محسن الرملي: الرواية لن تستمر 15 عاماً
سماح إبراهيم
ـــ القاهرة ـــ
يحل العراق بقضاياه، ثيمة أساسية في أعمال الكاتب
العراقي المقيم في إسبانيا، الدكتور محسن الرملي، حيث يبقى الوطن ذا حضور قوي في
أعماق الإنسان مهما ابتعد، وتبقى قضاياه هاجساً في الفكر والمخيلة، ولكن الكتابة
الإبداعية عليها دوماً أن تجدد نفسها وموضوعاتها حتى لا تصل مرحلة التخمة ويُعرض
عنها القارئ، كما يؤكد الرملي في حواره مع (الخليج).
*خرجت من العراق باحثاً عن الحرية، فهل
وجدتها؟
ـــ وجدت الحرية بمفهومها المتعارف عليه، من حرية الرأي
والاعتقاد والقول والحركة، وفي الوقت نفسه أدركت أن الحرية المطلقة أو الحرية
الحُرّة تماماً لا وجود لها حتى الآن، لأننا نولد أصلاً وفي رؤوسنا قيود فرضت
علينا مع الرضاعة، ومن ثم تلتها قيود القوانين التي سنّها الإنسان بنفسه ليقيد
نفسه. مفهوم الحرية الحقة معضلة وقضية كبيرة من قضايا الإنسان التي ما زالت بحاجة
إلى قرون أخرى كي تنضج أكثر.
*تقيم في
إسبانيا منذ ربع قرن، فهل للأدب العربي حضور في الغرب؟
ـــ الموجود منه لا يمكن وصفه بالحضور، وإنما نماذج وعينات
تعتبر قليلة جداً قياساً إلى الإنتاج الثري للأدب العربي قديمه وحديثه، وأكثر ما
يتوافر منه هو ذلك الذي كُتب بلغات غربية أو حاز جوائز غربية، مثال أعمال أمين
معلوف والطاهر بن جلون ورفيق شامي وياسمينة خضرة ونجيب محفوظ، أما المتَرجم فيعد
قليلاً، وإن بدأ يتزايد تدريجياً مؤخراً، ولكن- بالقطّارة- ولم يشكل ظاهرة أو
حضوراً مهماً حتى الآن.
*رغم تصدّر الرواية عن الشعر والقصة القصيرة، إلا أنك صرحت ذات مرة بأنها لن
تستمر أكثر من 15 عاماً، فما السبب؟
ـــ ما قصدته هو عدم استمرارها بشكلها الحالي، حيث صارت مجرد
حكايات تفتقر للعناية بالكثير من العناصر الفنية وتخلو من الإبداع والابتكار
والرؤية، فهذه الوفرة بالإنتاج المتشابه ستؤدي إلى تشبع سوق التلقي بها، وعليه فلا
بد من ظهور تجديد معين ومختلف عما صار عادياً وسهلاً، كما حدث في مراحل تطور
الرواية التي نعرفها، فالذي لا يتجدد يموت، كما يقول المثل الإسباني.
*داخل كل مبدع يسكن ناقد، فإلى أي مدى تمارس النقد على إبداعك؟
*داخل كل مبدع يسكن ناقد، فإلى أي مدى تمارس النقد على إبداعك؟
ـــ رغم
ما حققته بعض أعمالي من نجاح، إلا أنني أعتقد أنه بسيطاً. عندما كتبت الرواية
الأولى لم أكن أفكر أن تنال رضا المتلقي فكتبتها على مزاجي، الآن عرفت وجوه القراء،
في دول أخرى وكيف يتلقون وينتظرون هذا العمل، فأصبح هناك نوع من التقييد لي كشخص
وكتعامل أخلاقي مع المتلقي فيسبب ذلك لي مشكلة، أصبحت كلمتي تؤخذ أكثر.
*ما بين الشعر والرواية والعمل الأكاديمي والترجمة، أي زاوية تجذبك صوبها
أكثر؟
ـــ أنا كاتب وأداتي هي الكتابة، أصنع منها الشعر والمسرحية
والرواية، والمضمون هو الذي يفرض الشكل، وحسب الانفعالات. ليس لديّ مشكلة في
التصنيف أو الثنائية الثقافية، فأنا متصالح مع الثقافات المختلفة التي أعيش فيها،
متصالح مع الأجيال ومع الأجناس الأدبية أيضاً.
*تُرجمت أعمالك إلى عدة لغات، فماذا أضافت لك؟
ـــ بالنسبة لأعمالي المترجمة، فقد ذكرتُ أنني استفدت من
القارئ الأجنبي أكثر من العربي، عندما يحب قارئنا العربي ما نكتب لا يعبر بدقة
وبشكل عملي عن التقنية والشكل، استفدت من الترجمة بحيث عرفت مواطن القوة في النص،
ولا تنهض ثقافة عبر التاريخ دون تلاقحها مع ثقافات أخرى. الترجمة فعل ضروري، ويجب
أن نوليها اهتماماً مضاعفاً.
*هل تعتقد أن العالم بحاجة إلى مشروع ثقافي كبير؟
ـــ ليس
هناك من يعمل على الثقافة، والناس تبحث عن سبب انتشار الرِدات السلفية أو الداعشية
وغيرهما، لأنهم اعتمدوا على المصادر القديمة. لم نقم بثورة تحديث حقيقية جديدة،
بعد الاستقلال، عملنا فقط على مفهوم الوطنية، لكننا لم نستمر في تطوير مفاهيم
الثقافة الوطنية والإنسانية، فكان هناك تقصير شديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر في صحيفة (الخليج) بتاريخ 1/4/2018م العدد 14196
http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/9cbf49c9-6c78-4ec5-95a3-d73efffdaaff
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق