاص، شرط ألا يكون التقليد أعمى أو يتم التوقف عند حدوده والاكتفاء به، فهو على هذا النحو لن يشكل إضافة مادام الأصل موجوداً. ومن بين الإشكاليات التي اعتدنا على تأشيرها في ثقافتنا العربية عموماً وننتقدها أحياناً، هي أننا نقلد الغرب، لكن تأمل ذلك على نحو آخر سيكشف لنا بأننا في الحقيقة لانقلد وإنما نأخذ الأفكار أو البضائع جاهزة كما هي، كاملة أو ناقصة، دون أن نسعى لمحاولة تقليد صناعتها بأنفسنا، وإن حدث فعادة ما يكون تقليداً ضعيفاً أو مشوهاً، وعلى هذا النحو نحكم على أنفسنا بالتبعية وبالبقاء في خانة الاستهلاك وليس الإنتاج.
ولنأخذ أمثلة على ذلك مسألة الأعياد والمناسبات والتي لا يكلف تقليدها شيئاً مُعجِزاً. أقول هذا بمناسبة اقتراب يوم الكتاب الذي تقام فيه المعارض وتنتشر الكتب حتى على الأرصفة وتقام حفلات التوقيع ولقاءات الكتاب بقرائهم وإصدار الجديد وإعادة الطبعات.. ويهرع الناس لشراء الكتب وتبادلها كهدايا مصحوبة بورد وعبارات جميلة، بحيث أن مدينة كبرشلونة مثلاً يباع فيها نصف مليون كتاب تقريباً في هذا اليوم وحده.
في 23 نيسان سيحتفل العالم بيوم الكتاب والذي يصادف ذكرى وفاة ثربانتس وشكسبير وغارثيلاسو ووفاة أو ولادة كُتاب آخرين من أمم مختلفة لا ذِكر لأي عربي بينهم، ولا بأس بالمشاركة في هذا اليوم وإن كنا غير مشاركين في تقريره على الرغم من عضوياتنا في اليونسكو. ولكن لماذا لانوجد لأنفسنا يومنا الخاص بالكتاب العربي أيضاً؟ بل وحتى يوم آخر للكتاب الوطني الخاص بكل بلد، فتخيلوا أن نحتفي بالكتاب ثلاث مرات سنوياً، بل وحتى إيجاد أيام خاصة بأجناس معينة، لم لا؟ كما هو حاصل مع اليوم العالمي لكتاب الطفل مثلاً والذي تم تحديده في 2 نيسان بمناسبة ميلاد الكاتب الدنماركي اندرسن. لن يكلفنا الأمر سوى التفكير قليلاً والاتفاق، وليكن يوم الكتاب العربي مثلاً في ذكرى وفاة الجاحظ الذي أمضى حياته بين الكتب ولأجلها ومات تحتها إثر سقوط مكتبته عليه، أو أي يوم متعلق بكتاب أو بكاتب نعتز به.. كتاريخ الطبعة الأولى من (ألف ليلة وليلة)، أو تاريخ متعلق بنزول (القرآن) أو جمعه أو طبعه باعتباره أهم الكتب بلغتنا وثقافتنا وعلى هذا النحو نشرك العامة وبقية المسلمين في يوم كهذا، أو نوجد يوماً خاصاً بالكتاب الإسلامي. ويومنا الخاص بالشعر مرتبطاً بأحد تواريخ المتنبي أو غيره من كبار شعراء عربيتنا، ويوم للحب متعلقاً بقيس وليلى أو بابن حزم أو بابن عربي الذي قال أن ديني هو الحب، بدل تعلقه بالقديس فالانتاين؟ ويوم للموسيقى متعلق بالموصلي أو بزرياب، ويوم للفن التشكيلي متعلق بالواسطي، عيد للمرأة متعلق بإحدى النساء العظيمات في تاريخنا.. وغيرها، مما نقلد فكرته ونعيد إنتاجه وفق خصوصيتنا. سيحترم الآخر هذه الخصوصية، بل وسيعتاد على تهنئتنا بها ومشاركتنا إياها كما هو حاصل وبقوة باعترافه بأعيادنا الدينية رمضان والأضحى، وبأعيادنا الوطنية التي اخترنا لها تواريخ الاستقلال، وكما هو حاصل مع مناسبات أمم أخرى حيث صار الناس يحتفلون ويقدمون التهاني للصينيين بالسنة الصينية، ومهرجان ريو خانيرو البرازيلي ويوم الأموات المكسيكي وغيرها من مناسبات بقية الشعوب.
ترى هل بلغنا من الكسل الذهني أو من صعوبة الاتفاق حتى على مسألة بالغة البساطة والرمزية كهذه؟ أم ترانا قد اعتدنا على التلقي والانصياع وحسب، بحيث ننتظر أن تأتي إلينا بمراسيم وقرارات رسمية وزارية أو من زعامات الإفتاء؟ لماذا لا تبادر إلى ذلك اتحادات الكتاب أو جمعيات الفنانيين أو حتى مجموعة من الكتاب والفنانيين بلا اتحادات ولا جمعيات، فهل تحتاج مجرد المبادرة أو التفكير إلى ترخيص أيضاً؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر في زاوية (جداريات) في الملحق الثقافي لصحيفة (الثورة) السورية بتاريخ 13/4/2010 العدد 687
ولنأخذ أمثلة على ذلك مسألة الأعياد والمناسبات والتي لا يكلف تقليدها شيئاً مُعجِزاً. أقول هذا بمناسبة اقتراب يوم الكتاب الذي تقام فيه المعارض وتنتشر الكتب حتى على الأرصفة وتقام حفلات التوقيع ولقاءات الكتاب بقرائهم وإصدار الجديد وإعادة الطبعات.. ويهرع الناس لشراء الكتب وتبادلها كهدايا مصحوبة بورد وعبارات جميلة، بحيث أن مدينة كبرشلونة مثلاً يباع فيها نصف مليون كتاب تقريباً في هذا اليوم وحده.
في 23 نيسان سيحتفل العالم بيوم الكتاب والذي يصادف ذكرى وفاة ثربانتس وشكسبير وغارثيلاسو ووفاة أو ولادة كُتاب آخرين من أمم مختلفة لا ذِكر لأي عربي بينهم، ولا بأس بالمشاركة في هذا اليوم وإن كنا غير مشاركين في تقريره على الرغم من عضوياتنا في اليونسكو. ولكن لماذا لانوجد لأنفسنا يومنا الخاص بالكتاب العربي أيضاً؟ بل وحتى يوم آخر للكتاب الوطني الخاص بكل بلد، فتخيلوا أن نحتفي بالكتاب ثلاث مرات سنوياً، بل وحتى إيجاد أيام خاصة بأجناس معينة، لم لا؟ كما هو حاصل مع اليوم العالمي لكتاب الطفل مثلاً والذي تم تحديده في 2 نيسان بمناسبة ميلاد الكاتب الدنماركي اندرسن. لن يكلفنا الأمر سوى التفكير قليلاً والاتفاق، وليكن يوم الكتاب العربي مثلاً في ذكرى وفاة الجاحظ الذي أمضى حياته بين الكتب ولأجلها ومات تحتها إثر سقوط مكتبته عليه، أو أي يوم متعلق بكتاب أو بكاتب نعتز به.. كتاريخ الطبعة الأولى من (ألف ليلة وليلة)، أو تاريخ متعلق بنزول (القرآن) أو جمعه أو طبعه باعتباره أهم الكتب بلغتنا وثقافتنا وعلى هذا النحو نشرك العامة وبقية المسلمين في يوم كهذا، أو نوجد يوماً خاصاً بالكتاب الإسلامي. ويومنا الخاص بالشعر مرتبطاً بأحد تواريخ المتنبي أو غيره من كبار شعراء عربيتنا، ويوم للحب متعلقاً بقيس وليلى أو بابن حزم أو بابن عربي الذي قال أن ديني هو الحب، بدل تعلقه بالقديس فالانتاين؟ ويوم للموسيقى متعلق بالموصلي أو بزرياب، ويوم للفن التشكيلي متعلق بالواسطي، عيد للمرأة متعلق بإحدى النساء العظيمات في تاريخنا.. وغيرها، مما نقلد فكرته ونعيد إنتاجه وفق خصوصيتنا. سيحترم الآخر هذه الخصوصية، بل وسيعتاد على تهنئتنا بها ومشاركتنا إياها كما هو حاصل وبقوة باعترافه بأعيادنا الدينية رمضان والأضحى، وبأعيادنا الوطنية التي اخترنا لها تواريخ الاستقلال، وكما هو حاصل مع مناسبات أمم أخرى حيث صار الناس يحتفلون ويقدمون التهاني للصينيين بالسنة الصينية، ومهرجان ريو خانيرو البرازيلي ويوم الأموات المكسيكي وغيرها من مناسبات بقية الشعوب.
ترى هل بلغنا من الكسل الذهني أو من صعوبة الاتفاق حتى على مسألة بالغة البساطة والرمزية كهذه؟ أم ترانا قد اعتدنا على التلقي والانصياع وحسب، بحيث ننتظر أن تأتي إلينا بمراسيم وقرارات رسمية وزارية أو من زعامات الإفتاء؟ لماذا لا تبادر إلى ذلك اتحادات الكتاب أو جمعيات الفنانيين أو حتى مجموعة من الكتاب والفنانيين بلا اتحادات ولا جمعيات، فهل تحتاج مجرد المبادرة أو التفكير إلى ترخيص أيضاً؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر في زاوية (جداريات) في الملحق الثقافي لصحيفة (الثورة) السورية بتاريخ 13/4/2010 العدد 687
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق