الخميس، 31 أكتوبر 2024

الوعي السردي بالواقع العراقي في روايات محسن الرملي

 

دراسة:

الوعي السردي بالواقع العراقي المعاصر

قراءة في روايات محسن الرملي 

أ.م. د. سامان جليل إبراهيم



*نشرت في مجلة الدراسات اللغوية، جامعة تكريت، مجلد8، عدد 10 سنة 2024م العراق.30صفحة

https://jls.tu.edu.iq/index.php/JLS

https://jls.tu.edu.iq/index.php/JLS/article/view/1229/1087

الاثنين، 28 أكتوبر 2024

فحوصات ثقافية/ معارض الكتب/ محسن الرملي

 

فحوصات ثقافية

أعراس الكُتب 

بقلم: الدكتور محسن الرملي

يعود تاريخ معارض الكُتب إلى أواخر القرن الخامس عشر، أي بعد اختراع المطبعة بقليل، وكانت في بداياتها للمحترفين فحسب، من أصحاب المهن المتعلقة بصناعة وإنتاج الكتب، مؤلفين وناشرين وطباعين ومصممين وتُجار، ثم توسعت تدريجياً لتشمل المستهلكين، أي القُراء، فانتشرت وازدهرت في مختلف أنحاء العالم منذ مطلع القرن العشرين، بحيث صار لأغلب المدن معرضها السنوي الخاص.

شخصياً، وبعد نصف قرن تقريباً، من معاشرتي للكتب؛ قراءة وكتابةً وترجمة وتصنيفاً وطباعة ونشراً ودراسةً وتدريساً واقتناء وترويجاً، ومشاركتي في شتى الفعاليات المتعلقة بالكتب؛ ندوات ومؤتمرات ومهرجانات وملتقيات وأمسيات وتقديمات ومعارض في مختلف البلدان، أستطيع القول بأن معارض الكتب؛ هي أهم وأكبر وأجمل وأنفع تلك الأنشطة قاطبة، ففيها، وعلى مدى عشرة أيام، يلتقي القراء والكُتاب والناشرين والمحررين والوكلاء والمصممين والصحفيين والمترجمين والأساتذة والتلاميذ والتجار والفضوليين والحالمين وكل المهتمين، أفراداً وجماعات وعائلات ومؤسسات.. والكل يخرج منها رابحاً؛ مادياً أو معنوياً ومعرفياً.

ومن حسن الحظ؛ أن معارض الكتب في بلداننا العربية، تطورت كثيراً، منذ انطلاقتها في خمسينيات القرن الماضي، ومازالت فاعلة ومرغوبة وتزداد عدداً وازدهاراً، حتى تحوّلت إلى أبرز ظاهرة ثقافية تهم الجميع، ولها دورها المؤثر في مسيرة التنمية الثقافية الاجتماعية، لذا أرى أن يتم استثمارها أكثر علمياً وعملياً، ومن ذلك؛ تشكيل لجان تقصي وإحصاء، لكل معرض، تنشر نتائجها لاحقاً، حول كل ما يتعلق بنسبة القراءة والمبيعات، نوعية الكتب التي يقرأها الناس هذا العام، العناوين الجديدة حسب التصنيفات، تأشير سلوكيات وتوجهات المجتمع، استبيان الآراء حول شؤون ثقافية وما إلى ذلك، مما سيخدم الدارسين والمهتمين والمخطِّطين ثقافياً واقتصادياً وسياسياً.

ملاحظة أخرى أود الإشارة والتنبيه إليها، صرنا نشهدها في معارض الكتب العربية، وليس العالمية، وقد لا تكون – على المدى الطويل - لصالح الكُتب وأهلها، ألا وهي ظاهرة تزايد دعوة مشاهير وسائل التواصل والطباخين والمطربين والممثلين والمذيعين والرياضيين الذين ليس لهم أية علاقة بالكتب، وأغلبهم لم يقرأ كتاباً في حياته، منذ مغادرته المدرسة. يتم تخصيص مساحات وفعاليات رئيسية لهم، وتسليط الأضواء عليهم والاحتفاء بهم، على حساب دعوة وحضور الكُتاب والشعراء والمترجمين والأكاديميين الذين أمضوا كل حياتهم في هذا الميدان... صحيح أن معارض الكتب لدينا صارت تستحق – بجدارة - أن نسميها (أعراس الكُتب)، ولكن، من المعروف والبديهي؛ ألا تتم الدعوة في الأعراس، لتصدُّر المَشهَد، إلا لأولئك الذين لهم صلة بالعرس وأهله. علماً بأن أولئك المشاهير المدعوين، لهم مناسباتهم ومهرجاناتهم وأعراسهم التي لا يدعون إليها أي كاتِب، ولو كان تولستوي زمانه، لأنهم لا علاقة لهم بالكتب ولا تخطر لهم على بال، وهكذا فهم في معارض الكتب لا يحدثوننا عن الكُتب، وإنما عن اختصاصاتهم هم، طبخ وغناء وأزياء ورياضة، وعلى حد قول ساراماغو: الجميع يقولون لي يجب عليّ أن أمارس الرياضية لأنها مفيدة لصحتي، لكنني لم أسمع قَط، أحداً يقول لرياضيّ: عليك أن تقرأ.

ختاماً واختصاراً، أرى أن تكون دعوة أي منهم – كضيف - مشروطة بعلاقتها بالكتُب، كأن يكون قد أصدر كتاباً، أو ليُشارك في تقديم كتاب صدر عنه أو لتقديم فعالية تخص الكُتب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت في مجلة (الناشر الأسبوعي)، العدد 73، نوفمبر 2024م

https://xsi.sibf.com/content/uploads/publisherweekly/pdf/2_89fda94e6aef4bf4abd29721aac779.pdf

الأحد، 27 أكتوبر 2024

الزمان والمكان في رواية تمر الأصابع لـ (محسن الرملي)

دراسة:

تأثير الزمان والمكان على الأحداث والشخصيات

في رواية تمر الأصابع لـ (محسن الرملي)

The Influence of Time and Place on Events and Characters

in the Novel “Dates On My Fingers’’ by Muhsin Al-Ramli 

الباحث حسام سعود عبيد، ماجستير اللغة العربية وآدابها من جامعة شهيد تشمران أهواز، أهواز، إيران.

د.خيریة عجرش، أستاذة مشارکة بجامعة شهيد تشمران أهواز، أهواز، إيران (الکاتب المسئول).

د. محمود آبدانان، استاذ بجامعة شهيد تشمران أهواز، اهواز، إيران.

تعتبر رواية "تمر الأصابع" للكاتب محسن الرملي واحدة من الأعمال الأدبية التي تركز على مفهوم الزمان والمكان وتأثيرهما في الشخصيات والأحداث في الرواية. فيها يتحدث الكاتب عن حياة شخصيتين مختلفتين في فترات زمنية مختلفة، ويستخدم الزمان والمكان بشكل مباشر لتوجيه تفاعلات الشخصيات وتحديد مسار الأحداث في الرواية، وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل البنية الزماكنية في رواية "تمر الأصابع"، وتوضيح كيفية استخدام الكاتب للزمان والمكان في الرواية. وذلك من خلال الكشف عن العلاقة بين الزمان والمكان والشخصيات، وكيفية تأثير كل منهما في الآخر، وسيتم في هذه الدراسة تحليل البنية الزماكنية في الرواية بشكل شامل، بدءًا من تحديد المواقع الزمانية والمكانية في الرواية، ومن ثم تحليل العلاقة بين هذه المواقع وتفاعلات الشخصيات وتطور الأحداث في الرواية. كما سنقوم بدراسة أساليب الكاتب في استخدام الزمان والمكان للتأثير على الشخصيات والأحداث في الرواية، وكيفية توجيهها وتحديد مسارها لتخبر المخاطب عن واقع المجتمع، ويأتي أهمية هذه الدراسة في فهم أكثر للعلاقة بين الزمان والمكان والشخصيات في الأدب، وتوضيح كيفية استخدام الكاتب للزمان والمكان في توجيه تصرفات الشخصيات وتحليل الأحداث في الرواية. كما ستساعد هذه الدراسة على فهم أعمق لرسالة الرواية والمعاني التي يراد إيصالها من خلال استخدام الزمان والمكان فيها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت في مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية، مجلد 16 عدد 1، ج1 نيسان 2024م

https://www.researchgate.net/publication/379451270_tathyr_alzman_walmkan_ly_alahdath_walshkhsyat_fy_rwayt_tmr_alasab_l_mhsn_alrmlyThe_Influence_of_Time_and_Place_on_Events_and_Characters_in_the_Novel_Dates_On_My_Fingers''_by_Mohsen_Al-Ramli

السبت، 26 أكتوبر 2024

كاميرا السارد في قصص محسن الرملي /نور عبدالغني

 

دراسة

كاميرا السارد القصصي في قصص محسن الرملي 

م.م. نور عبدالغني عبدالرحمن

 

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت في (مجلة الدراسات المستدامة) مجلة علمية محكمة، السنة6، المجلد6، العدد1، ملحق2، آذار 2024م

https://www.joss-iq.org/2024/03/02/%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%b1%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%b1%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b5%d8%b5%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%82%d8%b5%d8%b5-%d9%85%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%85%d9%84/



الخميس، 17 أكتوبر 2024

فحوصات ثقافية/ أبو الفنون، المسرح/ محسن الرملي

 

فُحوصات ثقافية

أبو الفنون يحتاج إلى أبنائه 


بقلم: الدكتور محسن الرملي

يشكو المسرح، أبو الفنون، منذ أعوام، من تناقص المشاهدين، من عزوف الجمهور أو حتى إعراضه تماماً عن الذهاب إلى المسارح، وهنا، أرى بأن يعود المسرح إلى ما كان يمارسه في بداياته الأولى، أي أن يذهب هو إلى الجمهور، أن تعاود الفِرق المسرحية خروجها من العواصم إلى المدن الأخرى والتجوال في البلدات الصغيرة والقرى النائية، الذهاب إلى الجامعات والمدارس والمصانع والمؤسسات، الخروج إلى الشوارع والساحات والأسواق وإلى حيث يوجد الناس. ها هو الشِعر يحاول ذلك، فبعد أن أعلن البعض عن موته، وأولهم الناشرون طبعاً ـــ يقابلهم المنتجون في المسرح ـــ خرج الشعراء بحثاً عمن يسمعهم، وعبر كل الوسائل، كما نشهد ظاهرة آلاف المهرجانات الشعرية في العالم، بحيث أشك بأن أي عصر آخر، بما فيها عصور ازدهار الشِعر، قد كان لها كل هذا العدد الهائل من المهرجات والملتقيات الشعرية، هذا عدا نشاطات المقاهي الثقافية والمكتبات وأمسيات القراءات الشعرية بكثافة تستحق الإعجاب والتقدير، فالشعر على هذا النحو، يقاوم الدعوات بموته.. أو الدعاء عليه بالموت، وهو وإن لم يحل الأزمة، لكن محاولاته هذه، بحد ذاتها، إيجابية ورائعة، أبقته حيّاً.

يشخص المسرحيون بأن الشاشات هي التي اختطفت جمهورهم منهم، ابتداءً بشاشة التلفزيون ثم السينما وصولاً إلى شاشات الكمبيوتر والهاتف، وهذا تشخيص واقعي، أرى أن عليهم الانطلاق منه تحديداً، لأن التشخيص هو نصف العلاج كما يقول الأطباء، فهذه الشاشات قد زادت من عزلة الإنسان وجعلت علاقته المباشرة، الحيّة والحميمة بالإنسان الآخر أشبه بالمقطوعة، مع أن اسمها وسائل اتصال وتواصل، وهي تكرس كل يوم، انفصالنا عن الحي والدافئ الإنساني، لتقصر تواصلنا عبر الأسلاك والشاشات، كل منا في حجرته، وتزيد من التعقيد في علاقاتنا وارتباكنا عند التعامل المباشر.

