ذئبة الحب
والكتب.. رسالة عظيمة
عمار حمد
ذئبة الحب والكتب..
أدب الرسائل والملحمة التي لم يسبق لي أن أقرأ رسائل بهذا الجلال والجمال. وضع
الرملي بين سطورها سيرة حياته وشقيقه الراحل حسن مطلك رحمه الله.
أنهيت
الامتحانات النهائية قبل أيام ولهذا حريٌ بقارئ للرملي أن يأخذ استراحةً، خصصت له
الوقت والمزاج المناسبين.
لا شك أن الرملي وزّع شخوص الرواية الى شخصين:
(أنا) هو خط الرملي الذي وظف فيه بعضاً من سيرته
الذاتية، سارداً فيها حكاياته مع اصدقائه، شغفه في الكتابة وسفره بعد اعدام اخيه
ورعايته لأبنائه وبحثه عن هيام.
الثاني (هي) كان لهيام التي سردت حكايتها كرسائل تبعثها
الى حبيبها (حسن المطلك شقيق الرملي) الذي لم تراه ولكنها عشقته بجنون.
يحتمي محسن بمسرّاته الصغيرة، بروحِه التي تركض في آفاق
الصّلابة، برغبته الخالصة في أن يبقى متفرّدًا ومُضيئًا رغم كل شيء. أوصل لنا
الرملي من خلال كتابته ذئبة الحب والكتب رسالة.. رسالة للقراء بشكل خاص أن الحياة
لن تُعطيك كل ما تُحب، لكن القناعة تجعلك تُحب كل ما لديك وكأنَّك تملك بين يديك
كُل شيء. "الرسم يحتاج ورقةً وقلم رصاصٍ وسبعة ألوانٍ، أما الكتابة فتحتاج
جرحًا وورقةً وقلم رصاص" هذا ما قاله محمود درويش عندما سأله المذيع في أحّد
اللقاءات عن سبب تركهِ لهواية الرسم وتوجّهه للكتابة. الرملي من خلال كتاباته يكشف
لنا عن ألمه م جرحه بفقدان شقيقه حسن من قبل النظام العراقي الذي حكم البلاد قبل
العام ثلاثة بعد الألفان.
يكتب محسن من عمّان الى هيام في مدريد رسائل إلكترونية..
أعظم منازل العلاقات تتجلّى في أمان البعد، القدرة على أخذ مسافة من كلّ شيء حتّى
من أعزّ النّاس عنده، من غير قلق الجفاء والبديل، إنّها ناضجة في حبّها للشقيقين..
عندما تمنح ملء إرادتها حسن ومحسن مساحتها الخاصّة، مدركةً في قرارة قلبها أنّه ما
بيته الأوّل ووطنها الذي ترجع إليه مهما طال اغترابها.
ليست كل
امرأة عند الرملي يمكن استبدالها بأخرى، هناك امرأة لو ضاعت منك وفرطت بها فلن تجد
من يشبهها سوف تمضي بقية حياتك تجمع بقايا صورتها من ألف امرأة أخرى لكنك لن تتمكن
من جمعها لتعوض غيابها. وعلاقة محسن بهيام من العلاقات المبنية على النضج الفكري
بمعنى إن الطرف الثاني يكون فاهم إن الخصام والجدال شيء طبيعي لا علاقة له بنهاية
الطريق بينهما، تكون جنبه دائمًا تحتويه ولا يهون عليها زعله، تفهم إن المشاكل
واردة في جميع العلاقات وهي مجرد فترة وكل حاجة راح ترجع لطبيعتها.
رسالة محسن في هذه الرواية عظيمة.. عظيمة بحق
صدقاً كنت متخوفاً من نهايتها.. كنت أتمنى أن تطول أكثر.
لأنه لا يوجد علاقة في العالم تنتهي فجأة بلا مقدمات، هناك إشارات تحدث باستمرار
لكنك تحاول التغاضي عنها، إهمال علّلته بانشغال، برود علّلته بحالة مزاجية، تطاول
علّلته بظروف؛ كلما وجدت نفسك متورطًا في اختلاق التبريرات تأكد أن العلاقة في
خطر.
عمار حمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق