لتحديث تعليم العربية
دبي- "ساحات التحرير"
شارك الكاتب والأكاديمي العراقي الدكتور
محسن الرملي في إعداد واحد من أهم التقارير الخاصة باللغة العربية، وذلك ضمن لجنة
ضمت نخبة من كبار الشخصيات والخبراء من تربويين وأكاديميين وسياسيين وإعلاميين
وأدباء بارزين لتقديم تقرير شامل بشأن تحديث تعليم اللغة العربية، واقتراح أساليب
وآليات متطورة وجديدة تسهم في تعزيز استخدامها وتعليمها لأبنائها والناطقين بغيرها
ووضع التوصيات التي من شأنها النهوض بطرائق تحديث تعليمها وتطوير مناهجها بما يواكب
متطلبات العصر ويسهم بتعزيز حضورها كلغة للعلم والثقافة والمعرفة والحياة.
وقد ضمت اللجنة بالإضافة إلى الدكتور
الرملي، ورئيسها العالم المصري الدكتور فاروق الباز مدير مركز الاستشعار عن بعد
بجامعة بوسطن بالولايات المتحدة الامريكية، كلاً من فضيلة الإمام الدكتور أحمد
الطيب شيخ الأزهر الشريف والدكتور عبد السلام المجالي رئيس مجلس الوزراء الأسبق في
المملكة الأردنية ورئيس مجلس إدارة أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم والدكتور ياسر
سليمان أستاذ اللغويات في جامعة كامبردج والشاعر الدكتور فاروق شوشة أمين عام مجمع
اللغة العربية في القاهرة والدكتور ويليام غرانارا مدير برنامج اللغة العربية في
جامعة هارفرد والدكتورة روناك حسني رئيسة قسم دراسات اللغة العربية والترجمة في
الجامعة الأمريكية في الشارقة والدكتورة فاطمة البريكي رئيسة قسم اللغة العربية في
جامعة الإمارات والدكتورة منيرة الغدير مديرة مركز الدراسات العليا والأبحاث في
معهد دراسات الترجمة بجامعة حمد بن خليفة في قطر والدكتور نايف المطوع مؤسس ومدير
"مجموعة تشكيل الإعلامية" والدكتور عبيد المهيري مدير معهد اللغة
العربية في جامعة زايد والدكتورة بروين حبيب الشاعرة وإعلامية.
وكانت هذه اللجنة قد شُكلت بمبادرة من
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس
الوزراء، حاكم دبي، في 23 أبريل 2012 والذي التقى بأعضائها في اجتماعهم الأول
وتابع عملها على مدى عام إلى أن انتهت مؤخراً من إنجاز تقريرها الذي عنونته
"العربية لغة حياة" وسلمته إليه في احتفالية كبيرة أقيمت لهذا الغرض في
دبي حضرها عدد من الوزراء والشخصيات والمفكرين والكتاب والباحثين والخبراء
والأكاديميين والطلاب وجمع من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية،
حيث عقدت اللجنة مؤتمراً صحفياً أشارت فيه إلى أن تقريرها قد بُني على دراسة علمية
فعلية وميدانية معمقة لواقع تعليم اللغة العربية، وأساليب تدريسها، والتحديات التي
تواجهها في الوطن العربي والعالم.
وقال الدكتور محسن الرملي في المؤتمر
الصحفي بأن أحد مميزات هذا التقرير عما سبقه من تقارير ومؤتمرات تتعلق باللغة
العربية هو انطلاقه من نظرة تفاؤلية، ذلك أن الإشكاليات التي تواجهها لاتختلف
كثيراً عما تواجهه بقية اللغات وأن معالجة هذه الإشكاليات ليست بالمستحيلة إذا ما
قارنا الأمر بلغات أخرى كانت ميتة أصلاً وتم إحيائها، كما أن هذه النظرة التفاؤلية
ترى في اللهجات سنداً وروافداً للفصيحة لاخصماً لها. وأضاف الرملي الذي ترأس
اللجنة الفرعية المنبثقة عن هذه اللجنة والخاصة بتعليم العربية للناطقين بغيرها:
إن الاهتمام بتعلم العربية يزداد في أنحاء العالم ومن قبل أكبر المؤسسات الدولية
وأعرق الجامعات بحيث ارتفعت نسبة المقبلين على تعلمها لتتجاوز المائة بالمائة
أحياناً، وإذا كانت الدوافع العامة لإقبال الناس على تعلم الإنكليزية هي المصلحة
ولتعلم الإسبانية الفضول الثقافي فإن اللغة العربية تجمع الدافعين معاً. ودعى
الدول العربية إلى تأسيس سلسلة من المعاهد الثقافية في كل عواصم العالم أسوة بما
تفعله بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا بسلسلة معاهد غوته وإسبانيا بمعاهد ثربانتس
ولتكن مثلاً حاملة لاسم المتنبي أو الجاحظ أو العربية ذاتها فتعلم اللغة وتقيم
النشاطات الثقافية وتصدر المطبوعات وتقوم بالترجمات وغيرها، وقال إن الاستثمار
الحقيقي وطويل المدى هو الاستثمار الثقافي.