لذا فهي فرصة المسرح كي يعاود استثمار إحدى أهم خصائصه التي انطلق منها، وهي: اللقاء الحي، المباشر والحميمي بين الإنسان والإنسان، مُجسَّداً من لحم ودم ومشاعر وتفاعل انفعالي وعاطفي وذهني ملموس، تجمعهم درجة حرارة واحدة وتلفهم العتمة ذاتها أو يضيئهم المصباح نفسه ويجمعهم الزمان والمكان ذاته، سواء أكان قاعة بجدران أو فضاء مفتوح، وهذا أمر تفتقر إليه علاقات الشاشات.

أرى أن على المسرح أن يستثمر هذه النقطة تحديداً، وألا يكتفي ببضعة مهرجانات في العام، في بضع مسارح في بعض العواصم ولبضع أيام، وأغلبها أعمال تجريبية، لا يحضرها سوى المشاركون أنفسهم، وعلى المسرح تجنب الإكثار من توظيف التكنولوجيا، بحجة التحديث، بحيث صار يجلب الشاشات، التي نتوق للاستراحة منها، إلى داخل المسرح نفسه، عليه التقليل من المبالغة والاغراق بالتجريب، وأن يعيد لعنصر النص دوره الأساسي بعد أن همشه المخرجون، وأن يُكثر من تناول قضايا الناس المحلية والعالمية اليوم، بدل تكرار سوفوكليس وأسخيلوس وشكسبير وبريخت وغيرهم، وأن يُكثر من الكوميديا وسط هذا الحزن والبؤس المحيط بنا... على أبناء المسرح تحديداً؛ رفض مقولة "قتل الأب"، ألا نكتفي بتكرار الشكوى من غياب الجمهور، وإنما نذهب للبحث عنه بأنفسنا، فالذي زرته مرتين بنفسك وأحبك، سيسعى لزيارتك بنفسه في المرة الثالثة. وببساطة، فكما يقول المثل الإسباني: "إذا لم يأتِ الجبل إلى محمد، فليذهب محمد إلى الجبل".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت في ملحق مجلة (الناشر الأسبوعي)، السنة 3 أكتوبر 2024م

https://xsi.sibf.com/content/uploads/publisherweekly/pdf/2_ca97d69465474eee938f68592396bd.pdf

الجمعة، 20 سبتمبر 2024

لهذا نكتب الروايات / خلود الفلاح

 

هذا زمن الرواية، والشعر جنس أقلية؛ "لهذا نكتب الروايات"

كتاب يضم ستة حوارات وعشر شهادات لروائيين إسبان 

خلود الفلاح

الشهادات والحوارات بمثابة الكشف عن الجانب الخبيء من حياة الكاتب وعلاقته بالعالم المحيط، حبه للكتابة، وسعيه لخلق رؤيا وأفكار معاصرة.

كتاب (لهذا نكتب الروايات: شهادات وحوارات مع روائيين إسبان) ترجمة وتقديم الروائي العراقي محسن الرملي، هذه الحوارات والشهادات تتناول كما يقول الرملي “أكثر من مسألة مهمة، فعدا شؤون الرواية، وضعها الحالي وآفاق مستقبلها من حيث الدور والتقنية واللغة، تم تبادل وجهات النظر عن حاضر العالم سياسياً واجتماعياً وثقافياً. وماهية دور المثقف في ذلك بشكل عام، والروائي بشكل خاص”، ويضيف: نجد التطرق إلى مسائل كالوحدة الأوروبية، العولمة، الهويات، الجماعة، الفرد، التاريخ، الحروب، الفن، الواقع، الخيال، الهجرة، الاغتراب، الأيديولوجيات، الأديان، التكنولوجيا والكتابة كل ذلك يكشف لنا عن طبيعة رؤية الروائيين الإسبان للعديد من القضايا، ومنها على وجه الخصوص فهمهم للفن الروائي.

تحكم القارئ

وحول مدى إطلاع الروائي الإسباني على المنجز الروائي العربي، وما هي أسباب ضعف الترجمة الإسبانية للأعمال العربية في مختلف الفنون، يقول الروائي رافائيل ريج: معرفتي بالأدب العربي أقل مما يجب، ولكن أعرف ما قد أصبح جزءاً من موروث الثقافة العالمية مثل ألف ليلة وليلة. أعرف الأدب الأندلسي والذي هو في نظري فرع من الأدب العربي بما فيها الأدب الأندلسي المعاصر.

ويفسر ضعف الترجمة الاسبانية للأعمال العربية، بسبب الإمبريالية الثقافية، مثلما يحدث مع الأدب الإسباني في الساحة الإنجليزية، بينما نرى الأدب الأمريكي يهيمن، أيضا انتشار ما يكتبه الغرب عن الثقافة العربية والإسلامية بغض النظر عن مستوياته ومدى انصافه، أكثر مما نجد كتابات العرب والمسلمين عن أنفسهم. حيث لا يبذل جهد لترجمة الأدب العربي. إن ما يحدث هو شكل من أشكال المتاجرة باستغلال الأحداث. وهذا نوع من الاستعمار الجديد.

في المقابل، يرى الروائي مانويل فرانثيسكورينا، أن الأدب العربي والثقافة العربية تعاني من أحكام مسبقة عليها من قبلنا وفي الغرب كله. وهذا متأثر بالمناخ العالمي السائد وخاصة السياسي، فمثلاً، حتى الوصول إلى جائزة نوبل لكل من نجيب محفوظ وأورهان باموق لم تؤثر كثيرً في تغيير هذا التصور عما هو عربي وإسلامي.

ويشير رافائيل ريج إلى أن التجريب والتمرد في الرواية الإسبانية خلق قطيعة مع القارئ، لذا قررنا ألا تكون أعمالنا عبارة عن مونولوج داخلي ومغرق في الذاتية. لذلك عدنا إلى تقديم الرواية البوليسية، الفكاهية، النسائية، روايات الأعمار والأجيال. هذه الأعمال يفهمها القارئ ويثق بجديتها. إذ كان المطلوب البحث عن متلقي مكمل وشريك ولاعب مع الكاتب، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الإنسان المعاصر.

يؤمن رافائيل ريج، أن الرواية أكثر انتشاراً في إسبانيا في مقابل تراجع الشعر، يعني ذلك “الشعر أصبح جنس أقلية، مثل الأوبرا، والموسيقى الكلاسيكية، والمسرح، وصار يدرس في الجامعات وتتم قراءته خلال مرحلة قصيرة ومبكرة من العمر. بعد ذلك يتم التخلي عن قراءته. أعتقد أن للمجتمع وتحولاته تأثيرا في ذلك التخلي عن الشعر”.

في حين أعتبر الروائي مانويل فرانثيسكورينا أن الحركة الشعرية الإسبانية تعيش لحظة جيدة. فقد كانت دائما جزءاً جوهريا من الثقافة والطبيعة الإسبانية.

آلاف الروايات يوميا

في شهادته المعنونة ب “أكتب الرواية لهذه الأسباب” يتحدث الروائي خافيير غارثيا سانجث، عن أهم الأسباب التي تدفعه إلى كتابة الروايات وهي أن قراء الرواية يجدون في الروايات مصدراً يساهم في تشكيل حياتهم، ويضيف: “أكتب الرواية لأنه على الرغم من كل شيء، مازال عندي إيمان أعمي بالجمال والكرم، مازالت أؤمن بالأشياء وبالقضايا الحميدة، التي تكرم الإنسانية”.

ويعترف الروائي خافيير مارياس، أن الأسباب التي قد تمنعه من كتابة الرواية أن هناك روايات أكثر من اللازم، وثمة أناس أكثر مما ينبغي يكتبونها. ويضيف: تصدر دور النشر آلاف الروايات، وآلاف الروايات الموجودة على رفوف المكتبات، إضافة إلى آلاف الروايات التي تم رفضها من قبل دور النشر.

ويستطرد “لمن الهزل بذل الجهد في كتابة الروايات لغرض الشهرة، كما أن كتابة الروايات لا تجلب الزهو، ولا حتى للحظات على العكس مما يحظى به المخرج السينمائي أو الموسيقي أو أولئك الذين يستطيعون ملاحظة رد فعل المشاهدين”.

ويؤمن الروائي روبرت سالادريغاس أن رواية المغامرة لم تمت من حيث العمق، وإنما قد قامت فقط بتغيير وضع أهدافها من حيث الحيز في الحياة. فقد انتقلت بمكانها من ضوء الشمس إلى عتمة متاهات الإنسان المعاصر.

وأن الرواية الأوروبية بشكل عام، قد اقتربت أكثر إلى الفحص النفسي، الباطني لما تفتقر إليه الحياة، وترد على المهيمنات في زمن مفعم بالخبرة، هذا الزمن الذي يعيش بين أحضانه الروائي كفرد آخر وسط أفراد تائهين.

وهذا يفرض على الكاتب أن يكون منتبها للتحولات التي تحيط بعمله للوصول إلى جودة أفضل للعمل الروائي.

ويسأل الروائي لويس ماثيودييث من خلال شهادته المعنونة ب “الرواية الحديثة لا تقلد الحياة وإنما تحاول تعويضها” ما الذي سيكون عليه مصير الرواية الأوروبية في وقتنا المعاصر؟ لماذا يجب علينا أن نؤسس الرواية كمرآة قريبة، إلى جانب الموازنة بين ما يلائم استمرار إرثها، وما هو ليس ضرورياً؟

ختاما، لابد أن نقول إن كتابة الرواية في عالمنا اليوم تحولت إلى صنعة، إبداع يقترب من الواقع ويحاول تجسيده وتوثيق ما يحدث.

يضم الكتاب ستة حوارات وعشر شهادات لروائيين إسبان، في محاولة لإعطاء إضاءة وافية عن المشهد الروائي الإسباني والقضايا التي يتناولها وتطور أدواته، وكيف ينظر الروائي الإسباني إلى الأدب العربي؟ وما هي أسباب ضعف الترجمات الإسبانية للأعمال العربية؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشر في موقع صحيفة (الصباح) الليبية، بتاريخ 19/9/2024م

https://alsabaah.ly/%d9%84%d9%87%d8%b0%d8%a7-%d9%86%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a7%d8%aa/?fbclid=IwY2xjawFaOLVleHRuA2FlbQIxMQABHVNijXVV9KdxEDpQPdhyP-9fK2IOmMph1mQx6cvXLrO3e8uKBYrZrUI6Pw_aem_38KlaSmwJcb_hBmkdDvDlA



الخميس، 29 أغسطس 2024

فحوصات ثقافية، الصور والكلمات، محسن الرملي

 

فُحوصات ثقافية

الصُوَر والكلمات.. يَداً بيد 

بقلم: الدكتور محسن الرملي

ها نحن نُنهي عطلتنا الصيفية، بحصيلة من مئات الصور التي التقطناها، والتي سنضيفها إلى أرشيفنا الشخصي، المُتخم بآلاف الصور أصلاً. ولو سألت: لماذا كل هذا؟ سيأتيك الجواب سريعاً كبديهة: من أجل الذكريات، أو لأغراض التوثيق، أو الفن أو لمشاركة الآخرين، أقرباء وأصدقاء ووسائل تواصل... لا بأس، فذاكراتنا فعلاً، لم تعُد تتسع لكل هذا الكم المهول من المشاهِد والمعلومات والذكريات والتفاصيل، التي تهطل علينا على مدار الساعة، فصرنا بحاجة للمزيد من ذاكرات الأجهزة الإلكترونية لحفظها.

يُقر الجميع بأننا نعيش في عصر الصورة، وأصبح التصوير هو أكثر "الفنون" التي يستهلكها وينتجها الناس يومياً، مما قاد إلى كسر حواجز شروط التصوير الفنيّة التقليدية، ولم تعُد جودة الكاميرات فارِقة كثيراً، كما في السابق، فما أكثر اللقطات العفوية بهواتف عادية، التي حازت على شُهرة أو جوائز دولية.

إن قضية طغيان الصور في حياتنا اليوم، تحتاج إلى المزيد من الوقوف عندها وتأملها. وفيما يتعلق بي ككاتب، أداة اشتغاله الأساسية، هي الكلمات. أعترف بانتصار الصور على الكلمات، ولكن يعز عليّ الإقرار بالهزيمة.. ففي الوقت الذي تتفق فيه الغالبية، على أن الصورة الواحدة تعادل ألف كلمة، ويزداد استخدامها، بشكل تسونامي، في الإعلام والإعلان، لأن تأثيرها أسرع ومباشر، على مختلف مستويات التلقي، لا فرق بين مُتعلّم وأُمي. أشك بقدرة صورة فوتوغرافية على التعويض أو التعبير عما في صورة شعرية مصنوعة من كلمات، وتحضرني بعض الأبيات، نموذجاً، كقول المتنبي: "أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ"، وامرؤ القيس: "مُكِر مُفِر مُقبل مُدبر معاً، كجلمود صخر حطه السيل من عَلِ"، والبحتري: "فحاوَلن كتمان الترحُل في الدجى، فنمّ بهن المسكُ حين تضوعا"، وأبو تمام: "السيفُ أصدقُ إنباءً من الكتبِ، في حدّه، الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ"، وتميم بن مقبل: "ما أطيبَ العيشَ لو أن الفتى حجرٌ"، والهذلي: "هجرتك حتّى قيل لا يعرف الهوى وزرتك حتّى قيل ليس له صبرُ"، والسياب: "عيناك غابتا نخيل ساعة السحر. عيناك حين تبسمان تورق الكروم".

إن بضع كلمات، أو حتى كلمة واحدة، قادرة على تحريك وقلب معنى الصورة تماماً، مثلاً: صورة لجثة مضرجة بالدماء، سيختلف النظر إليها، لو أرفقناها بكلمة، مثل: جريمة، حُب، انتحار، قصاص، غدر، إعدام، تضحية. وصورة طفل يركض باكياً، لو أرفقناها بكلمة، مثل: حرب، فوز، ضياع، جوع، شوق، يُتم، عودة، فَرح. إن الكلمة تستحث التخيّل وتنشطه، فتجعل متلقيها مُشاركاً، فيما تُقيّد الصورة الخيال، فلا غرابة في رفض ماركيز تحويل روايته (مئة عام من العزلة) إلى فلم.

ومن جهة أخرى، بالنسبة لي ككاتب، صارت الكاميرا رفيقاً لدفتر الملاحظات، الذي اعتدتُ حمله، في الحل والترحال، لأن الصور تُعينني في القبض على التفاصيل، وتُشكّل رافداً إضافياً إلى مصادري في جمع المواد الأولية للنص. ألجأ إلى التصوير، حين لا أتمكن من التدوين، أو عندما أذهب قصداً إلى أماكن ستكون جزءاً من نص، إضافة إلى اللقطات اليومية... ومن خلال أرشيف الصور، أستعيد، أثناء الكتابة، ملامح المناخات والأحداث والشخصيات والتفاصيل، مما سيسهل عليّ وصفها أدبياً. الكتابة ذاكرة والتصوير ذاكرة أيضاً، وعلى هذا النحو يُثري التصوير كثيراً ذاكرة الكتابة، وتُثري الكتابة معاني الصُور وتأويلاتها، ويُستَحسن أن يسيرا يداً بيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت في مجلة (الناشر الأسبوعي)، العدد 71 سبتمبر 2024م

https://xsi.sibf.com/content/uploads/publisherweekly/pdf/2_5668a793963447aa932184b3db24bb.pdf