وحث الرملي ضمن مشاركته في محور
"ثقافة القراءة" في التقرير على ضرورة نشر طبعات مبسطة ومناسبة
لاهتمامات الشباب من الكتب القيمة في التراث العربي وتبسيطها بحيث يتم استبعاد
المفردات صعبة الفهم والتراكيب والصيغ المعقدة واستبدالها بمفردات حديثة ومبتكرة
لتكون ملائمة للقارئ العربي وإعدادها بشكل وأسلوب شيق إيجازا وتقنية وتقديما تناسب
كل المراحل التعليمية " الابتدائية والإعدادية والثانوية " بهدف جعلها
متاحة لطلاب اليوم بما يتطابق مع شعار اللجنة اللغة "العربية لغة حياة ".
وأخيراً تمنى الرملي على الجميع، مؤسسات
وأفراد، الأخذ بجدية ولو ببعض ما جاء في هذا التقرير لما فيه خدمة اللغة العربية
وبالتالي خدمة الجميع، وخاصة أن هذا التقرير قد استند إلى نتائج أحدث الأبحاث العلمية والدراسات في مجال تعليم اللغات
وتعلّمها، وعلى سلسلة من الدراسات الميدانية التي أجريت مع أصحاب الخبرة حول واقع
اللغة العربية وأساليب تعليمها وتدريسها والتحديات التي تواجهها ليركز على وضع
الأسس العملية لتحديث تعليمها؛ مما يجعل منه خطّة عمل تؤدّي إلى حراك ذي خطوات
واضحة المعالم وممكنة التطبيق، كما التزم التقرير بلغة علمية وواقعية مباشرة لتصبح
أفكاره بمتناول الجميع من صناع القرار ومسؤولي الوزارات والمدرسين والاداريين
والاعلاميين والطلاب. ويمكن الاطلاع عليه عبر الموقع الالكتروني (العربيةلغةحياة.امارات)
(www.arabicforlife.ae ).
يذكر أن محسن الرملي هو كاتب وأكاديمي
ومترجم عراقي يقيم في إسبانيا منذ 1995. حاصل على الدكتوراه بامتياز مع درجة الشرف
من جامعة مدريد (أوتونوما) بكلية الفلسفة والآداب عن أطروحته: (تأثيرات الثقافة
الإسلامية في الكيخوته)، ويعمل
حالياً كأستاذ في جامعة سانت لويس الأمريكية في مدريد. يكتب بالعربية والإسبانية،
وله أكثر من عشرين كتاباً منشوراً تنوعت بين الرواية والشعر والمسرح والترجمات،
منها رواياته «الفتيت المبعثر» التي فازت ترجمتها الإنكليزية بجائزة أركنساس 2002
و«تمرالأصابع» التي رُشّحت للجائزة العالمية للرواية العربية عام2010. و(حدائق
الرئيس) التي وصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2013. تُرجمت بعض أعماله
لأكثر من لغة، وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية والمهرجانات ومعارض الكتاب.
له عشرات المواد المنشورة في الصحافة الثقافية العربية والإسبانية
والأمريكو-لاتينية. تَرجم العديد من الأعمال الأدبية بين اللغتين العربية
والأسبانية. عضو جمعية الكتاب والمترجمين المحترفين الأسبان، عضو في النادي
العالمي للصحافة، عضو في هيئة تحرير مجلة (آركيترابه) الثقافية الكولومبية. وهو
شريك في تأسيس وإدارة دار نشر ومجلّة «ألواح» الثقافية الفكرية في مدريد 1997
والتي أصدرت أكثر من سبعين كتاباً من بينها مناهج لتعليم العربية للأسبان.
----------------------------------------
*نشرت في (ساحات
التحرير) بتاريخ 2/6/2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق